كائن ليلي أو عاهرة بالخطأ

كائن ليلي أو عاهرة بالخطأ


يوسف معضور

لم أتوقع أن اكتب في يوم من الأيام تحت الطلب، بكل بساطة لم أصل بعد إلى أن يطلب مني قارئ أو قارئة عبر علبة رسائلي الإلكترونية الكتابة حول موضوع يخصه و يقتسمه مع أناس آخرين، فكتاباتي دائما تكتب بصيغة الجمع و عن مجموعة سلوكيات وظواهر اجتماعية و نفسية، لم أتوقع أن أجد هذا الصباح رسالة من "عاهرة" تطلب مني الحديث عن معاناتها النفسية التي تمر منها من خلال مهنة احترفتها بالخطأ ! و تأنيب للضمير يطالها كل لحظة في ممارستها للمهنة أو عندما تعود إلى فضاء ضيق تكتريه بأحد المنازل في إحدى الأحياء الشعبية، يتسع فقط لترتيب أدوات الاشتغال من صباغة للشعر ومساحيق تجميل ضرورية لإخفاء مكامن الخلل على وجهها، و ملابس حسب اختلاف الفصول والزبناء ! تساءلت في نفسي هل من حق عاهرة أن تتوفر على حساب بالفايسبوك؟ و باسم مستعار و صورة لإحدى بطلات المسلسلات التركية ! و قلت في قرارة نفسي ولما لا تتوفر هي الأخرى عليه والفايسبوك أكبر ديموقراطي عرفته لحد الآن أكثر من الديمقراطية نفسها !! و قررت أن ألبي نصف طلبها فقط لأنني لا أعرف عنها شيأ ولا من تكون فقط لكي أكون موضوعيا شيء ما في معرفة صح المعلومات التي أكتب، قررت أن أكتب فقط عن المعانات بلسان الجمع لكن بصيغة المفرد !

إسمي لا يهم أكثر من جسدي، مهنتي " عاهرة" أنا فئة من المجتمع أؤثث فضاءاته، كائنة نصف يومية و ليلية، لدي عقلية ونفسية ونظرة إلى نفسي تتوحد عند كل العاهرات الأخريات مهما اختلفت أنواعهن وأشكالهن وجمالهن ودوافعهن إلى البغاء ! أرى وأشعر بأن المجتمع ينظر إلي في العلانية باحتقار وأشكل آفة يجب تحاشيها ويتحتم محاربتها، أبتسم لأنني لا أشعر في نفسي بشيء يدفعني إلى الابتسامة، أبتسم فقط لأداء الواجب ! أبتسم لغيري أبتسم للزبون بدون تكوين في تقنيات التواصل مع الزبناء بمدرسة عليا للتجارة و التسيير، بل من مدرسة الحياة و متجر الإبتسامات الصفراء ! أرتدي أيضا الألوان التي تلفت الأنظار، وأضع ملابسي بشكل يكشف عن أعضائي و أقوم بتسويقها، لا أشعر بلذة في نفسي عندما أكشف عن أعضائي ، بل لأنني أريد بها لذة تسلم قسط من المال بعض حصة إشتغال ! لم أختر المهنة باقتناع، لما كنت أسأل في صغري في الفصل " أش بغيتي تكوني فاش تكبري؟ " لم تكن الإجابة قط "عاهرة" ، بل كانت طبيبة أسنان ، معلمة و مهندسة طيران ... لم أجد في يوم من الأيام مكانة إجتماعية في مهنة "عاهرة" و لا تغطية صحية و لم أتصدر لوائح المستفيدين من خدمات صندوق تضامن إجتماعي ! فقط تصدر لائحة طويلة من الكلمات النابية التي ترمى على مسامعي كل يوم من كلمات ساقطة تخضع إلى تحيين كل أسبوع ! لم أولد في وكر للدعارة ، بل بين أسرتي الصغيرة و أهلي و أقيم لي حفل " السبوع" و إختيرت لي فيه أجمل الأسماء، ما كانت لتستبدل بأخرى مستعارة ألان وقدمت لأمي أجمل الهدايا بدون مقابل و اليوم تقدم لي الهدايا مقابل جسد ! صنعتني منظومة إجتماعية مريضة صنعتني أنانية زوجين قررا الطلاق حول أتفه الأسباب و ترك طفلة تبلغ 15 سنة كانت آنذاك في حاجة لخارطة طريق أبوية تنور لها مستقبلها، لست من صنعت نفسي "عاهرة" بل مطلقة وسط مجتمع يعز

المتزوجات و يحتقر المطلقات و يسقط عليهن أحقر النعوت ! صنعني مجتمع هو اليوم من يحتقرني، فهل هناك من ينصفني و يستبدل قطع غيار و أجزاء جسدي من مزورة إلى أصلية كانت لي

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

المقالات الأكثر مشاهدة