الرئيسية | أقلام حرة | فُزنا حتّى لو خسرنا

فُزنا حتّى لو خسرنا

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
فُزنا حتّى لو خسرنا
 

شُكْرًا أُسود الأطلس ?? لسنا من ناكري الجميل، بل من المحفّزين الدّاعمين لكم للأبد في الخسارة قبل الفوز؛

لن تجعلنا هزيمة عادية نصبُّ جمّ غضبنا على اللاّعبين والمُدرب، ولا أنْ نتأثّر بسُخرية مَنْ يَخْلِطون بين كُرة القدم كلعبةٍ للتّرويح عن النّفس من ضُغوطات الحياة وَميدان السياسة البعيد جدا عنها. مُنتخب المغرب ?? رَسَمَ صورا خالدة من السّعادة والتآزر والثقة بالنفس بمونديال قطر، ونثرها على الشقيق والغريب لتقوية الهمم والإيمان بالطموح والأمل، ولازال قادرا على إحيائها السّنة القادمة وبعدها.

كرة القدم، صحيح هي مجرد جلد منفوخ، لكنها تعلّم الاختلاف وحبّ وتقدير الآخر المُختلف والغريب عنّا، تعلّم الأخلاق والتّسامح والتّعايش والانفتاح. كميدان الأدب تماما؛ شساعةٌ في الأفكار والقيم والمعلومات والتأملات والتقاء الأرواح، على غرابتها، من بؤرة الاختلاف.

لم يخسر مُنتخبنا بسبب التّشكيلة ولا بسبب غياب لاعبين، بل خسر وانتهى. 

طاقاته واعدة وكفاءاته عالية في جميع المراكز، هي مباراة من مباريات، ومبارزة من مبارزات وليست نهاية العالم.

 بعد تضييع ضربة الجزاء وامتناع لاعبي جنوب افريقيا على لعب مباراة مفتوحة، ترتكز على الاستفزاز وتتبع عثرات الخصم، وبعد مشاهدة اللاعبين كأنه أصابهم إرهاق شديد، ربما بسبب طقس البلد المنظم أو أرضية الملعب أو نوعية الغذاء...، عرفت أن المباراة في طريقها للخسارة؛ حزنت، لكن هذه هي كرة القدم، تتطاير، تتعثّر، تنهض ثمّ تسجل. لننس ونتقدم للأمام. الماضي يبقى ماض غير قابل للإعادة، والمستقبل يمكن تغييره.

الممارس لرياضة كرة القدم سيعي جيّدا معنى أن تفتقد الحافزية فجأة، رغم مُؤهلاتك الفنّيّة المبهرة، ويمتلكها خصمك أيضا بشكلٍ فُجائي، وهو الأمرُ نفسه الّذي وقع فيه "مُنتخب الجزائر" حينما استصغر إعلاميوه خصمه "موريتانيا" وصرحوا في وسائل إعلامهم أنهم من الواجب عليهم الانسحاب من عالم كرة القدم برمته إن موريتانيا هزمت منتخبهم، فهزمته وأسكتت الجميع وأقصته من الدور الأول...

ونفس الشيء وقع مع "منتخب مصر"، إذ تفاخر بعض من إعلامييه بأن لديهم حارسا كالجبل يصد الريح ويقرأ الطالع، فتكاسلوا للوصول لركلات الترجيح،. دون أداء مقنع، فلم يصد الحارس أي ضربة جزاء وزاد الطين بلة بتضييعه للركلة الحاسمة. 

التصريحات سيف ذو حدين؛

 يجب أن تكون عقلانية وفي حدود رياضة كرة القدم...لا مانع من الانفتاح على العالم بأسره لنشر ثقافة الإنسانية والحب وربط علاقات الود والاحترام عربيا وإفريقيا وعالميا...

ولا مانع من الأخوة والاختلاف مهما اتسعت أواصرها وتفرعت، ولنا في شعبية نادي الرجاء خير مثال، فالصورة التي تركها النادي في البرازيل سنة 2000 جعلت البرازيليين يؤسسون ناديا باسم الرجاء، ثم تناسلت الأندية باسم الرجاء في عدة دول، بل صارت الجماهير من شتى أصقاع العالم تشجع وتتابع مباريات النادي منذ ذلك التاريخ، رغم أنهم من ثقافات مختلفة جذريا عنا...

ولا مانع من أن يكون لك محبون من جميع مناطق العالم، فهذه قوة إضافية تزيد من شحنة الأمل والعزيمة لديك وتقوي الإرادة والتعاون والاتحاد للأفضل، ولنا في شعبية منتخب البرازيل خير مثال، إذ بسبب طريقة لعبه وفنيات لاعبيه والألقاب التي نالها جعل جميع رواد كرة القدم في العالم يحبونه ويقتنون أقمصته لتقليد طريقة لعبه، ويتمنون لقاء لاعبيه لالتقاط صورة معهم.

السنة المقبلة سنكون نحن البلد المنظم وسنستقبل جميع المنتخبات؛ مختلفة اللغات والثقافات والعادات والتقاليد، وبالتالي ينبغي التفكير في هذا المحفل العظيم منذ اللحظة، لهذا فنحن قادرون على التألق بنفس تشكيلة مونديال قطر، ولا خوف على الأسود من أي هزيمة. ثقتنا الكبيرة بهم سنترجمها عبر رسائل الود والتضامن معهم لنظهر للعالم مرة أخرى كم نحن بأخلاقنا العالية نقدر صنيع الكريم ونرفعه لمكانه الذي يستحق. الألتراس والمشجعون مدعوون ليكونوا في نفس قيمة حدث السنة المقبلة، والصحفيون أيضا، وعدم تجاوز ميدان الرياضة لميادين أخرى بعيدة عن الرياضة.

 أما بالنسبة لنا فقد فزنا بالتنظيم وهو فوز كبير وإن فزنا باللقب فهو فوزان بدل فوز واحد.

طريقة اللعب الإفريقي تختلف كثيرا عن الطريقة الأوروبية أو الأسيوية أو اللاتينية، فبإفريقيا تكون الغلبة للعامل البدني أكثر من الفني، ويكثر اللجوء للحيل والخدع الرياضية والتثاقل وتضييع الوقت واستفزاز الخصم وغير ذلك كوسائل للفوز، بمعنى أن اللعب النظيف والاحترافي لا ينفع بشكل كبير، وهذا النوع من اللعب خبرته أندية مغربية عريقة كالرجاء الرياضي والوداد، فلم يؤثر مرة عليهم طقس افريقيا، ولم يعانوا من مشكل اللياقة البدنية، بل عادوا أكثر من مرة بالفوز من عمقها، لهذا لا مانع من الانفتاح على لاعبي البطولة الوطنية خاصة من الأندية التي جالت وصالت افريقيا لعقود وعرفت كيف تتعامل مع طريقة اللعب الإفريقي. وهذا الانفتاح لن يضر باقي اللاعبين المحترفين، بل سيجعل لدى المدرب نظرة ثنائية لتدارك النقص متى ما شعر أن اللعب يفقد بوصلته من الاحترافي للخشن.

التشكيلة الحالية للمنتخب قل لها نظير، بالنظر للمؤهلات التي تتوفر عليها، أما المدرب وثلة المسيرين فلا يختلف اثنان على جدارتهم لقيادة المنتخب والاستمرار في ذلك، لهذا فالهزيمة الآن لن تنقص من كفاءتهم، لأن رد الدين قريب وفي بلدنا السنة المقبلة، وسنعيشه بفرح طافح وأخلاق وتقدير لكافة المنتخبات. وهذه اللحظات هي التي ينبغي أن تظهر التفافا حول جميع طاقم المنتخب لتشجعيهم واسترجاع النية بكل ود، فلم يضع أي شيء، لازال في جعبتهم الكثير ما سيزيد من انبهارنا بهم.

 

مجموع المشاهدات: 7589 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة