الرئيسية | أقلام حرة | الهيمنة التحدي الأعظم للحكم الذاتي في الصحراء المغربية

الهيمنة التحدي الأعظم للحكم الذاتي في الصحراء المغربية

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
الهيمنة التحدي الأعظم للحكم الذاتي في الصحراء المغربية
 

يعتبر النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية أقدم نزاع عربي و إفريقي إذ يقترب عمره من نصف قرن من الزمن، بين جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر والتي تطالب بإنفصال الإقليم عبر إستفتاء لتقرير المصير تراعه الأمم المتحدة وتستشار فيه الساكنة الأصلية للإقليم، والمغرب الذي إقترح منذ سنة 2007 حكما ذاتيا موسعا تحت سيادته للمناطق المتنازع عليها. وقد شرع عمليا في تنزيل المراحل الأولى للمخطط عبر تبني الجهوية المتقدمة كإطار جديد لتقاسم السلطة بين المركز والمحيط والنقل التدريجي للصلاحيات والإختصاصات من السلطات المركزية إلى الهيئات المدبرة لشأن الجهوي والمحلي، بحيث تم منحت الأقاليم المكونة للصحراء المغربية الأولوية في تفعيل هذا الورش الإستراتيجي الذي سيشكل حال نجاحه رافعة للتنمية في كافة مناحيها الإقتصادية والإجتماعية والسياسية، في أفق الوصول لجهوية موسعة يتم من خلالها تطبيق الحكم الذاتي بشكل كامل كتسوية نهائية لنزاع المفتعل. غير أن الوصول إلى هذه الغاية تعترضه صعوبات تحاول بلادنا تذليلها وتجاوزها عبر مواصلة الدينامية التنموية في مختلف المجالات وتشييد البنيات وإستقدام التجهيزات والمنشأت،لكن التحدي الأعظم الذي يعيق تنزيل الحكم الذاتي كشكل من أشكال تطبيق مبدأ تقرير المصير في الصحراء هو الهيمنة التي يرادفها الإحتكار والسيطرة ولها مظاهر عديدة وأثار خطيرة،يمكن أن نرصدها في مظاهر التهميش والعزلة والإبعاد والفرقة التي تطال جزءا كبيرا من الساكنة الأصلية للمنطقة والتي ينتظر منها أن تكون فاعلا رئيسيا في تفعيل الحكم الذاتي في المنطقة محط النزاع المفتعل مما يفضي بنا لطرح تساؤل أساسي مفاداه : إلى أي حد يمكن أن تشكل الهيمنة في كافة مظاهرها تحديا حقيقيا يعيق تطبيق مخطط الحكم الذاتي في الصحراء في المستقبل المنظور؟

لنستهل حديثنا عن الهيمنة في شقها السياسي ففي ظرف سبع سنوات وبعد خوض تجربتين ديمقراطيتين متمثلتين في الإنتخابات الجهوية والجماعية لسنة 2016 والإستحقاقات التشريعية والجهوية والجماعية لسنة 2021،كان من نتائجها هيمنة مكون سياسي وحيد على مقاليد تدبير الشأن الجهوي والمحلي بجهتي العيون الساقية الحمراء و الداخلة واد الذهب،في حين تبقى الأطياف السياسية الأخرى تمارس معارضة شكلية تتراوح بين الإحتجاج و الشجب و الإستنكار في ظل التغول و الإستحواذ الذي تمارسه الأغلبية في المجالس التداولية للهيئات المنتخبة أساسا، والتي وظفت طرقا مشبوهة من أجل تكوين قاعدة شعبية أوصلتها إلى تصدر نتائج الإنتخابات وتدبير التحالفات. والجدير بالذكر أن مجلس جماعة العيون يشهد حالة فريدة بتواجد حزب الأصالة و المعاصرة في المعارضة و هو ما يخالف مقتضيات ميثاق الأغلبية الحكومية الذي يؤكد على تواجد التحالف الثلاثي جنب إلى جنب في جميع مجالس الجماعات الترابية، مما يفسر وجود هيمنة سياسية تحول دون إعمال المقاربة التشاركية في تدبير الشأن الجهوي والمحلي، التي تعد أحد مرتكزات الحكم الذاتي هذه الهيمنة السياسية تغذيها هيمنة إجتماعية تتجلى في حضور القبيلة في المشهد السياسي بالمنطقة وهنا يجب إستحضار بعض الخصوصيات كون الأفراد في الصحراء لازالوا بعيدين عن الإندماج في الدولة بمفهومها المدني التي تخاطبهم كمواطنين و ليسوا عناصر إجتماعية في القبيلة،وعليه فإن هيمنة مكون قبلي دون أخر وعائلات مستفيدة من حجم تعدادها ونسبها و مكانتها الإجتماعية يقوض تطبيق مخطط الحكم الذاتي ويظهر ذلك في إستقبال الوفود و تنظيم الفعاليات حيث تقدم مكونات قبلية على أخرى، كما شهدنا في الإنتخابات الأخيرة لوائح مرشحين ضمت تكتلا عائلي أو قبليا مما يسألنا عن مصير التدبير الديمقراطي للشؤون الجهوية و المحلية في ظل وجود اغلبية مكونة من هذه القبيلة أو تلك العائلة،لكن أذهى و الأخطر هو الهيمنة الإقتصادية فبرغم من الميزانيات الكبيرة التي تخصصها الدولة لتنمية المنطقة كما أكدنا أنفا إلا أن معدلات البطالة في إرتفاع مستمر وسط شعارات بتنمية الجهات وفتح فرص للتكوين و الشغل أمام أبناء المنطقة، لكن ما نلاحظه اليوم هو زيادة في ثراء بعض العائلات المعروفة مقابل فقر و التهميش الذي يطال السواد الأعظم من شباب المنطقة مما يرمي بهم في أحضان المخدرات والتهريب أو التوجه لقوارب الموت .

 إن المقاربة الملكية القائمة على جعل المسار التنموي للصحراء المغربية يوازي المجهود الديبلوماسي لجعل الأقاليم الصحرواية في الريادة وتنزيل الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية يسألنا عن الحلول البديلة لتجاوز السيطرة والإحتكار و النصر للمشاركة و الإتفاق؟

 

 

مجموع المشاهدات: 16505 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة