الرئيسية | أقلام حرة | استنكاف الذات بين التهم الواهمة والمسايرات الجائرة2

استنكاف الذات بين التهم الواهمة والمسايرات الجائرة2

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
استنكاف الذات بين التهم الواهمة والمسايرات الجائرة2
 

تابع..

والإشكال الأكبر أن المسايرين من بيننا قد سلّموا بالأمر، فأصبحوا لا يتحدثون إلا على سماحة الإسلام واعتداله ووسطيته ورحمته ورفقه وحلمه وبره... وكأن للمسلمين اليد الطولى في القوة والبطش والجبروت، فوجب وعظهم ونهرهم قصد ضبط النفس وكف الأذى.. أو وكأن حروب أفغانستان، وباكستان(الطائرات دون طيار)، والعراق وسوريا، وفلسطين، واليمن(الطائرات دون طيار مرة أخرى)، والصومال، والسودان(قصف معمل الشفاء ودعم قرنق حتى تحقيق الانفصال)، وليبيا(قصف الثمانينات)، ومالي، وإفريقيا الوسطى، والاحتلال المباشر خلال القرنين الماضيين، وتنصيب وحماية الأصنام، والانقلاب على حراكات الشارع... كأن هذا يقع في اسكندنافيا أو هونو لولو، بتخطيط وتدبير وتنفيذ من المسلمين!!!..

لا نختلف أن الإسلام جاء رحمة للعالمين.. وهذا يعرفه كل المسلمين، لأنه من أبواب العقيدة وأصولها.. غير أن السؤال يطرح حول ما إذا كانت الرحمة تنافي العدل والقصاص والدفاع عن النفس والمعاملة بالمثل... فالأحكام الشرعية تحث على الرحمة والحلم والتؤدة واللطف والرفق... تماما كما تحث على القوة والعزة والجهاد والدفاع والقصاص والحماية...

فلنترك الرحمة والقوة والحكمة جانبا، لأنه ربما لن نتوافق على تعريفها، ولا على تنزيل مقتضياتها، ولا على إسقاط محدداتها وبنودها.. ولنعُد لما يمكن أن يفهمه الجميع: الناس(المسلمون) ضاق بهم الحال ذرعا، ويريدون الحل، في ظل هذا التكالب والتواطؤ بين أعداء الخارج وعملاء الداخل.. فيجب أن يُعطوا حلا، ذلك أنه لا أحد يهوى الفتن، لكن هناك إشكال كبير، عظيم، ضخم،، يعتري المستضعفين وجب الجواب عليه، وهو كيف السبيل للتعامل مع تكالب هؤلاء المجرمين وتآمرهم على حياة المستضعفين من المسلمين وكرامتهم وأرزاقهم ومستقبل أبنائهم... وقد رصوا(المجرمون) الصفوف وتقاسموا الأدوار، وهم يملكون ما يملكون من حماية وأسباب القوة، والضحايا لا يملكون من ذلك إلا أجسادهم؟؟!!!..

لا تستساغ مطالبة الضعيف الهين المهان الذليل الخاضع المهزوم العاجز... بالاحترام والرحمة والعفو والكف والتعقل وضبط النفس...

إن المسلمين لضعفاء مقهورون يستقرون في قعر الحضيض وحضيض القعر.. إذ الحروب علينهم تخاض، والرصاص عليهم يسكب.. هم يُقتلون أو في قيودهم يرفلون. حتى إذا نجا أحدهم من هذه وتلك، شُرد وهُجر، ووقف على أبواب الحضارات "الخاصة"(Privées) يطلب اللجوء، نُكّل به، وقُبل "المحظوظون" منهم، وطُرد الباقي!!!..

لكن، ومع هذا الذل والهوان، ووفاء لنخوة لمْ يبقَ منها غير الاسم، فإن أصحابنا المسايرين المغفلين هؤلاء لا زالوا يجدون لذة خارقة في تبني قضايا "بني الأبيض" والنوح بالوكالة عنهم.. والحديث هنا ليس عن لقطاء الغرب المغربين المستلبين، أبنائه من السفاح.. فضرب الميت حرام، وزرع الصماء عبث.. إنما الحديث عن "العاقلين" "الفضلاء" "المتزنين" "الرصينين" "الحكماء"، سواء بصفتهم الشخصية أو "الأكاديمية" أو التنظيمية!!!.. ذلك أن "أصحابنا" ما أن تنفجر عجلة شاحنة بحمولة زائدة في "ملبورن" حتى يسارعوا إلى نبذ "العنف" وتقديم ""واجب"" العزاء والتدليل على براءة الإسلام من "الجناة المتأسلمين"... وصولا إلى التنظير للسياسة الشرعية في العلاقات الدولية والولاء والبراء... وهذا طبعا قبل حتى أن ينجلي الغبار عن الحدث، ومعرفة هل عرضي هو أم مدبر،، بالأحرى أن تتبنى العملية جهة معينة، وتكون الجهة ذات صلة بهم من حيث الدين أو العرق... يقومون بذلك قبل اتهام الجهات المعنية لأي طرف، وقبل إجراء أي تحقيق!!!.. أي يضعون "الذات" موضع الاتهام الضمني تطوعا ومبادرة، في مازوشية متمكنة!!!..

عرضيا، أورد إسقاطا محليا لمسألة "التقطط" هذه، ذلك أنه، وبدافع الرغبة الجارفة في إظهار المرونة والليونة والتفهّم و"التسامح"... قصد تقبل الرأي وقبول الطرح من طرف الآخر، فإن كثيرا من "ذوي الحقوق" يلجؤون إلى سلك استراتيجية مهادنة منسحبة،، في مواقف يخول فيها القانون النظري، وواقع الانتماء الشعبي، والتشبث بالهوية، تخول الرفعةَ والعزة والأنفة والسمو...

فالقانون ينص في أعلى مراتبه(الدستور) على أن الإسلام هو دين الدولة، وعليه يكون ما حرمه الإسلام ممنوعا بقوة القانون، وما فرضه يكون واجبا بحكم القانون أيضا،، فيصبح فرض الرقابة أو الوصاية على المحرمات/الممنوعات من صميم تطبيق مقتضيات القانون الذي يخول لكل مواطن ممارسة الرقابة المجتمعية، ما دامت بنود ذلك القانون تجرم التستر على المخالفات والتواطؤ معها، وأفظع تلك المخالفات ما تعلق بتخريب الهوية المكفول العمل على حفظها لكل الأمم، والتي تصْدر قوانين عليا كي تحمي حضارتها وانتماءها وعقيدتها!!!.. ولا أرى لمَ التطوع للانسحاب من الساحة لمن يمتلك المشروعية القانونية، والشرعية العقدية والأخلاقية..

 

مجموع المشاهدات: 5780 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة