كورونا المغرب بين حظر التجوال وسياسة مناعة القطيع المرعبة

قضايا المجتمع

09/08/2020 16:57:00

أخبارنا المغربية

كورونا المغرب بين حظر التجوال وسياسة مناعة القطيع المرعبة

بقلم الأستاذ منير الحردول

أمام تزايد حالات الإصابات المؤكدة بالفيروس المستجد، وتناسل أعداد المخاطين الذين بدأت تعج بهم الكثير من المستشفيات، والفنادق، و المراكز، والداخليات، وغيرها من المواقع المحاطة بالحراس، والمكلفة ماديا والمجهدة بدنيا، للصفوف الأمامية، التي تسهر ليل نهار على التصدى لهذه الجائحة، و التي يجهل لحد الآن المسار الذي سوف تتخذه مستقبلا، في ظل غياب دواء فعال أو علاج ناجع، رغم سماعنا لأخبار مثيرة متواترة هنا وهناك، حول التوصل للقاحات واعدة، لكن غير مضمونة العواقب مستقبلا على جسم الإنسان الهش!

وفي ظل اتساع رقعة الإصابات التي بدأت تتخطى المئات يوميا، وأمام الضغط المستمر على الاقتصاد وقطاعات بعينها، كالصحة والأمن والسلطات الداخلية التي تعمل جاهدة على محاصرة الوباء، في وضع اتسم برفع كلي للحجر الصحي على كافة ربوع التراب الوطني، وما صاحب ذلك بالسماح بالتنقل بين المدن والأقاليم والجهات، وعودة الحركية لأغلب الأنشطة الصناعية والتجارية والخدماتية، لكن ليس بالدينامية المعروفة و المعهودة سابقا.

وفي ظل الإكراهات والإرغامات المختلفة التي تواجه الدولة، وكيفية التوفيق بين وقف زحف الوباء القاتل، والسماح باستمرار دوران عجلة الاقتصاد المتعثر، لتفادي الكثير من المآسي الاجتماعية المرتبطة بالإغلاق التام، كالحاجة والفقر وقلة ذات اليد وانعدام الدخل وغيرها من أحزان الجوع والخصاص المادي والمعنوي المتعدد الاتجاهات والأبعاد.

أصبحت خيارات الدولة معقدة للغاية، في ظل مفارقة حتمية مؤلمة، وقد يصبح هذا الألم مرعبا في حالة استمر الوباء في الزحف على أغلب المناطق، فكورونا الفيروس المتجدد القاتل يزحف، والخوف من الثالوث المرتبط بالحياة اليومية والمعيشة لعموم المواطنات والمواطنين، أمسى يترنح بين خيارات التوقف الدوري، أوالاستمرارية المحفوفة بالمخاطر. هذا الثالوث يمكن تلخيصه في ضمان استمرارية الأنشطة الاقتصادية، والاجتماعية، أو العودة للحجر الصحي!

فصناع القرار كان الله في عونهم، في هذه الظروف الدقيقة للغاية.

و ويبدو أنه أمام المملكة خيارين أحلاهما شديد المرارة, فالخيار الأول هو التفكير في حظر التجول القسري والدوري، أما الخيار الثاني والذي حذرت منه الهيئات الطبيية ومنظمة الصحة العالمية، والذي ينطوي على المغامرة، والدخول للمجهول أمام العجز، من خلال نهج سياسة مناعة القطيع المرعبة!

ولعل تفكير الدولة في هذين الحلين، أو اللجوء إلى حلول أخرى، هو من الصعوبة بمكان، فلو تم اللجوء لحظر منظم والصارم، يتم تطبيقه بصفة دورية، لمدة محددة في المناطق الموبوءة لمدة 15 يوما قابلة للتجديد، لكن بعد تنظيم محكم، وتزويد جميع الأسر والأفراد بالحاجيات الغذائية والطبية الضرورية، للمكوث في منازلهم في فترة الحجر الحظري القسري، مع ضرورة إعفاء الأسر والمناطق المستهدفة منه من واجب آداء فاتورتي الماء والكهرباء في هذه الفترة، شريطة التوعية القبلية لهذه الإجراءات بواسطة الآلة الإعلامية الرسمية للاستعداد لتقبل هذا النوع من الإقامة الجبرية، كحل موضوعي قادر حلى محاصرة الفيروس، وضبط المصابين، وسهولة الوصول إليهم، في فترة الحظر الشامل، هذا الحظر رغم صعوبته لكن من المحتمل أن يساهم في لجم بعض مظاهر الاستهتار بالاجراءات الاحترازية العديدة، في المقابل يسمح بعودة الأنشطة الاقتصادية والخدماتية المتنوعة للحياة ،مادامت مدة هذا الحظر قصيرة، على أن يطبق هذا النوع من الحظر المتشدد فقط على المناطق التي تعرف إصابات كبيرة، وحتى إن تم تعميمه على كامل المناطق مدة محددة في9 أيام أو 15يوم، وهي المدة التي تجمع بين حضانة الفيروس وظهور أعراضه النهائية.

ولعل تجربة حظر التجول، في المناطق الأكثر من حيث تفشي الفيروس، سكون مناسبا وغير مكلفا، لكن وبدون شك له تبعات متعبة جدا، للأجهزة الأمنية والعسكرية والطبية، ويحتاج لتصميم، وتخطيط، وتدقيق، وانتشار، لضبط هذا الاستهتار، وفي حالة تكللت هذه الاستراتيجية بالنجاح، ستكون سابقة للبلاد، ومفخرة للعباد والوطن، في محيط لا زال شديد الهيجان.

أما وفي حالة اختلطت الأوراق، وبدأ الفيروس في الزحف على العالم بما فيه بلدنا، فسياسة مناعة القطيع، ستكون خطيرة جدا، وغير دقيقة رغم توقعات الخبراء، واسقاطاتهم الاحصائية من حيث نسبة الإماتة والفتك، وقدرة الشعب على اكتساب مناعة محتملة، ضد فيروس يجهل عنه الكثير.

فوضعية النظام الصحي تسائل مدى قدرة استيعاب الكم الهائل من الضحايا، خصوصا من ذوي الأمراض المزمنة، وضعفاء اللجهاز المناعاتي، و القدرة على مدى تحمل الرعب والخوف من الأعداد المتزايدة للضحيا من جميع الأعمار!

لذا، فخير ما يمكن فعله في هذه الفترات العصيبة، والتي لا زالت فيها سفينة البلاد تلتطم بأمواج عاتية، هو الالتزام بالتدابير الاحترازية، وتفادي الأماكن المزدحمة، والتخلي عن فكرة الجولان والاستجمام بدون مبالاة، ونكران الذات من خلال احترام التباعد الاجتماعي، وتجنب الزيارات العائلية المبالغ فيها، وفي ذلك كلام كثير، ملخصه هو الوعي ثم الوعي، الذي قد يجنب سفينة البلد التي تحمل الكثير من العباد، خطر الغرق في محيط شديد العمق. و نترجى خيرا وسلاما من خالق هذا الكون،  والسلامة لبلدنا المغرب، وللبشرية جمعاء.

 

مجموع المشاهدات: 21382 |  مشاركة في:
        

عدد التعليقات (11 تعليق)

1 - عبدالله
قطع الأعناق و لا قطع الأرزاق
كل دول العالم تعمل على اتباع سياسة التخفيف و مناعة القطيع إلا دول المغرب التي تصر على التضييق على الحريات و أرزاق العباد
مقبول مرفوض
1
2020/08/09 - 05:31
2 - Mima
وا عباد الله راه الاغلبية غتموت بسبب استهتار البعض. اغلقوا المتنزهات و الحدائق و الشاطئ و لنعد الى طريقة الحذر كما في الشهور الاولى مع منع التنقل بين الاحياء و حتى بين المدن كيفما كانت الاسباب راه ما كاينش ما هو اغلى من الصحة راه كلشي نقدرو نعوضوه إذا بقينا في صحة جيدة
مقبول مرفوض
-3
2020/08/09 - 05:39
3 - Smr
Mrkch
السلام عليكم عندما تلتطم سفينتك بالامواج العاتية وسط بحر مترامي الاطراف فما عليك يا صديقي الا بالتضرع الى رب البحر و الامواج ، لذا فمن الضروري ان نتضرع الى رب العزة و الجبروت بان يرفع عنا هذا الوباء وخصوصا ان شريحة واسعة من المجتمع للاسف الشديد لم تدرك صعوبة وخطورة الأمر بعد والله المستعان
مقبول مرفوض
1
2020/08/09 - 05:54
4 - ولد الشعب
الحجر الصحي من جديد ليس بالحل تلاث دشهور اوحنا كالسين وزيد العيد لا درهم لا جوج. اما الدعم مكنتسناوهش من لي خربو البلاد. لي بغا الحجر الصحي اديرو هو نيت مايخرجش حتى ايفوت هادشي. حيت باين بلي هادوك لي بغاو الحجر يرجع لقاوها باردة الناس ما لقات باش تعيش او هما كهرنطو كورونا الا من عند الله ارحم منكم. الله يلطف بنا
مقبول مرفوض
3
2020/08/09 - 06:22
5 - متقاعد
سقوط ليس فشلا ولكن الفشل هو يبقي حيث سقط
ربما كورونا عطات درس الي دولة كاملة ولها سياسيين هي من صنعتهم واحزاب ونقابات ووكلشي تابع اليها عليها بتغيير مخطط الدي كان عليه مغرب مند قديم لانها تعمل بسياسة قديمة مند استقلال لم يتغير اي شيء دستور يتغير وجوه تتغير وسفينة تبقي تبحر بالقديم فقط استفيدو ٠ جيدا من هدا درس بمسؤولين شجعان ووطنيين ولهم كفاءات وبركة من وجوه زلط وكوارث ربما كلشي عاق الا نحنو سنبقي نكدب علي رؤوسنا ونتستر وراء نمو ضعيف اقتصاد ضعيف كريدي كل هدا غرق من صنعه ؟انهم هؤلاء الدي لازالو مع كرسي بأسنانهم
مقبول مرفوض
0
2020/08/09 - 06:56
6 - kamal
رد فقط.
إلى التعليق الأول. ليس هناك لحد الٱن أي دولة تتبع ممانعة القطيع لأن نتائجها كارثية خاصة في الدول التي لها هشاشة في البنية تحتية الصحية. فمثلا دولة السويد لم تفرض الحجر الصحي ولكن الناس من طبيعتها متباعدين وكلهم يرتدون الكمامات ولا يتصافحون ومستوى الوعي جد مرتفع. أما عندنا فالأمر غريب، ولا نختبؤ وراء كسب الأرزاق، فمعظم المصابين وحتى في الوحدات الصناعية كانت نتيجة الممتلكات العائلية والشبه العائلية والإزدحام في الأسواق والمقاهي والتوترات وبدون غرض، أما النظافة والكمامات بالشارع له الجواب. والسؤال لماذا سبقتنا العديد من الدول التي كنا نتبجج أمامها وربما أرسلناه لها المساعدات؟
مقبول مرفوض
-1
2020/08/09 - 10:08
7 - حمزة
إلا صلاتي
يبدو أن إغلاق المساجد جاء بنتيجة عكسية في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه...
مقبول مرفوض
0
2020/08/10 - 03:48
8 - مواطن
الجهل المدقع
فصناع القرار كان الله في عونهم، في هذه الظروف الدقيقة للغاية مع الجهل و انعدام الوعي المستشريان في هدا المجتمع ستصبح جاءحة كورونا افضع
مقبول مرفوض
0
2020/08/10 - 04:21
9 - Hamid Raho
حرية الرأي
أضن أن الوعي لايولده الزجر السلطوي أو الهتافات الإعلامية الوعي الحقيقي الدي يعطي أكله ويجنب الشعب من كل المخاطر سواء كانت كورونا أو غيرها هو الوعي الديني الوعي اللدي سيجعل الإنسان يراقب ربه في جميع أوقاته فلا يؤدي نفسه ولا غيره هدا هو الوعي اللدي يجب أن تنشروه لكن مع الأسف تعرفون الحق وهو قريب منكم وتبحتون عليه في غير موقعه إما جهلا منكم أو إستكبارا
مقبول مرفوض
0
2020/08/10 - 04:50
10 - ن .ن
تحدير
مناعة القطيع صالحة للدول التي لها مقدورة على استعاب عاب الحالات الشديدة لما تتوفر علية الاف اسرة الانعاش اما المغرب فهي كارثة عظمى لاطاقة للمغرب بها والخطورة عند بداية الدراسة قد تصل الوفايات اليومية الالاف وهو نهك للصحة والاقتصاد
مقبول مرفوض
0
2020/08/10 - 04:55
11 - Moh
والله ما خالق الرعب الا انتما و منظمة المرض العالمي ...
مقبول مرفوض
0
2020/08/10 - 04:59
المجموع: 11 | عرض: 1 - 11

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟