الرئيسية | أقلام حرة | بين الإسلامي والمسلم2

بين الإسلامي والمسلم2

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
بين الإسلامي والمسلم2
 

تابع..

هم يتوقون إلى إقامة نظام حكم يضمن وحدة الأمة المنصوص عليها ذكرا، والعدل في الحكم، والحكم بما أنزل رب السماوات والأرضين، وسيادة العدالة الاجتماعية، وضمان سريان التشريعات على الجميع، وضمان مراقبة ومحاسبة السلطة القائمة، وضمان توزيع عادل للثروة، وضمان تطليق السلطة من المال... أي أنهم يجمعون بين المطالب النضالية في مجالات الحرية والكرامة والعدالة والرفاهية، وبين "المنهج السلفي"، أي اعتماد الشريعة الإسلامية في الحكم والتشريع والمرجع.. أي يسعون لتحقيق تلك القيم المدنية الكونية، لكن في نظام إسلامي، أي من منطلق "الحلال والحرام" أولا، وليس من باب الجدوى والمردودية أولا.. أي أنهم مناضلون حقوقيون مسلمون.. وليس في الأمر أدنى شبهة تناقض أو تناف..

هم يسعون لتحقيق قوة المسلمين وعزتهم ورفعتهم، ونصرة المظلوم، وردع الظالم وغير ذلك من المقتضيات الضامنة لسيادة الأمة، وفق مقاصد الشريعة في حفظ الكليات، ثم توفير التحسينيات متى كان ذلك ممكنا..

يرون أن عامة المسلمين ملزمون نصا بالعمل على إعادة الحكم بما أنزل الله، والتشمير للتهييء لشرع الله أن يعود، ولحكمه أن يسود، تماما كما هم ملزمون بالسعي للدفاع عن كافة المسلمين ونصرة قضاياهم والتعريف بها، وفضح المؤامرات والخيانات بجهاد الكلمة.. فذاك -عندهم- حقيق من صميم العقيدة ، ويشكل عدم استحضارها ناقضا من نواقض الإسلام..

يبدو إذن أنهم لا ينكرون شيئا من الإسلام، ولا يقحمون فيه شيئا آخر ليس منه.. ولا يُتصور وجود مسلم يعارض هذا أو لا يقبل به.. ففيم التفرقة إذن بين "الإسلامي" والمسلم؟؟!!!..

للتقريب، ومن باب المجاراة، يمكن اعتبار أن "المسلم" -بالمفهوم الذي يراد له أن يسود- يمثل "الإسلام الكلاسيكي" "المقزم"، و"الإسلامي" يمثل "الإسلام الثوري"، "المجدَّد"، "الشمولي"، "المتمرد" على الظلم..

إن الأكيد أن من يؤمن بالله يعمل -في حدود إمكانه- على إقامة شرعه، وعليه، وبحتمية المنطق لا يمكن أن يكون مؤمنا من لا يعمل على ذلك في الحد الأدنى، ولا أدنى من تبني الفكرة على المستوى العاطفي المجرد(الإيمان بها).. والمسلّم عند أهل العقيدة انتقاض إسلام من لا يؤمن بشرعه وشريعته.. في المقابل ما عساه يكون من يؤمن بذلك ويعمل على تحقيقه("الإسلامي" اليوم)، ولو بالتمني أو الالتماس والمطالبة، غير أن يكون مسلما..

بصيغة أخرى: من لا يعمل على إقامة شرع الله هل يؤمن به؟ ومن لا يؤمن به هل يكون مسلما؟، ومن يقوم بذلك هل يكون شيئا آخر غير مسلم؟؟!!!..

في أدنى الأحوال، لربما يرى "مسلم" أيضا مثلما يرى "الإسلامي"، لكن لن يصنف كذلك بحال إلا إذا عمل مثلما يعمل، ذلك أن أغلبية المنتسبين إلى الإسلام بين خامل خامد وناشط غير إسلامي، ولو كان الأمر غير ذلك وساد المطالبون بسيادة شرع الله لاستوى الأمر وساد الشرع..

إن مفهوم "الإسلامي الحالي" يطابق مفهوم "المسلم الأصلي" إذن.. ولن يبقى للمصطلح لزوم حال "اقتناع" كل المسلمين بـ"الحل الإسلامي"، أي بالدين الإسلامي الشامل.. فهو(مصطلح "الإسلامي") لم يُنحت و"يعرّب" إلا حين هبت الصحوة الإسلامية قصد إعادة الدين إلى سالف عهده كي يحكم كمنهج حياة، بعدما تعرض -بفعل تظافر عوامل داخلية وخارجية- إلى الفصل والتقسيم والتجزيء والتقزيم والتشويه والاختزال والتعطيل... فطُمست هويته ومعالمه وقيادته وريادته خلال الاحتلال المباشر، بعد أن كان قد أُضعف من قبل.. وقد قيض الله تعالى، الواعد الحافظ، بفضله، من يبعث هذا الأمر من ركام، بعدما كاد يلبّس على الناس في نسخة من نسخ الجاهلية.. فحاول العاملون إعادته إلى الحياة الفردية والجماعية كما كان، وكما هو مسطور في مصادره، فسُموا بـ"الإسلاميين"، كاصطلاح مرحلي فرضته المرحلة، تلطيفا وتخفيفا وتجاوزا للصدام المباشر، حتى إذا عادت الأمور إلى نصابها، اختفى المصطلح كما لم يكن من قبل، وتوحد المسلمون معنى ومبنى،، ولن يوجد "إسلامي": مسلم أو لا..

بل إنه وحتى في المتداول العام، فإن لفظ "الإسلامي" هو اصطلاح رائج كونيا لوصف المسلمين الذين يريدون تحقيق شرع الله وشريعته في الحياة والدولة والمجتمع، أي ما يسمى بأبناء الحركة الإسلامية التي تضم التنظيمات الإسلامية الحركية..

فالأمر إذن مريب ولا يستقيم حتى على المستوى الشكلي الاصطلاحي، بحيث يُجمع الكل -بمن فيهم المعارضون الوجوديون- على تسمية هذه القوى بالحركات أو التيارات أو الأحزاب "الإسلامية"، وهو اعتراف ضمني بالخلل في الجهة النقيضة، بحيث إذا وُصف المشروع الذي تتبناه حركة ما بـ"الإسلامي"(بالتعريف!!!)،، فأية صفة يمكن أن تنطبق على المشاريع النقيضة التي تتبناها الحركات المخالفة؟؟!!!..

إن للناس منطلق هو مرجعية الأمة، وعندهم هدف هو عزة الأمة، ولهم غيرة عليها، ويضحون في سبيل ذلك بكل ما يملكون دون أي مقابل.. والأصل أن موالاة، بل الانضمام إلى كل ما لمس الناس فيه السعي لتحقيق هذه الأهداف، دون محاباة ولا مصلحة، والانخراط مع مَن يُقدَّر أنه يسعى لتحقيق ذلك، هو ضرورة واقعية قبل أن تكون واجبا شرعيا..

 

يتبع..

 
مجموع المشاهدات: 25556 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة