الرئيسية | أقلام حرة | لا تقدم بدون اعتماد اللغة الأم في كل المجالات الحياتية

لا تقدم بدون اعتماد اللغة الأم في كل المجالات الحياتية

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
لا تقدم بدون اعتماد اللغة الأم في كل المجالات الحياتية
 


ياسين گني

يتحدث الكل اليوم في العالم العربي و في المغرب خاصة عن الإصلاح و تحقيق القفزة النوعية نحو مسيرة الوطن نحو التقدم و الازدهار بعد أن هب نسيم الربيع العربي بقوة ليفرض على الجميع تغيير المعايير و المقاييس بل و المفاهيم و المبادئ سواء برضا أو تحت تأثير منظومة القيم الربيعية و التي غزت المجتمع العربي بل و الإنساني , واذا كان الإصلاح يهم كل مجالات الحياة فانه من اللازم الاعتماد على أساسيات منهجية في هذا الاصلاح قبل الحديث عن الكيفية و الطرق الكفيلة بذلك, ولعل من أهم هذه الأساسيات حل المشكلة اللغوية التي يتخبط فيها العام العربي منذ أزيد من قرنين و التي تكرست بعد الاستعمار سواء العسكري أو الغزو الثقافي الذي تلاه.

يعتمد جل الدول العربية على لغة المستعمر اولا ثم اللغة الانجليزية ثانية في تسيير المجالات الحيوية من اقتصاد و سياسة و تعليم... وتعتبر شريحة مهمة من المواطنين العرب و المسؤولين ان اللغة الأجنبية هي لغة الثقافة و التقانة و التقدم و لا سبيل لمواكبة العصر و تدارك التخلف الا بلغة أجنبية خاصة اللغة الانجليزية, وفي المغرب يعتمد أساسا على اللغة الفرنسية كحامل لغوي لمختلف الأنشطة اليومية بنسبة كبيرة اذ يمكن اعتبار أنها لغة الحياة المؤسساتية فيما تأتي اللغة العربية ثانية ثم تليها اللغة الانجليزية و الاسبانية فاللغات الأوربية الأخرى بدرجة أقل(و الصينية مؤخرا), ويشهد التعليم المغربي في التخصصات العلمية خطأ منهجيا جسيما اذ يعتمد على تدريس المواد العلمية و التقنية على اللغة العربية في مرحلة ما قبل التعليم الجامعي فيما يعتمد على اللغة الفرنسية في ما بعد الجامعي كما يشتكي مجموعة من الطلبة في الدراسات العليا المعمقة و الدكتوراه من غلبة اللغة الانجليزية في مجموعة من الشعب العلمية, كما يشهد الاقتصاد الوطني طغيانا للغة الفرنسية و الأمر ذاته في أغلب التعاملات المؤسسية المختلفة فيما تهمش العربية أما اذا تحدتنا عن الامازيغية فحدث عن البحر و لا حرج.

يشهد العالم طفرة في التقدم في بعض الدول الحديثة و التي استطاعت أن تبني علومها على أسس قوية وطورت مجالاتها الحياتية على كافة الأصعدة هذه الدول تعتمد أساسا في تعاملاتها الحياتية على لغتها الأم أساسا بل و ان بعضها تتعصب للغتها رغم ان منها من يتحدث لغة مغمورة ليست ذات باع و لا قوة لغويا أو بنيويا, ومن أبرز هذه الدول الصين (الصينية-تقليدية –عصرية) الكيان الصهيوني(العبرية) البرازيل (البرتغالية) تركيا (التركية) إيران (الفارسية) سنغافورة(مجموعة من اللغات منها ما هو محلي) كوريا الجنوبية(الكورية)...وقد طورت هذه الدول و غيرها منظومة تعليمية متكاملة باللغة الام مكنتها من الوصول الى أرقى المراتب العالمية سواء في كل المجالات او في بعضها.

ان لغة الإنسان الام ليست مجرد اداة للتواصل يمكن استبدالها بلغة أخرى بمجرد تعلم هذه اللغة البديلة بل هي مجموعة من التصورات و أنمطة التفكير و الشفرات الثقافية و الوعي الجمعي للإنسان فكل منا يفكر أساسا باللغة الام و يحلم بها و ما حديثنا بلغة أخرى خاصة في مستوى راق من الحديث الى مجموعة من العمليات المعقدة التي يقوم بها الدماغ لكنه رغم ذلك يبقى قاصرا عن إيصال المضمون الحقيقي لمجموع التصورات الكامنة في لاوعي الإنسان

و التي يريد ان يعبر عنها , فمن السهل ترجمة كلمات لمن من المستحيل ترجمة أفكار و تصورات بل و ثقافة الى لغة أخرى.

ان الحديث عن اللغة يختلف من لغة الى أخرى اذ اللغات تتفاوت حسب قيمتها التركيبة و البنيوية ولا شك أن اللغة العربية تأتي في طليعة لغات العالم من حيث القيمة البنيوية و القوة اللسانية و القابلية للتطويع فهي لغة عتيقة بل هي أقدم لغة على الإطلاق لازالت تحتفظ بكل مقوماتها الأصلية و هذا التاريخ كفيل بتطويرها وقد اعتبر أغلب علماء اللغة من النحويين و اللسانيين العربية كلغة العالم المستقبلي كونها غير قابلة للموت كما ان اللغة حية مادام القرآن ملتصق بها فحفظ القرآن مرتبط بحفظها و حفظها كفيل بحفظ التراث اللغوي العربي المتراكم عبر التاريخ على رأسه الشعر العربي الحافظ و المحفوظ ب وللقرآن كشاهد و كتراث قائم الذات معزز للغة العربية , ولا داعي التذكير ان أغلب المنظمات السرية و العلمية و المخابراتية تقوم بحفظ ملفاتها المهمة بمجموعة لغات حية من ضمنها اللغة العربية وأورد هنا بعض الأقوال لبعض العلماء الأجانب قبل العرب في أهمية اللغة العربية . يقول الفرنسي إرنست رينان : (( اللغة العربية بدأت فجأة على غاية الكمال، وهذا أغرب ما وقع في تاريخ البشر، فليس لها طفولة ولا شيخوخة .)) ( و ان اختلفنا على ذلك كونه اعتمد على ما وصل من الشعر الجاهلي لكن يبدو ان ما وصل كان أكثر) ويقول الألماني فريتاغ : (( اللغة العربية أغنى لغات العالم)) . ويقول وليم ورك : (( إن للعربية ليناً ومرونةً يمكنانها من التكيف وفقاً لمقتضيات العصر. )) ويقول الدكتور عبد الوهاب عزام : (( العربية لغة كاملة محببة عجيبة، تكاد تصور ألفاظها مشاهد الطبيعة، وتمثل كلماتها خطرات النفوس، وتكاد تتجلى معانيها في أجراس الألفاظ، كأنما كلماتها خطوات الضمير ونبضات القلوب ونبرات الحياة. )) ويقول مصطفى صادق الرافعي : (( إنما القرآن جنسية لغوية تجمع أطراف النسبة إلى العربية، فلا يزال أهله مستعربين به، متميزين بهذه الجنسية حقيقةً أو حكماً.)) ويقول طه حسين : (( إن المثقفين العرب الذين لم يتقنوا لغتهم ليسوا ناقصي الثقافة فحسب، بل في رجولتهم نقص كبير ومهين أيضاً).

لكل و ما سبق و لأسباب لا تعد و لا تحصى وجب على الدولة ان تفكر في طريقة لتعريب الحياة بكل تجلياتها دون أن يعني هذا أن نهمل اللغات الاخرى كما انه من الواجب الاعتناء باللغة الامازيغية باعتبارها رافدا و مكونا اساسيا للوعي المغربي و انها لغة أم لمجموعة من المغاربة مع ضرورة تغيير المقاربة المعتمدة لهذه اللغة و التي من المحتمل ان تصبح موردا للعنصرية ان استمر التعامل معها كخصوصية عرقية بدل التعامل معها كخصوصية لغوية.

 

 

 

مجموع المشاهدات: 759 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (1 تعليق)

1 | amazigh
si je suis votre analyse, cette article ne devait pas etre destiné au peuple nord afraicain car ils sont tous des imagighns , ils ont une langue et une culture amazigh. donc la premiere langue deoit etre tamazight, qu est ce que vous pensez cher ami?
مقبول مرفوض
0
2012/03/11 - 08:31
المجموع: 1 | عرض: 1 - 1

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة