الرئيسية | أقلام حرة | الموسيقى والغناء عند العرب والمسلمين

الموسيقى والغناء عند العرب والمسلمين

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
الموسيقى والغناء عند العرب والمسلمين
 

تشكل الثقافة والفن لبنة أساسية في بناء كل حضارة حضارة، حيث تأتي الموسيقى على رأس هذه الفنون وذلك لحضورها وارتباطها بالأغاني القومية والأهازيج القبلية والممارسات والشعائر الدينية. وعليه، فإن الممارسات الفنية متجدرة في عمق التاريخ لتعلقها بالنشاط الإنساني.

 كثيرا ما راودتني أسئلة عديدة حول الموسيقى والغناء في التاريخ الاسلامي والعربي، وعن الأسماء التي طبعت هذا المجال دون غيره من العلوم، خصوصا وأن الموسيقى أخدت من النقاش الاسلامي مساحة كبيرة بين محلل ومحرم لممارسات إبداعية أطربت آذان الإنسان منذ فجر التاريخ. فهل يوجد فعلا علماء وفقهاء عرب ومسلمون اشتغلوا وانشغلوا بالموسيقى؟ كيف كان حضورهم وإسهامهم؟ أسئلة ضمن أخرى، نحاول أن نجيب عنها في اقتضاب شديد.

لا ينكر إلا جاحد تميز العرب والمسلمين في مجالات الفلك والطب والهندسة وغيرها من صنوف العلوم، لكن قليلون من يعلمون أن من العلماء المسلمين من تميزوا في مجال الموسيقى تنظيرا وممارسة، بل منهم من اعتبر من مؤسسي علم الموسيقى La science de la musique، وبهذا كانوا ممن حافظوا على هذا الفن حتى ن،نُقل إلى الأجيال اللاحقة من البشرية وصولا الى يومنا هذا. يُجمع المؤرخون على أن أقدم الكتابات عن الموسقى في بلاد الإسلام تعود لأزيد من250 سنة( أي في نهاية القرن التاسع الميلادي).

قبل الاسلام، ارتبطت الموسيقى بالطقوس الدينية، بل كانت تعتبر في بعض المعتقدات الفارسية إحدى القوى الروحية التي تسمو بالنفس البشرية. بعد ذلك، تطورت الموسيقى عند العرب واقتصرت على المناسبات الدينية والحروب وحفلات الزفاف، لكن التوسع الذي عرفه الاسلام واحتكاك العرب بالفرس والرومان والغرب جعل هذا الفن يتطور وينفتح على آلات موسيقية كالصنوج(1) و الجلاجل(2) وآلات الزَّمْر(3) التي ميزت الموسيقى العربية.

أعلام الموسيقى العرب/المسلمين:

أبي نصر الفارابي:

إذا كانت الشرائع ثابتة يتناقلها الناس بعضهم عن بعض، فإن أبي نصر الفارابي يذهب إلى أن الذوق Le goûtعلى العكس من ذلك، متغير لا ثابت لأن الأجيال يطبعها التغير والتطور. في كتاب (4)«الموسيقى الكبير»، يصنف الفارابي الأنغام لثلاثة أنواع: 1) أنغام تنسب الى قوة النفس، 2) أنغام تحيل إلى ضعف النفس،3) أنغام التوسط، وهي تلك التي تجمع بين النوعين الأول والثاني من أنواع الأنغام. قد يطرح السؤال لماذا حضور النفس في نظرية الموسيقى عند الفارابي؟ مردُّ الأمر بكل بساطة إلى اشتغال الفلسفة على مسأة الوجود وخاصة النفس، النفس التي تمثل الجانب الروحي عند تناول الإنسان بالدراسة والتحليل.

الكندي:

هو أبو يوسُف يَعْقُوب بن إِسْحَاق الكِنِدي، المكنى بـ"فيلسوف العرب". ألف ما يزيد عن 13 أطروحة في موضوع الموسيقى أبرزها " العلاج بالموسيقى"، وبذلك مثَّل لأوّل باحث جادٍّ في فن الموسيقى في التاريخ العربي و الاسلامي.

عبيد ابن سريج:

ذو أصول فارسية، ولد إبان خلافة عمر بن الخطاب، داع صيته وبرع في الغناء والنياحة(5) والعزف على آلة العود التي بقيت متربعة على عرش الآلات الموسيقية أنداك. توفي في سن 85 بداء الجذام.

إن البحث في تاريخ الموسيقى والغناء عند العرب والمسلمين موضوع واسع وغني. كيف لا وعدد الأعلام الذين كتبوا ومارسوا الموسيقى كبير جدا. إلى جانب تميز فلاسفة في علوم الرياضيات والفلك والطب، وجدت الموسيقى لنفسها مكانا ضمن اهتمامات مفكرين وسموا الحياة العلمية والفنية وتناولوها كل بحسب دائرة اهتماماته.

هوامش:

(1) الصنوج: الصَّنْج آلة موسيقية إيقاعية، معدنية مستديرة ومسطُّحة.

(2) الجلاجل: هي نوع من أنواع الدف تستخدم كآلة موسيقية تقليدية في الموسيقى العربية.

(3) آلات الزمر: آلات خشبية في الغالب (آلات النفخ) وهي من الآلات القديمة التي صنعها الإنسان من قصب الغاب الى أن تطور صنعها من مواد معدنية.

(5) النياحة: هي البكاء علة الميت. يقال ناح، أي رفع الصوت بالبكاء.

 

 

مجموع المشاهدات: 5103 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة