نقيق الضفادع .... بين الواقع و البهتان
يونس حسنائي
خيم الظلام الانتخابي على حيينا، و صرنا نسمع نقيق الضفادع و صرير الصراصير ، ربما هي إذن فترة للتزاوج على ما أظن ، الكل يرى في نفس الأقوى و الأفضل و الأجمل و الأمثل من خلال سيمفونيته العظيمة و صوته الصداح المطرب ، من هنا و هناك وفود احتشدت أمام منصات مقامة رفيعة المقام و مرتفعة البنيان، زينتها بعض صور شهداء الأمس القريب و بضع أكاليل من الزهور بجنباتها ، جماهير غفيرة قدمت من كل حدب و صوب لتسمع بضع كلمات و تذرف دمعتين فتهلل و تكبر ، لتنتهي الوصلة الغنائية الأولى بتصفيقات مواطنين لا يعرفون لماذا أصلا هم هناك و على ماذا يصفقون ، لترفع بين الفينة و الأخرى شعارات بيزنطية يرددها البعض تمرينا لحناجرهم الصدئة دون أن يفهموا مغزاها.
من الدشيرة الجهادية إلى ربوع الجنوب الشرقي، أو بمعنى اصح ارض الفقر و الشجاعة و التوبيخ الإداري ،إنزال كبير لقيادات حزب المصباح من اجل مهرجان خطابي للبطل المغوار و المخلص المنقذ السيد الأمين العام عبد الإله بن كيران و في المقابل و بنفس الجهة و في نفس الوقت جاء إلينا من بعيد و من وسط السحاب قاهر الأعداء و هزيم الرعد السيد الدكتور و المفكر و الفيلسوف الأستاذ حميد شباط .
قياديين من اكبر الأحزاب المغربية و خصمين لذوذين لا يتقابلان، و عدوان لا يلتقيان ، يحضران بجهة واحدة و في زمن واحد ، فإنها لمصادفة غريبة و عجيبة إذن قل نظيرها في زمن العجائب هذا ، فأهلا و سهلا و مرحبا، فقد أضاء الجنوب الشرقي كله من الراشيدية حتى ورزازات فرحا بقدومكما الكريم.
أولا لنتساءل ما معنى مهرجان خطابي ؟ المهرجان الخطابي يا سادة هو أن تتسلق المنصة و تلقي كلماتك الرنانة و تتبادل التهم و تنسب لنفسك منجزات و يصفق لك الحاضرون " و خبيرتي راحت من واد لواد و ها حنا جالسين مع الناس لجواد" هذا هو تعريف المهرجان الخطابي.
نحن لا نريد مهرجانات خطابية ، فنحن لسنا كراسي أو حجارة تلقي علينا تعاويذك و تنتظر منا ان نتحرك بمعجزة فترحل ، فالمهرجانات الخطابية هي عبارة عن موضة قديمة جدا قد أكل عليها الدهر و شرب ، فمواطن اليوم يريد أن يناقش و يتساءل و يحلل و بصفة عامة يريد لقاءا تواصليا ليخرج ما في جعبته و يواجه صناع القرار على المباشر ، و ليس من اجل أن يحصل على القليل من التصفيق و التكبير.
ثم هل كل هذا الكم الهائل من الخطابات الرنانة و هذا الإنزال النادر الوجود بهذه الجهة الفقيرة و المسماة المغرب الغير النافع أو بمعنى اصح جهة لا تصلح إلا للتأديب الإداري ، أضحت بين عشية و ضحها مهمة جدا لهذه الدرجة الكبيرة؟ ، فجعلوا مصلحة سكانها الشغل الشاغل لهم و مكانتهم قد رفعت في قلوبهم ، لينصبوا منصاتهم على ارض واحد و في زمن واحد؟
أين كان هذا الاهتمام و هذا الحب ، عندما كانت تغرق مدن هذه الجهة تحت مياه الفيضانات ، تلك الفيضانات التي شردت عائلات و هدمت منازل و أزهقت أرواحا ؟ بل أين هو هذا الاهتمام عندما حوصرت دواوير بزاكورة و تلوات و سكانها يستنجدون ليل نهار من وطأة البرد و الجوع ، لتصلهم في أخر المصطاف طائرات هليكوبتر خاصة بالسياح فقط ، لولا رعاية الله أولا و تدخل جلالة الملك شخصيا بإعطاء أوامره لقوات الجيش بالتدخل .
أين كنتم عندما دمرت قناطر و اهلك الزرع و نفقت الماشية ، أين انتم من تعويضات المواطنين و جبر ضررهم ، بل لم تفكروا حتى بتلاوة بيان حكومي لمواساة المواطنين ، أين انتم من تهميش أبناء الجنوب الشرقي و تحميلهم ما لا طاقة لهم به و ذلك بالسفر لمئات الكيلومترات و إنفاق ألاف الدراهم من اجل اجتياز مباريات التوظيف يكون حظهم فيها ثلث الخمس من اليد .
و اليوم و بكل وقاحة قل نظيرها ، تطلون علينا من خلال مهرجانات خطابية كاذبة و واهية ، فلقد خرس قلمي عن الكتابة لأني لا أجد كلاما أخر يعبر عن هذه المهزلة السياسية .
