الرئيسية | مستجدات التعليم | بصراحة...من يصر على تدمير المدرسة العمومية؟

بصراحة...من يصر على تدمير المدرسة العمومية؟

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
بصراحة...من يصر على تدمير المدرسة العمومية؟
 

بقلم: اسماعيل الحلوتي

بات قدر المغاربة على ما يبدو موسوما بتوالي الخيبات والعيش في جحيم الانكسارات والأزمات، فقبل حتى هدوء عاصفة المشروعين القانونيين المتعلقين بالتجنيد الإجباري للشباب المتراوحة أعمارهم ما بين 19 و25 سنة، وضرب مبدأ مجانية التعليم في إطار إصلاح منظومة التربية والتكوين، المصادق عليهما تباعا في المجلسين الحكومي والوزار يوم 20 غشت 2018. عاد الجدل أكثر صخبا مع مطلع السنة الدراسية: 2018/2019 حول التدريس بالدارجة، حيث تعالت الأصوات واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي، للاستنكار والتنديد بإدراج مصطلحات بالعامية المغربية في مقررات دراسية بالتعليم الأساسي. مما أخرج وزارة التربية الوطنية من قوقعتها عبر بلاغ باهت، لتبرير فضيحتها المدوية والتأكيد على أن ورود "أسماء حلويات، أو أكلات، أو ملابس مغربية في مقرر دراسي بالسلك الابتدائي، أملته مبررات بيداغوجية صرفة"

فأن ترد وزارة سعيد أمزازي بهذه البساطة من خلف "قناع" بيداغوجي رديء وغير مقنع على هذه الزوبعة من ردود الأفعال القوية، لا يعني سوى أن "وراء الأكمة ما وراءها" وأن هناك إصرارا كبيرا لدى القائمين على الشأن التربوي بإيعاز من أصحاب القرار الكبار، على الانتصار لتيار نور الدين عيوش العضو في لجنة المناهج والبرامج بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، رجل الأعمال ورئيس "مركز تنمية الدارجة المغربية"، الذي سبق أن رفع مذكرة إلى الملك حول رأي مؤسسته "زاكورة" في إصلاح التعليم، يوصي باستعمال الدارجة في التعليم الأولي، لإيمانه الشديد بأنها لغة الأم التي من شأنها تيسير عملية الفهم والاستيعاب والنهوض بمستوى الناشئة، وإلا ما كان ليظل متشبثا برأيه ويصدر قاموسا للدارجة المغربية، زاعما أن إعداده استغرق حوالي أربعة أعوام بمشاركة عدة خبراء وأساتذة مختصين في اللسانيات...

فعيوش ومن يدعم مشروعه التخريبي مصرون بقوة ومهما كلفهم الأمر من ثمن، على إقحام الدارجة في نظامنا التعليمي، إذ ما انفك ينادي بحماس اعتماد لغة الأم في تدريس الأطفال خلال السنوات الأولى بجميع مناطق البلاد، ويرى بألا يبقى الأمر مقتصرا على السنة الأولى، وأن يمتد إلى السنة الثانية والثالثة، شفويا وكتابيا. مدعيا أن من يعارضونه ليسوا سوى أولئك الذين لهم توجهات سياسية وإيديولوجية، ممن كان يتمنى صادقا انسحابهم من المجلس الأعلى للتعليم، وانضمام آخرين من المختصين التربويين ذوي الخبرة والكفاءة العاليتين، للعمل بوضوح واستقلالية دون تأثير من أي جهة، معتبرا أن ما يجري أحيانا بداخله من نقاشات سياسية وإيديولوجية، يتجاوز الدور المنوط بهم في البحث عن السبل الكفيلة بالرفع من جودة التعليم والارتقاء بمستقبل المدرسة المغربية.

فهل الزوبعة التي أحدثها إدراج كلمات بالدارجة المغربية، لا صلة لها بالعلم والثقافة والتحصيل الدراسي، في كتب مدرسية بالتعليم الابتدائي دون استشارة الأساتذة المعنيين والمهتمين بالشأن التربوي، هي الثورة التي وعد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني المواطنين بإشعالها في حقل التربية والتعليم، أم هي مجرد تمهيد لخلق "أجيال جديدة من الضباع" كما تنبأ بذلك الراحل محمد جسوس ذات زمن جميل؟ أليس من العار أن يستمر غرس المزيد من الإحباط والتيئيس في النفوس بمثل هذا العبث، وأن يبرره مدير البرامج التعليمية والمدرسية بالوزارة الوصية فؤاد شفيقي، بأن استخدام مفردات من قبيل "البريوات والبغرير والغريبية"، يهدف إلى الحرص على عدم "خلق قطيعة لدى التلميذ بين لغة الأم واللغة العالمة التي سيتعلم بها، وبين الرصيد اللغوي الذي قدم به من الأسرة والآخر الذي سيكتسبه في المدرسة، أو جعله يكره العامية ويحمل في ذهنه صورة سلبية عنها. غافلا أن مئات الأطر العليا والمسؤولين، تخرجوا من المدرسة العمومية دون أن تعرف مقرراتهم الدراسية مفردات بالدارجة.

وإذا كانت هناك جهات لا تهتم بواقع المدرسة المغربية لاعتبارات لم تعد خفية، أو من يعتبر أن إدماج مفردات محدودة بالعامية في مقرر دراسي ليس من شأنه التأثير على المنظومة التعليمية، ناسيا أن الواقفين خلف هذا المخطط الجهنمي ماضون في مسلسل تدمير المدرسة المغربية، بدءا بالإلغاء التدريجي لمجانية التعليم ومرورا بتوظيف الدارجة في التدريس... فهناك نساء ورجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، في جميع القطاعات والهيئات السياسية والمنظمات النقابية وجمعيات المجتمع المدني والإعلام وغيرها، لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام هذه المؤامرة الخسيسة، الرامية إلى طمس الهوية والزج بأبناء الشعب في غياهب الجهل والضياع.

وعلى هذا الأساس طالبت فرق نيابية بمجلس النواب بعقد اجتماع طارئ للجنة التعليم والثقافة والاتصال بحضور وزير التربية الوطنية، للبث في هذه المهزلة التي أثارت الكثير من الجدل والتذمر والسخرية. وفضلا عن أنها تتعارض وأهداف الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم 2015/2030، وتخالف المنظومة القيمية والثوابت الجامعة للأمة المغربية، فإنها تشكل خرقا لمقتضيات دستور 2011، الذي يحدد في فصله الخامس اللغة الرسمية للدولة، حيث ينص على أن "تظل العربية اللغة الرسمية للدولة. وتعمل الدولة على حمايتها وتطويرها، وتنمية استعمالها. تعد الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء".

وإذ نطالب بالسحب الفوري للمقررات التي عرفت تسلل مصطلحات عامية، فإننا نؤكد على أن أزمة المدرسة المغربية ليست مرتبطة بمصادر التمويل أو باللغة الدارجة كما يحاولون إيهامنا، بل إلى إرادة قوية للنفاذ إلى عمق الأشياء، والسهر على أن يكون الإصلاح شموليا وفق منهجية تشاركية، تساهم في الرفع من جودة التعلمات، إعادة تكوين المدرسات والمدرسين، تحسين أوضاعهم المادية وتوفير الشروط التربوية اللازمة، الحد من الهدر المدرسي، تيسير الولوج للتعلم بواسطة التكنولوجيا الحديثة، تفعيل الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة...

مجموع المشاهدات: 10433 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (11 تعليق)

1 | مريم
يامغاربة أقيمو صلاة جنازة على تعليم.لا حولة ولا قوة الا بالله العلي العظيم
مقبول مرفوض
0
2018/09/05 - 08:21
2 | ابو اسلام وعمران
وما ارسلت الا معلما.
كل من يتبوء منصبا او مسؤولية داخل المنظومة التربوية الا ويكثر من الكلام الركيك والخطابات السطحية عن الاصلاح.مشاريع ومواثيق وبرامج ومخططات من اجل الاصلاح هدرت عليها ملايىير لكنها فشلت.لو كانت كلمة الاصلاح من فصيلة البشر لنطق وقال:والله اني بريء منكم براءة الذءب من دم يوسف
مقبول مرفوض
1
2018/09/05 - 11:09
3 |
لا يوجد ما يحرج الوزارة لان البغرير و البريوات و الحرشة... = اغروم امان اغيث افوناس طارت معزة ...، لان المغاربة اتحدوا واتفقوا ان يخربون ويحطمون تعليمهم الذي كان يعترف به في اكبر الجامعات العالمية اما الان محال وش جدتي تقبله ،وسبب هذا الانحطاط هو التشبع بالأنا و الغريزة العنصرية التي تجري في شريان بهض اصحاب القرار، اللهم ا رحم ملكنا الهمام الحسن الثاني لو حصل هذا في عهده لفطع رؤوسهم و قام بتسييرهذا القطاع بنغسه. كان رجل العلم والمعرفة للهم ارحمه يارب.
مقبول مرفوض
1
2018/09/06 - 12:58
4 | أم امحمد
الذي يريد تدمير المدرسة المغربية عائلة الزين اللي فيك و حاشيتها
مقبول مرفوض
0
2018/09/06 - 02:08
5 | ياسين
التعليم
لماذا السكوت على كل هذا لماذ نتركهم يقررون تدمير كل شيء في هذا البلاد هم يعملون لصالح لاجندات تريد تخريب عقول المسلمين انا صدمت عندما وجدت في مقرر الابتدائي ان طفلة شعرت بالحر و خلعت سروالها وقالت الآن لا أشعر بالحر بالله عليكم ماذا يعلمون لابناءنا ماهذا الانحطاط لا حول والا قوة الا بالله العلي العظيم اللهم الطف بابناءنا
مقبول مرفوض
0
2018/09/06 - 03:26
6 | محمد
لا حول ولا قوة إلا بالله
أنا بدوري أطرح هذا السؤال
مقبول مرفوض
0
2018/09/06 - 03:48
7 | كمال
مافيا
من يدافع عن وجود التعليم العمومي الخاص هو من لديه المصلحة في تدمير تعليم الفقراء
مقبول مرفوض
0
2018/09/06 - 04:23
8 | عبدالله
،؟اي تعليم تتحدثون عنه
عجبت لهؤلاء المسؤولين عن قطاع التربية ببلادنا الم نكن جميعا ندرس اللغة العربية على اصولها في مقررات احمد بوكماخ وترخجت الاجيال والاجيال من هاته البرامج التعليمية من من هم حاليا اطر الدولة الدين تنكروا اهانه البرامج التي كان من المفترض اصالاحها وتنقيحها ليس لها تماما وبقينا ننشد الاصلاح الديني اعتقد اننا لن نصل اليه مادمنا فرطنا في الجدور لك الله ياوطني
مقبول مرفوض
0
2018/09/06 - 06:02
9 | عبد. السلام. ب
حول. المقرر. الجديد
انااتقن. الامازيغية. واتكلم. بالعامية. لكن. تبقي. لغة. القران. احسن. لغات. العالم. لغة. اهل. الحنة. ولكن. لي. حبهم. الله. هي. لغة. العلم.لو.ان.اهلها.عرفوا.قيمتها
مقبول مرفوض
0
2018/09/06 - 06:06
10 | عبد. السلام. ب
حول. المقرر. الجديد
انا. اتقن الامازيغية. واتحدث. بالعامية. لكن. تبقي. لغة. القران. لغة. اهل. الجنة. اسمي.و.اعظم.لغات.العالم.لمن.يعرف.قدرها.مقياس.رقي.الامم.هو.التعليم.
مقبول مرفوض
0
2018/09/06 - 06:15
11 | عثمان
هراء
أهكذا يكون إصلاح منظومة التعليم في المغرب؟! سؤال نطرحه على انفسنا ويطرحه كل عاقل ثبتت في حقه صفة الأهلية،والله عار كيف لنل أن ننشئ جيلا برؤى متطلعة نحو مستقبل افضل هذا ولا ننسى ان خطاب ملكنا تركز اساسا على إصلاح منظومة التعليم في المغرب!!!هذا وان دل على شيء فإنما يدل على أن الرجل المناسب في المكان المناسب أليس كذلك اخوتي!!؟؟لك الله ياوطني
مقبول مرفوض
0
2018/09/06 - 07:09
المجموع: 11 | عرض: 1 - 11

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة