غموض يلف ترحيل كتب ومخطوطات نادرة بتطوان.. شاحنة جماعية تشعل الجدل والملف يصل البرلمان

غموض يلف ترحيل كتب ومخطوطات نادرة بتطوان.. شاحنة جماعية تشعل الجدل والملف يصل البرلمان

أخبارنا المغربية-مريم الناجي

أثار نقل كتب ووثائق نادرة من داخل المكتبة العامة والمحفوظات بتطوان موجة واسعة من الجدل والاستنكار، عقب تداول صور توثق استعمال شاحنة تابعة لجماعة تطوان، مخصصة عادة لنقل الأتربة ومخلفات الأشغال، في ترحيل صناديق تضم رصيدا وثائقيا يعد من أقدم وأهم الكنوز المعرفية بالمدينة.

ووثقت الصور عملية شحن وصفت بـ”العشوائية”، ما فجّر نقاشا حادا في الأوساط الثقافية والسياسية، بالنظر إلى القيمة التاريخية والعلمية للمخطوطات والكتب التي تحتضنها هذه المؤسسة العريقة، وما يشكله نقلها دون إعلان رسمي أو توضيح إداري من تهديد مباشر لذاكرة تطوان وهويتها الثقافية.

وانتقل الجدل إلى قبة البرلمان، بعدما وجهت النائبة البرلمانية سلوى البردعي، عن فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، سؤالا كتابيا إلى وزير الشباب والثقافة والتواصل، طالبت فيه بتوضيح ملابسات نقل الكتب والوثائق النادرة في ظروف وصفتها بـ”الغامضة”، ودون احترام لشروط الحفظ والصيانة المنصوص عليها قانونا.

وأبرزت البرلمانية أن الصور المتداولة تظهر عملية نقل أشبه بنقل مواد البناء، متسائلة عن الجهة التي أصدرت تعليمات الترحيل، والوجهة التي نقلت إليها هذه الذخائر الوثائقية، والسند القانوني المعتمد، إضافة إلى غياب أي جرد رسمي أو إشراك للباحثين والمتخصصين في علم الأرشيف وصيانة المخطوطات.

وسجلت أن المكتبة العامة بتطوان مغلقة منذ أزيد من ستة أشهر بدعوى الترميم، في وقت يتم فيه ترحيل محتوياتها دون بلاغ رسمي أو ضمانات واضحة، معتبرة أن الأمر يمس الثقة في تدبير مؤسسات تراثية تُعد ملكا جماعيا لا يقبل العبث أو الارتجال.

وأكدت البرلمانية أن صيانة الذاكرة الجماعية ليست ترفا، بل واجب دولة، محذرة من أن أي إخلال بتدبيرها قد يفضي إلى ضياع لا يمكن تعويضه.

من جهته، دعا المستشار الجماعي عادل بنونة إلى فتح تحقيق فوري وحازم، للكشف عن خلفيات نقل الكتب والوثائق النادرة، متسائلا عن قانونية العملية، خاصة في ظل ظهور شاحنة تابعة للجماعة في موقع الترحيل، وما يطرحه ذلك من علامات استفهام حول الجهة الآمرة والمسؤولة.

وعلى المستوى الثقافي، عبّر الفنان عبد الكريم بنطاطو عن قلقه البالغ، معتبرا أن نقل الصناديق دون فهرسة دقيقة أو تواصل مع الرأي العام يفتح الباب أمام ضياع محتمل للرصد الوثائقي، متسائلا عن مصير حقوق الطلبة والباحثين الذين حُرموا من خدمات المكتبة طيلة فترة الإغلاق.

وفي هذا السياق ينص القانون رقم 69.99 المتعلق بالأرشيف أن الوثائق ذات الطابع التاريخي والعمومي تخضع لإجراءات دقيقة في الجرد والحفظ والنقل، ولا يجوز ترحيلها أو تغيير مكان إيداعها إلا بقرار إداري معلل وتحت إشراف مختصين، ضمانا لسلامتها ومنعا لكل أشكال العبث أو الضياع.

هذا، وتعد المكتبة العامة والمحفوظات بتطوان من أعرق المؤسسات الثقافية بشمال المغرب، إذ تعود إرهاصات تأسيسها إلى سنة 1919، وافتتحت رسميا سنة 1939، وتحتضن رصيدا وثائقيا نادرا يضم آلاف الكتب والمخطوطات، والخرائط، والصور، والمطبوعات الحجرية، يعود تاريخ بعضها إلى القرن الرابع الهجري، ما يجعلها ذاكرة حية للمدينة وللمغرب ككل.


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات