الرئيسية | أقلام حرة | الواقع المؤلم

الواقع المؤلم

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
الواقع المؤلم
 

 

أيوب رفيق

فجر الممثل المغربي الجنسية و الفرنسي الأصل سعيد التغماوي في آخر تصريحاته مفاجأة اعتبرها  العديد من المتتبعين أنها  من العيار الثقيل نظرا للجرأة التي تكتسيها و الواقعية التي تتخللها  و كذا موضوعها الذي يتجاوز الخطوط الحمراء ,إذ صرح لإحدى المجلات الناطقة بالفرنسية أن الدعارة هي المنتوج الثاني الذي يصدره  المغرب بعد الحوامض مما آثار ضجة إعلامية و استياء كبير في صفوف المواطنين المغاربة الذين يرون أن هذا التصريح يمس بقدسية الشعب المغربي و المرأة المغربية بصفة خاصة.

و إذا قمنا بمسح بصري بسيط  لكرونولوجيا الشخصيات التي اتخذت نفس الطرح الذي يتبناه التغماوي فسنستخلص أن أغلبيتها الساحقة تتوافد على المغرب بشكل دوري للقيام بجولات فنية أو المشاركة في ملتقيات ثقافية و سياسية أو ربما الإستمتاع  بنزهة تشبع رغباتها الجنسية و هذا ما لا يجب نفيه ليس اقتداء بهذه التصريحات المتتالية التي تصب في نفس المنحى و إنما للمشاهد التي ترمقها العين المجردة في الشوارع و المقاهي و غيرها من المرافق.

بيد أن المعطى الذي  يصعب استيعابه,هو الإستنكار الكبير لشريحة مهمة من المجتمع  لمثل هذه التصريحات كأنها لا تتردد على هذا البلد سوى في شهر رمضان حيث تقل مظاهر الإنفلات الأخلاقي و عدم التقيد بالاعراف المغربية و الضوابط الدينية,نعم فالمغرب يشهد استفحال كبير لهذه الظاهرة التي تنخر جسد مجتمعه كغيره من دول العالم الثالث التي يفتقر مواطنوها لأبسط شروط العيش الكريم,و تلجأ عدد معتبر من نساءها إلى امتهان الدعارة كآخر حل لإعالة أسرهن التي تتخبط في الفقر المذقع و المميت.

فإن حاولنا تحليل هذا الموقف ببساطة تامة و موضوعية تبعدنا عن التعاطف مع انتمائنا,فسنستخلص أن تصريح سعيد تغماوي يحمل في طياته نقاط إيجابية  كما تتخلله أيضا أخرى سلبية, فعلى المستوى الإيجابي يمكن اعتبار أن هذا التصريح يترجم معطى واقعي و جلي لا يختلف اثنان على وجوده و تفشيه في مجتمعنا ,وما تناوله لهذا الموضوع إلا فرصة ثمينة لفتح نقاش عمومي حول الظاهرة و مساءلة الذات و تحديد المسؤوليات التي يتحملها كل الأطراف إذ يجب عدم تصنيف هذه القضايا في خانة الطابوهات التي لا تستحق الوقوف عندها و اعتبارها خطا أحمرا في الوقت الذي تعد فيه هالة سوداء تلتصق بهذا البلد أينما حل إسمه و ارتحل.

أما الجانب المظلم من تصريح سعيد التغماوي فيمكن حصره  في عدم امتلاك هذا الأخير للجرأة الكافية لتسليط الضوء عن تلك اللوبيات التي تستخدم الفتيات المغربيات كسلعة رخيصة لتحقيق مصالحها الخاصة و ما السياسات الحكومية الفاشلة في القطاع السياحي  التي تضحي بسمعة هذا الوطن مقابل جني عائدات ضخمة تذهب في آخر المطاف إلى أعالي الأهرام أكبر مثال على هذا الفعل المشين الذي يمس بشرف المغاربة,إذن فبالأحرى انتقاد أعلى الهرم من مسؤولين على القطاعين السياسي و الأمني قبل التوجه إلى أسفل الهرم و هن تلك الفتيات اللواتي يؤدين دورا ثانويا في فيلم سينمائي أعد له مسبقا من طرف عقليات لا تمتلك ضمائر حية.

و بخصوص ردود الفعل التي أعقبت التصريح من طرف منظمات حقوقية و أخرى  جمعوية  التي ترى أن سعيد التغماوي مس بشرف المغربيات و وضع صورتهن في الحضيض,فلا أعتقد أن لهذه الردود  أدنى ضرورة للدفاع عن صورة المرأة المغربية  التي تظل مقدسة لأن هذه الأخيرة لا تحتاج إلى مدافع عنها  إذ تفرض ذاتها بقوة عن طريق الإنجازات الخارقة التي تقوم و الإسهامات الكبيرة التي  تهديها إلى المجتمع.

"في بعض الأحيان تجرحنا الحقيقة بصراحتها,لكنها تمطرنا بفوائدها "

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مجموع المشاهدات: 893 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة