الرئيسية | أقلام حرة | الشعب يطلب اللطيف، ويريد الأمن والأمان ولا يريد الإصلاحات

الشعب يطلب اللطيف، ويريد الأمن والأمان ولا يريد الإصلاحات

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
الشعب يطلب اللطيف، ويريد الأمن والأمان ولا يريد الإصلاحات
 

 

 

طاقي محمد

إنه لمن الذكاء أن تقوم السلطات والأجهزة العليا بترك حبل السيبة والفوضى والغوغاء والعبث على مستوى المدن في الوطن بكامله، وقد يبدو في بادئ الأمر أن المسألة تدخل في سياسة جديدة لإعطاء مزيد من الحريات للمواطنين والتجار والباعة، كما أن الأمر يبدو وكأن الدولة تعطي متنفسا للناس بغية التعبير والانعتاق من القمع والتقليل من تدخلات الشرطة هنا وهناك..

وكأن بركات الربيع العربي وبركة البوعزيزي وصلت للمغرب. مما يحتم إعطاء مزيد من الإصلاحات والحريات.. وأصبح يتبادر لذهن أي مواطن أن الحرية تساوي الفوضى والعبث والفتنة. وكأن حياد السلطة يؤدي إلى ما لا يحمد عقباه.

الرسالة التي تظهر في الشارع واضحة وضوح الشمس والتي تود الدولة إرسالها للمواطنين أن الحرية تعني "السيبة". ثم يتبادر للناس أن الحرية هي سبب الانفلات وسبب السيبة والفوضى. هذا وأصبح الناس يطالبون في قرارة أنفسهم "اللهم القمع ولا الفوضى"، "اللهم المغرب ما قبل الثورات ولا المغرب ما بعد الثورات"، "اللهم الضبط ولا هذه الحرية". وبهذا ظهر استياء لدى العامة وبدؤوا يقتنعون أن الشعب لا يستحق الحرية.

وهذا مفهوم جديد وذكي للبلطجة الذي تمارسه أجهزة متطرفة من الدولة المغربية حسب تعبير المصريين. أسلوب نفسه مارسه النظام المصري مع تعديل مغربي ذكي وخفي. بمعنى آخر إذا كان النظام المصري أطلق البلطجية من أجل بعث الفتنة، فالمغرب يستعمل ذلك بفتح المجال للصوص والعبثيين والفوضويين والتجار والباعة الذين لا هَمَّ لهم سوى البيع والربح مهما كلف ذلك من انتشار الفوضى وإغلاق الطرقات والترامي على الأرصفة والملك العمومي..

طبعا ثمة فرق كبير بين الحرية والسيبة فرق واسع بين الحرية والفوضى وفرق كبير بين الانضباط والفتنة..

لأن الحرية لم تكن قط تؤدي للفوضى والعبث والسرقة، بل هي الآلية السليمة للإبداع وإبراز كرامة الإنسان والارتقاء به.. باعتبار الحرية صورة من أشكال تطبيق القانون وتنفيذ نصوصه.. فبدون قانون وبدون رجال يسهرون على تطبيقه، تصبح "السيبة" وقانون الغاب هو المنطق السائد الذي يطبع الحياة العامة.. وهذا هو الذي يحدث الآن.. قانون الفوضى والغاب وليس قانون الدولة وحق المواطن..

متى كان المواطنون ينظمون أنفسهم بأنفسهم ولا سيما في دول متخلفة؟ متى كانت الحرية تعني الفوضى؟ متى كان إخلاء الشرطة للشوارع وعدم ضبط الوضع يعني حرية ؟

بعبارة أخرى، إذا كانت الدولة صادقة في إصلاحاتها كان ينبغي إعطاء مزيد من الحريات، ثم كان ينبغي إطلاق كافة المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، وكذا تسريع عمل الإدارات، والرفع من جودة الخدمات في كافة مناحي الحياة، والضرب على المفسدين وناهبي أموال الشعب، وحماية الناس وممتلكاتهم، والحفاظ على أمنهم، وضبط حركة المارة وتحرير الشوارع والملك العمومي من الباعة والتجار وأرباب المقاهي من استغلالها عبثا.

لأن ترك المواطنين يتصارعون فيما بينهم لا يعني البتة الحرية.. لهذا فلا تختلف الحرية مع القانون والضبط والأمن.

فإذا كانت الدولة والمنتخبون يعتقدون أن إرضاء شريحة من التجار والباعة وأصحاب المقاهي في إفساح الفوضى والتسيب لهم تحت مسمى الحرية ويكون ذلك على حساب ملايين من المواطنين المارة والآمنين. فإن إرضاءهم لا يتم بهذا الشكل الغبي والبلطجي المكشوف..

إذا كان المسؤولون في هذا البلد يحللون نفسية المواطنين وسيكولوجيتهم بوضع خطط جديدة محبوكة ومتناهية المكر من أجل حماية كراسيهم وعروشهم.. معتقدين أن اللعب على عقول ونفوس الناس بأساليب الاستحمار، فإن المكر لا يحيق إلا بأهله. فحذاري أن ينقلب السحر على الساحر.

 

[email protected]

مجموع المشاهدات: 544 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (2 تعليق)

1 | الخلفاوي
قراءة في الصميم انها فعلا معادلة تثير الحيرة والترقب وهنا اود الاشارة الى نقطة مهمة وهي هبة الدولة التي كانت الى وقت قريب جدا تحكمها السلطة والقمع والشطط وادخلت في النفوس الوجل وكانت الدولة تستمد هيبتها من لغة التهديد رغم وجود اشارات قوية من اجل مفهوم جديد للسلطة الذي جاء بفلسفة جديدة تعتمد القرب والانصات لمشاكل السكان واشراكهم في انتاج القرار لكن تم التعاطي معه باستخفاف وحنين للماضي الاليم الذى راكم مجموعة من التمظهرات السلبية والتمثلات لدى عقلية العموم ان السلطة خصما وليس حكما وبعض الممارسلت من طرفها جعل المواكن يركن للترقب وهي حالة لا زلنا نعيشها مع الاسف كانت الفرصة مواتية للقطع مع الماضي لولا بعض العقليات الموجودة في موقع القرار وهنا لا بد من التاكيد على دور المجتمع المدني من حيث المراقبة والمساهمة الفعلية في فرض اسس حقيقة لتطوير العلاقة بين المواطن والادارة وفق مقاربة تروم خدمته وليس تبخيس تطلعاته وامام المعادلة الصعبة وهي الرجوع الى نفس الاسلوب وبالتالي فرض الامن او الانتقال الى حرية التعبير وهي الفوضى بين هذا وذاك ننتظر كيفية ادارة الازمة نتمنى ان تكون بحكمة وتبصر وارادة قوية اساسها الاحتكام للقانون دون تمييز
مقبول مرفوض
0
2011/09/07 - 02:10
2 | abdo
bravo 3lik khy tagi wallah ila khsna hta hna chi thoura kbirra asa7bi wash syad bra ifout m3a zan9a ou mol lkarousssa jabad 3ando siiif wallah ila 7chomma oudarbo loukan 9asah ikoun 9tlah choukran 3la lmawadou3
مقبول مرفوض
0
2011/09/08 - 05:31
المجموع: 2 | عرض: 1 - 2

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة