ورزازات صرح فوق مدينة الأموات
انتهى مهرجان أحواش بعد ثلاث أيام من الرقص على إيقاعات التهميش و الفقر و السذاجة ، ثم تلاها بعد ذلك مهرجان صيف ورزازات لينتهي كذلك على إيقاعات ابرز الفنانين بالمغرب و الذين كان لهم الشرف المسلوب في الملحمة الكارثية و التي بثت على قنوات الصرف الصحي ، و أخر أضحى ترقيص الشعب على إيقاعات كمانه هوايته المفضلة .
انتهى كل شيء و انتهت أحلام الشباب معها ، لتستفيق هذه المدينة على أطلال منصات بالية أشبه بمنصات للصواريخ لتضرب أحلامهم البعيدة.
فهنيئا لنا بهذا النصر العظيم ، هنيئا لنا بهذا الفتح المبين ، افرحوا و امرحوا و هللوا و كبروا ، فقد حلت و انتهت جميع مشاكل و عقد هذه البقعة المظلمة من هذا الكوكب ، فقد اخذ كل ذي حق حقه و تحققت أحلام و أماني شبابنا و كل شيء على أحسن ما يرام ، فما إن وجدنا أنفسنا حققنا هذه النجاحات المتتالية و المبهرة إلا و ارتأينا أن نكافئ أنفسنا ببضع سهرات تروح عنا عناء ما قاسيناه في الأيام الخالية .
فمدينة ورزازات أضحت و بفضل الله من أفضل و أجمل و أحسن المدن المغربية ، فقد حققت طفرة تاريخية في المجال الاقتصادي فنافست بذالك كبرى الأسواق العالمية ككوريا و الصين بالإضافة إلى الأسواق الأوروبية المهددة جراء هذا النمو السريع ، كما حققت أيضا ازدهارا قل نظيره في مجال السياحة حيث أخذت تنافس مدنا سياحية عالمية كاسطنبول و روما . هذا دون أن ننسى أن محاربة البطالة كان من أولويات هذه المدينة إذ تم تقليص هذا النسبة إلى 1 في المائة ، بالإضافة إلى تحسن مستوى جودة المياه الصالحة للشرب و التي أضحت تصدر إلى ارويا و أمريكا في علب بلاستيكية لشدة نقائها ، كما تم بناء محطات خارج مدينة ورزازات لضخ الروائح الزكية و المنعشة ، كذلك تم إنشاء نفقين بطريق تشكا الأول عبارة عن طريق سيار و الأخر عبارة عن سكة حديدية ، هذا دون أن نذكر رخاء المعيشة بهذه المدينة المعطاء.
كانت هذه مجرد نبذة بسيطة عن أحوال هذه المدينة في ظل ليالي ورزازات الصيفية ، و التي جعلت من المهرجانات عنوان لها تفتخر به بين المدن و تمشي به مرفوعة الرأس بين الأمم
دعونا نتحدث بجدية قليلا :
مدينة ورزازات لا تحتاج نهائيا إلى مهرجانات بقدر ما تحتاجه إلى مشاريع لتشغيل شبابها و خلق أساليب فعالة من اجل حركة تجارية مستمرة و نشيطة
هذه المدينة تحتاج إلى يد رحيمة لتنقذها مما فيه و عين بصيرة لتراقبها ليل نهار وذلك لصد تلك العصابات التي فضلت أن تدفع الأموال الباهظة من اجل أن تجعل هذه المدينة أسفل السافلين بل و تدمرها تدميرا ، كل هذا من اجل الحفاظ على المصالح الاقتصادية للوبيات الفساد في مدن أخرى قريبة من مدينة ورزازات لما تشكله هذه الأخيرة من تهديد و خطر عليها في حالة إذا ما أشرقت شمس ورزازات و أزيح عنها الغبار.
ناتي الى نقطة اخرى جد مهمة ، فقد تم التصريح من قبل على أن ميزانية مهرجان أحواش هو 120 مليون سنتيم ، في الحقيقة ميزانية كفيلة على الأقل بان تصلح أرصفة هذه المدينة المتهالكة أو أن تحدث متنفسا و فضاءات خضراء للأطفال و اللذين لا متنفس لهم سوى تلك الساحة التي ملت من قدومنا عليها كل يوم.
أما في ما يتعلق بميزانية مهرجان صيف ورزازات فان التعتيم و الكتمان كان مصيرها، فلماذا لم يتم البوح بميزانية هذا المهرجان الأخير كما تم البوح بسابقتها في مهرجان أحواش ، أم أن في الأمر شيء، ربما هو أصعب من أن يتحمله إنسان لهول و فظاعة الرقم الذي سيذكر .
الأمر برمته هي خطة و مؤامرة مدبرة بعناية و تركيز من اجل تدمير هذه المدينة نهائيا ، في سبيل بناء و تضخيم مدن أخرى مجاورة لها ، إنها حرب المصالح ، لكن ضحاياها أناس أبرياء كل أحلامهم شربة ماء نقية ، و لقمة طرية و عيشة هنية .
عدد التعليقات (1 تعليق)
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟