الوعي باللاوعي
عمر دغوغي
كثيراً ما يقال : من المؤكد أنّه لم يكن واعياً حين قام بذلك ! هل يمكن حقاً أن يقوم الإنسان بأي فعل بلاوعي أو إرادة منه ؟، وهل هناك علاقة بين الوعي واللاوعي في حياة الإنسان ؟ تحدث كثير من علماء النفس حول الوعي واللاوعي عند الإنسان ،و ارتباطهما بحاجات الإنسان وغرائزه ومن ثم أفعاله وردات الفعل، وقد كان أول من تحدث عن هذه الفكرة بإسهاب العالم النمساوي الأب الروحي لعلم النفس سيجموند فرويد، والذي أهتم بشكل كبير باللاوعي عند الإنسان ،وعزا له معظم الأفعال الذي يقوم بها الإنسان إليه ،وحلل وفسر أرائه من خلال الاستدلال بالأحلام التي يراها الإنسان في منامه! فيما أكد علماء آخرين أن ما يقوم به الإنسان يكون بكامل إرادته ووعيه، وأن اللاوعي هو حجة لتبرير الغايات والسبل للوصول إلى أهدافه بطرق غير مشروعة.
ورغم هذه الآراء المتضادة حول الوعي واللاوعي عند الإنسان ألا أنهما مرتبطان بشدة بالإنسان وحاجاته وأحلامه، فالوعي الذي يمثل الشعور واليقظة بالنسبة للإنسان ينفذ بطريقة ما أحلام اللاوعي والغيبوبة بشكل غير مباشر، عن طريق تحقيق الأحلام والأهداف التي نتمناها ونفكر بها دائما في اللاوعي وتلاحقنا في الوعي لتصبح حقيقة نعيشها .
وبغض النظر عن الأحداث والخبرات التي نكتسبها خلال ممارستنا للحياة، فهي مخزنة إما في الوعي فنستخدمها بشكل يومي، أو مخبأة في اللاوعي فنقوم باستخراجها في حالات معينة من خزائن الذاكرة .
لكن أحياناً هذه الحاجات المخفية فينا عن طريق اللاشعور تحاول الظهور دون أن نكون مدركين أو دون أن نحاول أستخرجها، فتظهر عن طريق أساليب لاشعورية، قد تكون غير محببة أحياناً، مما قد تسبب بعض الاضطرابات النفسية أو الانحرافات السلوكية التي لا يتقبلها المجتمع خصوصا إذا ظهرت هذه الحاجات بشكل مفاجئ وصادم للإنسان.
ولهذا أهتم العلماء بتحليل وتفسير السلوك الإنساني لمعرفة ماهيته وحقيقته، فقد يكون بالظاهر يمثل حاجات معينة، وفي الباطن يخدم حاجة أخرى، لكن من المهم عدم المبالغة في تحليل وتفسير أفعال الإنسان حتى لا تتزايد الشكوك بين الناس وتعم الفوضى.
