لماذا لا تتوقف أدمغتنا عن "البحث عن المتاعب"؟
بي بي سي عربية
هل صادفت أشخاصا يبدون دائما مهمومين بمشاكلهم؟ وهل أنت واحد من هؤلاء؟ إذ كشفت أبحاث مؤخرا أن هذا الشعور قد لا يعكس حجم المشكلات التي يواجهها هؤلاء في الواقع، بل يرجع إلى الطريقة التي يعالج بها الدماغ المعلومات.
لماذا نشعر أن الكثير من المشكلات التي تواجهنا مستعصية، مهما بذلنا جهودا لحلها؟ تبين مؤخرا أن ثمة خللا في الطريقة التي يعالج بها الدماغ البشري المعلومات، وبسبب هذا الخلل، فإن الظاهرة عندما تنحسر في المجتمع وتصبح نادرة الوجود، نشعر أنها أصبحت أكثر انتشارا من أي وقت مضى.
ولنأخذ مثالا على ذلك من مجموعات حراسة الأحياء السكنية، وهم مجموعة من المتطوعين يتعاونون معا لحراسة الحي الذي يسكنون فيه منعا لوقوع الجرائم ويبلغون الشرطة إذا لاحظوا تحركات مريبة في المنطقة. فعندما ينضم الشخص في البداية إلى نظام حراسة الأحياء، تجده دائما يبادر بإبلاغ الشرطة إذا رصد العلامات الأولى للجرائم الخطيرة مثل السطو أو الاعتداء.
لنفترض أن هذه الجهود آتت أكلها بالفعل وانخفضت معدلات الجريمة إلى أدنى حد. ماذا سيفعل المتطوعون؟ لعلك تتوقع أنهم سيرتاح بالهم ويتوقفون عن استدعاء الشرطة، لأن الجرائم الخطيرة التي كانت تقض مضاجعهم أصبحت شيئا من الماضي.
لكن فريقنا البحثي اكتشف أن الكثير من المتطوعين راحوا في المقابل يتصلون بالشرطة للإبلاغ عن أشياء لم تلفت نظرهم من قبل عندما كانت معدلات الجرائم مرتفعة، مثل الإبلاغ عن شخص كان يعبر الطريق باستهتار أو شخص يتسكع في الطرقات ليلا.
ربما يعيد هذا الموقف إلى ذهنك الكثير من المواقف المشابهة، فقد تشعر أن المشكلة تستعصي على الحل لأن الناس يغيرون تعريفهم لها بحسب انحسارها أو انتشارها في المجتمع.
ويشار إلى ذلك أحيانا باسم "اتساع المفهوم"، أي أن المفاهيم التي تشير إلى سلوكيات أو تجارب سلبية تتسع باستمرار لتشمل طائفة من الظواهر السلبية الجديدة. فكيف ستقيس مدى التقدم الذي حققته في حل المشكلة ما دام تعريفها يستند إلى معايير نسبية ومتغيرة؟
