مهندس دولة يفضح "خطأً هندسيا قاتلا" وراء فاجعة فيضانات آسفي
أخبارنا المغربية-مريم الناجي
كشف مهندس دولة متخصص في هندسة المياه عن معطيات تقنية خطيرة تقف، بحسب تحليله، وراء تفاقم فاجعة الفيضانات التي ضربت مدينة آسفي وخلفت حصيلة ثقيلة من الضحايا.
ويتعلق الأمر بالمهندس عبد اللطيف سودو، خريج المدرسة الحسنية للأشغال العمومية، والذي راكم أزيد من 34 سنة من الخبرة في مجال هندسة المياه، حيث قدّم تحليلاً هندسياً دقيقاً حمّل فيه مسؤولية ما وقع لاختلال بنيوي خطير في منفذ وادي الشعبة نحو البحر.
وأكد سودو، في تدوينة له، أن تدخله يندرج في إطار مهني وتقني خالص، بعيداً عن أي خلفيات سياسية أو انتخابية، موضحاً أن ما يطرحه مبني على معطيات هندسية موثقة.
وأوضح المتحدث أن وجود كتل خرسانية ضخمة داخل منفذ الوادي، من قبيل الأكروبود والدولوس، يشكل خطأً هندسيا جسيما، باعتبار أن هذه التجهيزات تستعمل عادة في حماية السواحل وتبديد طاقة الأمواج، وليس داخل المنافذ المائية، لما تسببه من عرقلة للتدفق الطبيعي للمياه.
وشدد المهندس ذاته على أن هذه الكتل تسببت في تقليص صبيب المياه بشكل كبير، حيث قد لا يتجاوز 10 في المائة، وقد ينخفض إلى حدود 1 في المائة في حال تراكم الأوحال والنفايات، ما أدى إلى تجمّع المياه قبل المنفذ وتحول المنطقة إلى ما يشبه بحيرة اصطناعية.
وأضاف أن هذا الوضع الخطير ساهم في ارتفاع منسوب المياه داخل المدينة العتيقة، محولاً الساحات والأزقة إلى نقاط شديدة الخطورة، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين لا يجيدون السباحة، وهو ما فاقم من حجم المأساة في وقت وجيز.
وفي سياق ترتيب المسؤوليات، طرح سودو مجموعة من الأسئلة الجوهرية، من بينها أسباب عدم صيانة المنفذ وإزالة هذه الكتل، والجهة التي سمحت بوضعها داخل مجرى الوادي، إضافة إلى ما إذا كان الأمر نتيجة تدخل بشري مباشر أم بسبب تحركات طبيعية عبر الزمن، معتبرا أن جميع الاحتمالات تظل خطيرة.
وأكد أن ما وقع لا يمكن اعتباره مجرد حادث عرضي، بل خطأً تقنياً يستوجب التحقيق وربط المسؤولية بالمحاسبة، معرباً عن ثقته في أن القضاء سيقوم بدوره في الكشف عن حقيقة ما جرى.
وختم المهندس تدوينته بالتأكيد على أن تحليله يظل مساهمة تقنية قابلة للنقاش، قبل أن يترحم على ضحايا الفاجعة قائلا: رحم الله شهداء آسفي.
وكان الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بآسفي قد أعلن عن فتح بحث قضائي على خلفية السيول الفيضانية التي شهدها الإقليم، والتي أسفرت، وفق حصيلة مؤقتة، عن وفاة حوالي 37 شخصاً، مؤكداً أن الشرطة القضائية باشرت التحقيق للكشف عن الأسباب الحقيقية والملابسات الكاملة لهذا الحادث الأليم.
