الرئيسية | مستجدات التعليم | آباء وأمهات يحرضون المعلمين على تعنيف أبنائهم

آباء وأمهات يحرضون المعلمين على تعنيف أبنائهم

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
آباء وأمهات يحرضون المعلمين على تعنيف أبنائهم
 

يستغل بعض الآباء والأمهات هيبة المعلم ويحولونها إلى فزاعة يستخدمونها لزرع الخوف في نفوس أبنائهم المشاغبين لضمان عدم تماديهم في تصرفاتهم المزعجة، بينما يلجأ آخرون  إلى رجال التعليم ويحرضونهم على تعنيف أبنائهم بهدف إرغامهم على بذل مجهود مضاغف للحصول على نتائج إيجابية في دراستهم. يرى هؤلاء الآباء والأمهات في هذا التوجه الحل الأمثل للدفع بأبنائهم نحو طريق النجاح لكن نتائجه تكون أحيانا عكسية ترمي بتداعياتها على نفسية الأبناء.

يتحاشى سفيان قدر الإمكان الحديث مع والده، كي لا يضطر لإطلاعه على النتائج المتدنية التي يحصل عليها، لأنه يدرك جيدا أن وجهة والده ستكون المدرسة بمجرد أن تنتهي جلسة التعذيب التي يخضعه لها باستمرار.

لا تكون الغاية من ذهاب الأب إلى المدرسة التعبير عن استيائه من تقصير محتمل في إلقاء الدروس وشرحها، إنما حث المعلمين على تعنيف إبنه وعدم التساهل معه، لأنه يرجع سبب تدني مستواه الدراسي إلى عدم اتباع المعلمين لأساليب قاسية لمعاقبته.

«العصا كتخرج الرجال»!

«كيضربني وكيحرش عليا المعلمين»، يقول سفيان ذو التسع سنوات بنبرة يعتصرها الألم والخوف، وهو يصف حجم المعاناة التي يعيشها منذ بداية السنة، بسبب العنف الذي يتعرض له بشكل يومي على يد المعلم بأمر والده، الذي يرى أن الحل الوحيد لتحسين المستوى الدراسي لإبنه.

«العصا كتخرج الرجال» جملة يرددها الأب باستمرار على مسامع أفراد أسرته، فالرجل الأربعيني الذي يشغل منصبا مهما بإحدى الشركات الخاصة، يعتبر أن الفضل في نجاحه ووصوله إلى المكانة التي كان يطمح إليها يعود بالأساس إلى والده الذي كان يقسو عليه في طفولته، ويتفنن في معاقبته وضربه كلما أخطأ، كما يطلب من معلميه تعنيفه باستمرار إذا حصل على درجات متدنية في دراسته.

يستحضر الأب دوما بفخر واعتزاز ذكريات طفولته الأليمة داخل المدرسة، حيث كان يتعرض للتعنيف على يد معلميه، الذين كانوا يلجؤون إلى أساليب قاسية لمعاقبة التلاميذ المتخاذلين، أساليب صنعت منه -في نظره- رجلا مكافحا، استمد قوة شخصيته من قسوة معلميه ومن صرامة والده الذي كان ولا يزال مثله الأعلى في الحياة، ما يجعله يصر على الاقتداء به في كل الأمور بما فيها أسلوب تربيته لإبنه والسياسة التي يتبعها داخل منزله مع أفراد أسرته.

غير أن أسلوب التربية المتبع من طرف الأب، لن يجعل منه نموذجا يحتدى به في عيني سفيان، بل سيحول مشاعر الحب التي كان يكنها الإبن لوالده إلى مشاعر كراهية أدت إلى اتساع الهوة بينهما، ويتسبب في تراجع مستواه الدراسي، قبل أن ينعكس بشكل سلبي على نفسية الطفل فيحوله من طفل نشيط محب للعب إلى آخر منطو على نفسه، لا يجالس أفراد أسرته، ويقضي اليوم بطوله وحيدا داخل غرفته.

فزاعة المعلم

«يكون المعلم أحيانا في نظر العديد من الآباء والأمهات الشخص الوحيد القادر على منع أبنائهم من التمادي في بعض السلوكات الخاطئة من خلال استغلال سلطته كرجل تعليم» يقول مصطفى الذي يزاول مهنة التعليم بإحدى المدارس الابتدائية منذ أزيد من عشرين سنة، فلقد صادف الرجل الذي تخطى عتبة الخمسين من العمر خلال مشواره التعليمي حالات كثيرة لآباء وأمهات يستنجدون دوما به وبباقي زملائه من أجل زرع الخوف في نفوس أبنائهم الأشقياء أو الكسالى، وهو الأسلوب الذي كان ولا يزال يرفض اتباعه.

«هاد الولد شيبني ما باغيش يقرا»، «بغيتك تخلعو باش ما يبقاش يدير الضسارا»… عبارات يؤكد مصطفى بأنها مازالت تتردد بشكل دائم على مسامعه من طرف آباء وأمهات استنفدوا كل الحيل والأساليب وفشلوا في إيجاد حل تربوي لتأديب أبنائهم المشاغبين والذين لا يولون الاهتمام الكافي لدراستهم، فقرروا طلب المساعدة من رجال التعليم، من خلال تحريضهم على ضرب أبنائهم وتهديدهم بتعريضهم لأقسى أشكال العقاب في حال لم يمتثلوا لأوامرهم.

«يتصور أولياء أمور هؤلاء التلاميذ في كثير من الأحيان بأن هاته الوسيلة أعطت أكلها، عندما لا يصدر عن أبنائهم أي تصرف مزعج ومستفز، لكنه اعتقاد خاطئ كليا»، يقول مصطفى، مؤكدا أن هذا الأسلوب ليس بالحل الناجع، لأن زرع الخوف في نفوس الأطفال عبر فزاعة المعلم يكون له انعكاسات سلبية على نفسية التلاميذ الصغار من شأنها أن تستدرجهم نحو حافة الهدر المدرسي، بعد أن تتلاشى متعة التعلم واكتساب المعرفة.

صار يرفض الذهاب إلى المدرسة

غياب متعة التعلم هو العنصر الطاغي في حالة الطفل كريم الذي ظل يتعرض لشتى أنواع العقاب منذ التحاقه بمقاعد الدراسة، على يد والديه اللذين كانا يعمدان إلى تعنيفه وضربه كلما لاحظا تراجعا في مستواه الدراسي، قبل أن يقررا إيكال تلك المهمة إلى معلميه.

كريم الذي لا يتعدى عمره السبعة أعوام هو الولد الوحيد بين ثلاث شقيقات لم تنجح أي منهن في الحصول على النتائج المرضية التي ترقى إلى سقف طموحات الوالدين وأحلامهما، لينصب كل اهتمامهما بعد أن خذلتهما البنات على الإبن الأصغر الذي يراهن عليه الأب بالخصوص لتحقيق حلمه بأن يرى أحد أبنائه يزاول مهنة الطب التي يعتبرها أفضل المهن.

كان الأب دوما يرجع سبب فشل بناته دراسيا إلى هامش الحرية الكبير الذي كن يتمتعن به، ما جعله يقرر انتهاج أسلوب مغاير مع آخر العنقود، يعتمد على الرقابة الدائمة داخل البيت بالموازة مع ضغوط المعلم في المدرسة.

صار المعلم بتوجيه من الأب يراقب كل تحركات كريم داخل القسم، ويعاقبه بقسوة على أي خطأ يرتكبه مهما كان بسيطا، كما يرغمه على إنجاز أكبر قدر من التمارين وهو المهمة التي لا يفرضها على باقي زملائه.

«دابا نقولها للمعلم»، عبارة تحمل في طياتها تهديدا صريحا، صارت بمثابة لازمة تتردد على مسامع كريم بمجرد أن يلاحظ عليه والده بوادر العصيان، والتخاذل عن القيام بواجباته المدرسية.

وجد الطفل الصغير نفسه محاصرا بين قسوة والده وعصا المعلم التي تنهال على جسده النحيل لأتفه الأسباب، فصار نتيجة ذلك يختلق كل الأعذار الممكنة لعدم الذهاب إلى المدرسة، فيتحجج بالمرض والعياء، في إصرار تام على الحصول على قسط من الراحة داخل البيت، بعد أن تحولت حجرة الدرس بالنسبة إلى مكان مخيف يتلقى بداخله أبشع أنواع التعذيب.

شادية وغزو

مجموع المشاهدات: 5481 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (11 تعليق)

1 | malekhazin
صحيح ان الافراط في العنف قد يؤدي الي نتائج سلبية وتدفع بالطفل الي النفور من المدرسة وعدم الاهتمام بالتحصيل لكن ما هو مطلوب ليس هو العقاب البدني بل الحزم وعدم التساهل ووضع والحدود واحترامها
مقبول مرفوض
0
2012/03/21 - 12:52
2 | ابوهبة
ان تحليلك غير صحيح وغير منطقي كيف ترجع تردي مستوى سفيان الى تقصير في شرح الدروس ان التخلي عن العصا في المؤسسات هو سبب هذه المصائب.
مقبول مرفوض
0
2012/03/21 - 01:00
3 | fouad
دهبت الهبة والاحترام للمدرس بعدما انتزعت حقوقه و رفع من كتلة حقوق المتعلم على حساب الأستاذ حيث كانت النتائج : تعلم كاريتي وانزال اللوم وكل اللوم على رجل التعلم
مقبول مرفوض
0
2012/03/21 - 01:12
4 | ابو زكرياء
العصا ليست دائما هي الحل . هناك طرق تعليمية نختلفة للتربية وهي كثيرة مثل عامل التحفيز المادي مكافءة عينية للتلميد من جنس ما يحبه او معنوية كان ترفع من شانه داخل الفصل وزملا ءه يستمعون .هناك نوع اخر من الطرق كالحرمان من اوقات الاستراحة او من لعبة كالمشاركة في فريق كرة القدم او ما شابه دلك . واهم شيء هو الاستماع للطفل ومساعدته على حل مشكلته داخل الفصل او خارجه. حقل التربية غني بالحلول الناجعة بدل العصا التي لا تزيد الطين الا بلة .اقول هدا واتمنى قبول الفكرة .
مقبول مرفوض
0
2012/03/21 - 01:25
5 | bizazan
قف لمعلم وفه التبجيل .....إلى آخر البيت الشعري وأضيف إلى ـ العصا كتخرج الرجال ـ تيقولو والله أعلم العصى خرجات من الجنة ـ لو كان هناك شئي من الصرامة من بعض المدرسين وبعض أولياء المتمدرسين الذين تركو الحبل على الغارب لما رأينا الكثير من الظواهر المسيئة إلى المدرسة في المغرب
مقبول مرفوض
0
2012/03/21 - 01:28
6 | امين
و هل تظنون ان المعلم سيلبي طلب الاباء؟ المعلم ليس مغفلا و هو يرى مذكرات تكبل يديه و تمنعه من ارغام التلميذ لانجاز التمارين. هناك مذكرة وزارية و اخرى نيابية و ثالثة محلية كلها تحمل المسؤولية للمعلم و تمنعه من العقاب البدني، و تلاميذ اليوم يعلمون جيدا انهم لن يعاقبوا و لهذا انتشر الكسل و بالتالي انتشرت الامية. المغرب يستورد برامج من دول متقدمة و يجعل من ابناءه ميدانا للتجارب. كان التعليم مزدهرا لما كان العقاب وسيلة من وسائل الجزر اما اليوم فالمعلم يتحاشى رفع صوته على تلميذه خوفا من التلميذ نفسه و من اهله و من المذكرات لا احد يهمه تعليم ابناء الشعب قهر المعلم و هو تلميذا و ها هو يقهر و هو مدرسا
مقبول مرفوض
0
2012/03/21 - 01:57
7 | متعجب
صاحبة المقال تتحدث عن المعلم وكأنه آلة بيدها عصا كلما طلب منه التحرك للتعنيف لا يتوانى في القيام بذلك.يا أختي المعلم لا يلجأ إلى التأديب وليس العنف إلا إذا بلغ الأمر مداه..
مقبول مرفوض
0
2012/03/21 - 02:02
8 | ostad
kan zman hadi 25 ans o l mo3lim mskin fih kolchi tabib nafsani mowajih hariss l madrassa ,,,,daba menin l9ina rosna ba9yin f echelle 9 o chi kaydkhal direct b echelle 10 wla 11 o hna mazal mzanznin drabna kolchi f log1 iwa na3sou o choufo natija dyal etta3lim fin tawsal li bari l islah khaskoum etalbou kamlin b itla9 el mohtajazin f echelle 9
مقبول مرفوض
0
2012/03/21 - 02:44
9 | HOUSSA AIACHE
sahib t3li99jazaka lah khayr;ta3li9 ahsan mina lma9al
مقبول مرفوض
0
2012/03/21 - 06:37
10 | محمد
كما قلت سابقا :إن بقيت ذرة ضمير فهي في الأستاذ.الأستاذ في المدرسة أب وأخ وصديق للتلميذ.يفرح الأستاذ بنجاح تلاميذه ويحزن عند إخفاقهم.مدرسة النجاح تشترط تعاون الأسرة والمدرسة.اليوم انشغال الأسرة بمتطلبات الحياة وقلة الوقت الذي تقضيه مجتمعةوعدم قدرتها على تلبية مطالب صغارها أرغمها على ترك مجال واسع للحرية لأبنائهاوطبيعي أن يختاروا ما هو بعيد عن الدراسة.الأستاذ حي الضمير يقوم بواجبه عكس تلاميذه الا من رحم ربي وهذا أضعف الإيمان.فلا الأسرة ولا القانون ولا المسؤولون سيرحمون الأستاذ إن هو استعمل العنف أيا كان شكله.محيط المدرسة كله انحرافات لا أحد يغير منكرا مما يؤثر سلبا على سلوكات التلاميذ ومن تم على تحصيلهم الدراسي.رحم الله من علمنا وإنا لله وإنا اليه راجعون.انظر علاقة الأبوة والأخوة وبين الجيران والأس والعائلات ستجد أنها تتطور منسيء لأسوة وكذالك في المدرسة وقس على ذلك واقرإ الفاتحة على الجميع.
مقبول مرفوض
-1
2012/03/21 - 06:38
11 | جمال بدر الدين
الحقيقة أن بعض المأجورين في هذا الوطن لا يعجبهم العجب...فلا الأستاذ يعجبهم ولاالأب يعجبهم،دمّروا الأسرة وخرّبوا المدرسة ولم يشفوا غليلهم بعد...والآن هم يتهمون المدرسة والأسرة بالتآمر وهم الذين يرفضون نظرية المؤامرة جملة وتفصيلا..إن هؤلاء المأجورين ينسون أنهم يتآمرون هم أيضاعلى كل شيء جميل في هذه البلاد...فهم لا يرون هذه الجرائم التي أصبح الأطفال والأحداث يرتكبونها في حق بعضهم البعض،ولا ينظرون إلى هؤلاء المنحرفين الذين أصبحوايقتلون آباءهم وأمهاتهم بسبب التسيب الذي ساهم فيه هؤلاء المتآمرون على مجتمعنا بالتشويش على هيبة الأسرة والمدرسة والمجهودات التي كانت ولازالت الأسر والطواقم التربوية في المدارس تقوم بها رغم ما تتعرض له من المشاكل بسبب مضايقات هؤلاء المتاجرين في مستقبل الوطن والحد من أهميةالدين في التخليق والتربية السليمة للمواطن...لم يكن الأب ولا الأستاذ في حاجة إلى العقاب الجسماني أو النفسي إلا في النادر من الأحيان،وبسبب هذه الدعوات الفارغة إلى احترام حقوق الطفل بدون ضوابط تذكر لم تعد هناك أية حقوق لا للأب ولا للأم ولا للأستاذ ولا للمدير ولا لغيرهم...بينما تجد النباح الإعلامي في معظم القنوات الإذاعية والتلفزية والجرائد التي تدعي\"التقدمية\"والمتضاربة مع نفسها ومع بعضها،والتي لا تعرف سوى الحديث عن ما تسميه حقوق المرأة والطفل،وأما الباقي فقد مات...إن هذه التيارات المتآمرة يجب أن تواجه بقوّة حتى يوضع حد للـتّأزيم الاجتماعي والفوضى العارمة التي أصبح المجتمع المغربي يعاني منها،وألا نترك لهم المجال لكي يقولوا ويفعلوا ما يشاؤون حتى يضيّعوا كل شيء باسم الدفاع عن الحقوق وهم يضيّعون ويِؤزّمون المجتمع بأكمله...
مقبول مرفوض
-1
2012/03/21 - 07:31
المجموع: 11 | عرض: 1 - 11

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة