معية الله تعالى كما قررها القرآن

دين ودنيا

07/11/2019 17:22:00

أخبارنا المغربية

معية الله تعالى كما قررها القرآن

مذهب أهل السنة والجماعة اتباعُ السلف الصالح في باب الأسماء والصفات، وحاصل مذهبهم أن الله سبحانه وتعالى يُثبَت له من الأسماء الحسنى والصفات العلى ما ثبت في كتابه أو سنة نبيه من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.

 

وصفة المعية من الصفات الثابتة لله في الكتاب والسنة، بأن الله معنا حقيقة كما يليق بجلاله ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) ( الشورى:11)، مع إثبات علو الله سبحانه فوق عرشه واستوائه عليه استواء يليق بجلاله.

 

وأصل المعية في اللغة يرجع إلى الاسم (مع )، ومعناه الصحبة والمصاحبة ، وضم الشيء إلى الشيء واجتماع شيئين.

 

وعلى هذا فإن (مع) لا تقتضي في اللغة اختلاطًا ولا امتزاجًا ولا اتصالاً، كما زعمه البعض، بل هي لمطلق المصاحبة والمقارنة، ألا ترى أن القمر يكون مع المسافر وغيره، وهو عال بعيد ، لا يخالط الناس ولا يمازجهم.

 

والمعية : قد تفيد العلم، أيضا ، وقد تفيد النصرة، إذا كان السياق يدل على ذلك ، قال ابن الجوزي رحمه الله : إن (مع ) في القرآن على خمسة أوجه: ( الصحبة) كما في قوله تعالى: ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ) (الفتح:29)، قال ابن عاشور رحمه الله: ومعنى (معه) : المصاحَبة الكاملة بالطاعة والتأييد.

 

و(النصر) كقوله تعالى: ( إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه ) (التوبة:40 )، قال السعدي رحمه الله: أي بعونه ونصره وتأييده. و( العلم ) كقوله تعالى: ( ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ) (المجادلة:7)، قال السعدي رحمه الله: وهذه المعية، معية العلم والاطلاع، و(عند) كقوله تعالى: ( وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم) (البقرة:41 )، قال ابن كثير رحمه الله وغيره: لأنهم يجدون محمداً صلى الله عليه وسلم مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل ، و(على) كقوله تعالى: ( فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون ) (الأعراف:157 ). قال الشوكاني رحمه الله : أي اتبعوا القرآن الذي أنزل عليه مع نبوته.

 

أنواع معية الله في القرآن:

 

جاءت هذه اللفظة في ثمان عشرة آية من آي الذكر الحكيم، تفيد معية الله سبحانه لملائكته، أو صفوة خلقه من أنبيائه، وأوليائه والمؤمنين الصادقين، أو سائر الناس، ودلت هذه النصوصُ القرآنية على وروده على معنيين اثنين، كما قال ذلك غير واحد من أهل العلم وهما:

 

المعية العامة : وهذا النوع من أنواع المعية المراد به أن الله مع جميع الخلق بعلمه، أي بمعنى الإحاطة والشمول، فهو مطلع على خلقه شهيد عليهم وعالم بهم، وسميت عامة لأنها تعم جميع الخلق، ولقد وردت في القرآن في مواضع كثيرة منها كما في آية المجادلة السابقة.

 

المعية الخاصة : وهي معيَّة الإطلاع والنُّصرة والتأييد والتوفيق، وسميَّت خاصَّة لأنها تخصُّ أنبياء الله وأولياءه دون غيرهم من الخلق، وقد وردت في القرآن في مواطن كثيرة منها على سبيل المثال: ( يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين) (البقرة:153)، أي إنَّ الله مع الصابرين بعونه وتوفيقه وتسديده.

 

آثار الإيمان بهذه المعية:

 

لكل من المعيتين العامة أو الخاصة آثارٌ جليلة وعظيمة، فبالنسبة للمعية العامة فإنَّ من أهم آثارها:

 

ـ  تربية المهابة في نفوس الناس من هذا الإله العظيم العليم بالسر وأخفى.

 

ـ الإسراع بالطاعة والإقلاع عن المعصية لإحاطة علمه تعالى بخلقه.

 

أما ما يتعلق بالمعية الخاصة، فمن آثارها:

 

ـ من كان الله معه فلا يغلبه أحد ولا يؤثر فيه شيء، فهو يتصل بمصدر القوة، وهي قوة الله الغالب على أمره القاهر فوق عباده.

 

ـ  لا يشعر صاحب المعية بوحشة لأنه معه ربه يؤنسه ويثبته ويقويه.

 

ـ الشعور بالرضا والاطمئنان والهدوء النفسي، كما قال موسى عليه السلام بكل ثقة واعتزاز لما حاصره فرعون وجنوده، : (إنَّ معي ربِّي سيهدين ) ( الشعراء:62).

 

وبعد هذا البيان الموجز عن معية الله من خلال آيات القرآن يتبين لنا أنها إما عامة لجميع الخلق، وهي معية علم، وسمع، وبصر، وإحاطة، وقدرة، وغلبة، وهو مع ذلك بذاته فوق عرشه. وإما خاصة، وهي معيته مع خواص خلقه بالنصرة، واللطف، والتأييد.

 

مجموع المشاهدات: 3481 |  مشاركة في:
        

عدد التعليقات (4 تعليق)

1 - احمد
لا للسفسطائية
علموا الناس كيف يطبقوا قيم التسامح والتكافل والتضحية والإيثار واحترام الأعراض والأموال والدماء ، وممارسة شعائر الاسلام بطريقة وسطية لا غلو فيها ، اما الكلام السفسطائي كهذا المقال فلا مكان له في العقول البسيطة التي لا تعرف نواقض الوضوء ولا كيف تزيل الجنابة
مقبول مرفوض
0
2019/11/07 - 10:19
2 - محمد
توضيح
أولا بارك الله فيك يا صاحب المقال وأقول لأخي أحمد رقم 1 ،اتق الله ،بارك الله فيك وأرشدك لطاعته،هذا ليس كلام سفسطائي،هذا حق. وأول وأهم وأوجب شيء يجب تعلمه هو التوحيد،كما بدأ به خير الناس ،رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، ولبث بدعوته للتوحيد ثلاثة عشر سنة ،ومن الناس الآن قلما تجده يدعو إلى هذا الركن الأعظم.بارك الله فيكم
مقبول مرفوض
0
2019/11/08 - 09:45
3 - يونس
مقال جميل بارك الله فيك
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. مقال جيد مع أمثلة واضحة، تابع جهودك أخي الكريم وفتح الله لك.
مقبول مرفوض
0
2019/11/08 - 11:55
4 - احمد
لا ازكي نفسي
الى محمد رقم 2 ان بعض الظن اثم اتق الله في نفسك اولا واستغفر الله ولا تظن بإخوانك المسلمين سوءا ولا ازكي نفسي على احد ، وإنما قصدت ان العامة من المسلمين حيث تتفشى الأمية وتضرب أطنابها في مجتمعهم لا تعي هذا الكلام ، وإنما قد تعي لا اله الا الله وحده لا شريك له ولا معبود سواه ، وهو معكم أينما كنتم . ويبقى هذا المقال منارة لمن تفتحت مداركه ووعى عقله وعمل بجوارحه،وعمل على إصلاح ذات بينه اللهم اني اعوذ بك من الذين يفتنون عبادك ويضلونهم عن سبيلك
مقبول مرفوض
0
2019/11/08 - 03:27
المجموع: 4 | عرض: 1 - 4

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟