الرئيسية | أقلام حرة | التربية الجمالية: مقاربة في العنف المدرسي

التربية الجمالية: مقاربة في العنف المدرسي

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
التربية الجمالية: مقاربة في العنف المدرسي
 

الجمال فلسفيا:

 لقد بدأ الاهتمام بفكرة الجمال منذ القدم حيث اعتبر أفلاطون Platon أن الجمال: " عرض ظاهر تشعر به الحواس أو إحداها فترتاح إليه، وتسر به النفس وينشرح له القلب..."، والجمال عند أرسطو Aristote هو الانسجام والتناسب الطبيعي، والشعور بالجمال رهين بأن نستشعر هذا التناسب وندركه، ومنه إدراك جمال المخلوقات والحيوانات والسماء وغيرها، ويقابله القبح ويعني فيما يعنيه الشيء الذي يثير الاشمئزاز والنفور و الكره. وحديثا، خصوصا مع الفلاسفة الألمان، أخد التفكير في الجمال يتناول موضوعات عديدة ويطرح تفسيرات جديدة تجاوزت التعريف اليوناني للجمال.  في اللسان العربي، يعرف الجميل "Le beau" على أنه الحسن "Le bon"، وجمل الشيء أي صيره جميلا، وجامل فلان فلانا أي أحسن معاملته وتلطف وتودد إليه. 

 أما في المعجم الفرنسي LAROUSSE، فالجمال:  (Du latin bellus,joli)

 « Tout ce qui suscite un plaisir esthétique d’ordre visuel ou auditif » 

التربية الجمالية والمدرسة:

تلعب التربية الجمالية دورا هامّا في تربية الناشئة و تساهم في بناء شخصية متّزِنةٍ تتفاعل إيجابيّا مع الذّات أوّلا، ثم مع المحيط في مرحلة ثانية.  إنّ قدرة التربية الفنية أو الجمالية L'éducation Esthétique  في التأثير على طِباع الإنسان عجيبة جدّا، فهي كفيلة بالتّأسيس لشخصية مُشْبعةٍ بالقيم النّبيلة والخصال الحميدة وتنمّي أيضا الجانب الذّوقي للمتعلّم ليصير ذوّاقاً في اختياراته و قراراته الحياتية. 

        اختلف الباحثون في إعطاء تعريف جامع مانع لمفهوم الفن ودليلهم في ذلك أن الفن بطبيعته متغير زمانيا ومكانيا، كما أن الانتاجات الثقافية المعبر عنها بالفن تجعل من هذا المصطلح محط خلاف بل تعطيه تعاريف متجددة وخاضعة للتطور التكنولوجي الذي ما فتئ يقدم مواضيع جديدة للعمل الفني كفن الفيديو وغيره، إلا ان الجميع يتفق حول وظيفة الفن في تهذيب النفس وتربيتها على قيم الجمال والذوق الرفيع والنأي بها بعيدا عن الرداءة La médiocrité والسوقية.

        إنّ أساس الفنّ تدريب الإنسان على البحث عن مواطن الجمال، وبذلك نَبذَ كلّ ما من شأنه أن يشوب فطرة الإنسان وجوهَره. ومن بين الأمور المستجدَّةِ في عالمنا المعاصر مسألة العنف، خصوصاً بالمدرسة ومحيطها حيث كثرت المقاربات التي اتخذت لوضع حدٍّ لمثل هذه السلوكيات الغريبة والمُستجدّةِ في مؤسّسات التّربية والتعليم، محاولات ظلّت تُجانبُ الظاهرة دُونَما نتائج ترقى لمستوى تطلُّعات المشتغلين بحقل التربية والتعليم.

يمكن مقاربة العنف من زوايا عديدة، قانونيا واجتماعيا ونفسيا، والملاحظ أن مقاربة العقاب لم تؤتي أكلها، بل نجدها تزيد الأمر تعقيدا، خصوصا مع التطور التكنولوجي المتسارع حيث أصبح مفهوم العنف يختزل في تعليق غير لائق على منشور معين أو نشر معلومة خاطئة، إلى غير ذلك من أشكال التنمر الإلكتروني، لكن تبقى المقاربة الجمالية ذات أثر كبير على سلوك المتعلمات والمتعلمين كونها تستهدف وجدان الطفل/ المتعلم وتطوير ملكاته وقدراته الإبداعية. 

معلوم أن تأثير وسائل السمعي البصري أثرت بشكل كبير على فئات عريضة من شرائح المجتمع، لكن الملاحظ هو أن شدة التأثير تزداد باستمرار لدى الأطفال واليافعين بشكل كبير، الشيء الذي يدق ناقوس الخطر ويجعل من التربية الجمالية ضرورة ملحة لضبط توازن شخصية الطفل حتى يبتعد عن تقليد أبطال الألعاب الالكترونية Les jeux électroniquesالتي تذكي الجانب العنيف لديه. لا يمكننا هنا تغييب دور الاسرة في توجيه الناشئة إلى الاهتمام بفنون الموسيقى والرسم والمسرح والتشكيل، فنون من بين أخرى قد تساهم في الحد من ظواهر عديدة يبقى العنف أبرزها.

.

 

 

مجموع المشاهدات: 27141 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة