الربيع العربي و الفهم المعكوس

الربيع العربي  و  الفهم المعكوس

 


أذ عبد الهادي وهبي

   يا ترى ، ماذا أصاب جريدتنا المغربية الغراء؟  بالأمس وعدتنا بالظهور بحلة جديدة ، وتزامن ذلك  مع رياح التغيير في العالم العربي وجاء الوعد الصادق ، فكان التغيير و مواكبته عبارة صور العري و الفضيحة ، لقد انتظرنا كمواطنين متابعين للشأن المغربي عبر و سائل الإعلام المكتوب كالجرائد اليومية ، فاصبنا بالإحباط و الأسى ، حيث تخصص هذه   الجريدة اليومية صورا للعري في صفحة بشكل يومي  ،و ختام الأسبوع أي السبت و الأحد ملف خاص في ثلاث صفحات على الأقل تحت اسم " ملف الأسبوع" ، فهل انشغالات  المواطن المغربي البسيط في الأودية و الجبال و السهول و الصحاري  هي : صور ماريا كاري العارية ؟ هل صور جنيفر لوبيز ؟ هل صور بطلة أفلام بونوغرافية – حسب ما جاء في عنون الصورة – وهي تتقدم للترشح لمنصب الرئاسة في بلدها ؟ هل انشغالات المواطن المغربي البسيط هي تتبع سهرات  شاكيرا؟ هل هي  تتبع بدعة يوم بدون سروال التي قام بها بعض أحفاد لوط في بلدان أوربية ؟  ومن الملاحظ ان كل هذه الثلة من الفضائح و الأوساخ الأخلاقية قد تدرج في  ملف واحد ، فقم بعملية حسابية  لمدة عشرة اشهر على الأقل ، وستجد  حجم الكارثة التي أصابت أعلامنا المكتوب .

  من الواضح ان الجواب الذي يجمع كل هذه الأسئلة المطروحة هو  حرية الرأي و التعبير ، التي جاء بها الربيع الغربي ، على اعتبار ان حرية الرأي و التعبير موجودة في المغرب قبل ذلك بكثير ولكن هناك ما هو أعظم من حرية الرأي و التعبير ، فالربيع العربي هو مسالة هوية و عودة الى المواطن البسيط ، هذه الهوية المكونة من التاريخ و الثقافة  و الدين و الجغرافيا و العادات و التقاليد و الحشمة و الوقار و الأخلاق ، نحن لا نريد الأخلاق في خطب الجمعة و الأعياد فقط بل نريدها في الجرائد أيضا، قلت يجب إعادة الاعتبار لهذه الهوية : المغربية الإفريقية الامازيغية العربية و الإسلامية   و المتوسطية التي عانت من الطمس و الإهمال المقصود و غير المقصود من الفترة الاستعمارية ، فاستمر الطمس من طرف أحفاد الاستعمار - هنا لا أريد اتهام احد – بل أقول عودوا الى المواطن و انشغالاته اليومية مع قلة المرافق العمومية الإدارية و الثقافية و الاجتماعية و الاقتصادية و الخدماتية .

      أما إذا كان الأمر هو تصفية حسابات مع جهة سياسية معينة ، فذلك أمركم ، فانا لن أتولى  الدفاع عن احد ، سأبقى بعيدا ،   ولكن لا يجب أن يتم على حساب المواطن حيث الصور الخليعة مع الالون تملا الطرقات و الأزقة ومحلات بيع الجرائد ، و ليس من الأخلاق أيضا ان تستغل ذوي القلوب الضعيفة الإيمان او قلوب المراهقين لبيع تجارة فاسدة بهدف الربح ، و خلاصة القول ارحموا هذا المواطن لأنه سبب وجود الجريدة أصلا

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

المقالات الأكثر مشاهدة