الرئيسية | أقلام حرة | تناسق وانسجام التشريع و"القيم" بين الغرب والإسلام1

تناسق وانسجام التشريع و"القيم" بين الغرب والإسلام1

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
تناسق وانسجام التشريع و"القيم" بين الغرب والإسلام1
 

تعرضنا في المليْف الماضي لأمثلة وعينات من مظاهر استنكاف المسلمين لذواتهم، مسايرة منهم، عن طواعية واختيار، لغرمائهم الحضاريين المفترضين، الغربيين وخاصة منهم البلداء المسيحيين الذين يتصدرون المشهد فرحين، أما اليهود فهم الذين يحركون الدمى، لكن، ولشدة مكرهم، من خفاء..

ولأن هؤلاء المتّبَعين، المقتدى بهم، لا يمثلون القدوة بحال، ولا يجدر بهم.. فهم لا ينفكون يبرهنون أنهم مجرد سفهاء رعناء معتوهين تافهين، وأن حضارتهم، في شقها غير المادي، ليست سوى حضارة حظيرة، ليس فقط في القيم والمعنويات، بل حتى في بعض القواعد والأحكام والتشريعات ذات الصبغة أو الخلفية الاجتماعية أو الدينية أو حتى القانونية.. أقول: لأجل هذا الذي ذُكر، سنضرب، في هذا المليْف، أمثلة لمظاهر ترهل المنظومة الغربية، عبر إيراد نماذج لواقعية التشريع الإسلامي وانسجامه مع الفطرة السليمة، مقابل التناقض الفاضح بين تلك القواعد والأحكام والتشريعات، وبين الممارسة في المجتمعات الغربية ذات البريق الحضاري الظاهر الباهر، وذلك لأن النظريات الاجتماعية والبنى الفكرية والمنظومات القانونية تكتسي قوتها وشرعيتها وهيمنتها من انسجامها الذاتي، وتوافقها الداخلي، وقدرتها على التطبيق على أرض الواقع بسلاسة واتساق وتلاؤم، والتعايش مع المتغيرات الحضارية في الزمان والمكان.. وعليه، فإن مقارنة خاطفة بين التشريع الإسلامي وغيره الغربي، سواء المتلحف برداء المسيحية، أو الممتطي صهوة اللبرالية والحرية والحداثة والثورة الحقوقية... هذه المقارنة تجلي بوضوح ناصع الانسجامَ والانفصام بين التشريع والواقع في الحالتين.. والأمثلة المدرجة قد تمثل الاجتماعي العرفي والمدني، كما قد تجسد المؤسساتي القانوني أو الديني، وتجمع كلها على الانفصام المجتمعي الفظيع الذي يعيشه هذا الغرب الصلف المختال المتعجرف..

ولا يقولن قائل أن هذا أمر طبيعي في كل المجتمعات بما فيها المسلمة، لأن التشريعات القانونية عند المسلمين لا تعبر عن طموحات ولا اهتمامات المجتمع، لأن هوة كبيرة تفصل هذا المجتمع عن المشرعين المغربين الذين يشرعون له،، لكن ليس باسمه.. أما في ما يخص الشرائع السماوية، فإن الحكام قد جدوا واجتهدا في إيجاد كل أسباب الغواية ومسببات التفسخ والانحلال والترهل والتبذل... حتى أضحى المسلم مجهلا مفقرا خائرا لا يقوى على شيء ولا يلوي عليه، قابلا للانقياد والتوجيه بأدنى يسر وأقل مجهود.. في حين ينتخب المواطن الغربي المسؤول الذي يمثل تطلعاته ورغباته انتخابا حقيقيا حرا نزيها.. فيكون التشريع موافقا لهوى المواطن وانتمائه الفكري والعقدي والعرفي، من جهة، ومن جهة أخرى يُفترض أن يشكل المستوى المعيشي والاجتماعي والمادي والتربوي والتعليمي الراقي والمريح للمواطن الغربي، يفترض في هذا المستوى أن يشكل حافزا للتقيد والالتزام بالقوانين والأعراف التي ارتضاها لنفسه هو دون أدنى قهر أو فرض أو تعسف داخلي، أو تدخل أو وصاية خارجية.. فالغربي، عكس المسلم اليوم، يمتلك الحرية والإرادة وكل المقومات التي تجعله مسؤولا عما يختار، وعليه يكون رفض واستنكار واستهجان التنافر والتنابذ بين واقعه المعيش وترسانته التشريعية والاجتماعية وموجهاته الأخلاقية، يكون الشجب شيئا مستساغا، بل مطلوبا.. وعلى كل حال، فإن هامش عدم التطابق عندهم يجب أن يكون ضيقا إلى أبعد الحدود، وليس مشرعا إلى هذه الدرجة من الفداحة..

وسيسرد المقال أمثلة لما يمكن أن يوصف "تناقضا داخليا" يعكس انحراف تصرفات الناس عن تشريعاتهم(القانونية أو الدينية) أو تقاليديهم، وأيضا تخبطهم في الدعوة للشيء ونقيضه في نفس الوقت، كما سيتضمن أمثلة لما يمكن أن يصنف "تناقضا خارجيا"، يعكس تخبطهم في اتباع أصل ملتهم كما تم تتميمها وتحيينها، كما يعكس تعارض ادعاءات الغرب مع ممارساته تجاه من يخالفونه في الثقافة والمنطلق الحضاري.. ممارسات طغى عليها الاضطهاد والاستغلال، وهذا منذ زمن ليس بقريب، رغم ادعائهم التنوير والحضارة..

هذا، ولطول المقال، فقد تم تقسيمه إلى ثلاثة أجزاء..

نبدأ بالأسرة، وأساسها العشرة الزوجية. والمعاشرة لا تكون بالقسر. لذا فقد شرع الإسلام أبغضَ الحلال إلى الله عز وجل -الطلاق- كآخر حل لغياب التوافق وانعدام التقبل، وبالتالي استحالة التعايش والمعاشرة بين الزوجين. في حين يمنع التشريع الغربي ذلك.. والحال أن الفراق، واقعيا، واقع لا محالة، غير أنه يتخذ وضعيات غريبة، غير معقولة، لا يقبلها إلا معتوه، بحيث يُلزم الزوجان بدوام العلاقة قانونيا،، بموازاة انفصال جسدي تام،،، وربط -بدلا عن ذلك- علاقات "غير شرعية" خارجية لكليهما،،،، وبمعرفة الآخر!!!..

التناقض والتخبط حاصل أيضا، وبشكل صارخ، في مسألة التعدد.. فهو -عندهم- مكرس واقعا، ممنوع قانونا،، هذا مع التنصيص على حضور مفهوم الزنا، كممارسة شائنة، في الثقافة والتشريع الغربيين، "الديني" منه و"العلماني"، والحال استشراء تعدد الخلائل، المجرّم دينا وقانونا وعرفا، وغض الطرف عنه واقعا،، مقابل ازدراء منع الحلائل المعلن، الموثَّق، عند المسلمين..

 

مجموع المشاهدات: 6969 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة