الحرب الخفية بين ياسين عدنان ورشيد نيني
ياسين كمالين
صديق الأمس عدو اليوم ، ومن كان رفيقك في الحلم قد يغدو خصيمك في الحياة . وهذا يسري بشكل ما على العلاقة بين الشاعر الدلّوع ياسين عدنان والصحافي رشيد نيني التي تحولت من رفقة حالمة إلى تشنج مشحون بالضغينة والبغضاء .
في بداية التسعينيات ، كان الشابان رفيقين في مجلة أدبية هاوية تدعى " الغارة الشعرية" ، لكن الطرق تشعبت ومضى نيني في طريقه بعيدا عن أوهام الفتيان ، تخلى عن أحلامه الشعرية الطرية. بينما ظل ياسين مقرفصا في مرحاض الشعر وترك خلفه التقارير التي كان يكتبها للعميد محمد بوغالي وترك خلفه رفاقه القاعديين بعد انكشاف سراديب الوشاية.
لأسباب غير معلنة تخلّق فيروس الغل بين رفاق الأمس، وكان نيني لا يترك فرصة تمر في جريدته دون أن يهمز ويلمز في الكتاب المغاربة ومن بينهم شاعرنا الدلّوع . كتمها عدنان في نفسه أعواما حتى أخرج ما في معدته دفعة واحدة داخل رواية اسمها هوت ماروك ، وكانت الرائحة مقرفة أعزكم الله .
كان القصف تحت الحزام ومن الخلف ، كأن بينهما ثأر شخصي وجراح لا تندمل بين امرأة وطليقها . لقد نحت ياسين شخصية الصحافي نعيم مرزوق على مقاس نيني بالضبط ، يقول في إحدى الفقرات متهما إياه بالعمالة : " نعيم ليس الكاتب الحقيقي للأعمدة التي توقع باسمه ، بل تأتي ناجزة من جهات نافذة . هو فقط يرصعها بتوشياته وشقلباته اللغوية . "
ويضيف شاعرنا الدلّوع الذي يجيد الشطح بحواجبه : " لكنه بالنهاية مجرد عبد مأمور ، عندما يطلب منه أن يركز مع فلان أو علان عليه أن يمتثل ، وما إن تصله المعطيات حتى يعجنها عجنا أيا كانت الضحية ، لذلك صار نعيم مرهوب القلم ، كبار الشخصيات تخطب وده وتعامله كصحافي فوق العادة ".
ويمعن في التشنيع على رفيق الأمس : " هو الذي كان مبلغ همه ، قبل أمجاده في هوت ماروك ، أن يجد صحيفة ورقية تقبله محررا في قسمها الثقافي وأن تصدر له جمعية الكتاب مخطوطة روايته ، الرواية التي اعتذرت الجمعية عن نشرها موضحة في تقرير لجنة القراءة أنها مفككة البناء ، شخصياتها باهتة ورومانسيتها متجاوزة ".
كأن ما سبق هو المبرر لما يأتي : " لقد خصص نعيم أكثر من عمود لسلخ جمعية الكتاب والتنكيل بكل كاتب مغربي حقق إنجازا ". لعلنا الآن نفهم الدافع الذي جعل شاعرنا الدلّوع ينحت شخصية نعيم على مقاس نيني، لكن لاشك أن بينهما أشياء غير معلنة.
ويقول في فقرة أخرى : " فحين لا يكون هناك ملف جدي صدرت الأوامر بالاشتغال عليه يبقى أمام نعيم متسع من الوقت للكتابة الحرة والاستمتاع بحرية التشهير المتاحة له دون قيد أو شرط ".
ويستمر في ذكر التفاصيل التي تؤكد أن نعيم ورشيد شخص واحد : " قبل أن يزجوا به في زنزانته الانفرادية ، جرده الحراس من هاتفه ، أظلمت الدنيا في وجهه ، شريط حياته مر أمام عينيه ، منذ طفولته البعيدة بنواحي القنيطرة ، أوهامه الأدبية ، ثم أيام مجده في هوت ماروك ".
لا أدري هل أسمي هذا جبنا أم تهربا من المتابعة القانونية ، هل يجوز التخفي خلف قناع روائي للانتقام من رفيق سابق ؟ لماذا لا يكتب مقالا يهاجم فيه نيني بشكل مباشر ؟ يبدو أن الشاعر الدلّوع يخشى أن يجلده نيني بقلمه المنتفخ لذلك توارى خلف ظهر الراوي ليوجه الطعنات لرفيق الأمس .
المشكلة العطنة تكمن في النقاد الذين تحزموا وطبلوا لرواية هوت ماروك وجعلوها عملا أدبيا ، بينما هي مجرد تقرير مطول لتصفية الحسابات مع خصوم عدنان القاعدي السابق الذي يربطه شيء عميق بلقب الممثلة فاطمة وشاي .
