اهتمامات في مهب الريح
الحسن بنونة
حين ألج إلى جداري على أحد المواقع الاجتماعية أجد مواضيع مختلفة ، أغلبها لا تهتم بشأن الأمة ، مجرد ترفيه و تعارف و تبادل التهاني و بعضها للمعرفة وهي قليلة جدا أو ما يسمى بالثقافة العامة ، فاستنتجت أن الناس العوام سئموا من الكلام و التحليل لحياتهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، وتركوا كل هذا لحكامهم وحكوماتهم ليفعلوا ما يشاءون ، لأنهم خلصوا أنه لا جدوى من مطالبة الحقوق و تحسين وسائل العيش ، خلصوا أن لا فائدة في التظاهر أو الإضراب أو ما يشبه ذلك من أجل الوصول إلى الحق . خلصوا أن لا ربيع عربي و لا حق للشعوب في اختيار من يسوس لهم حياتهم ، الحاكم باق حتى الموت وأن الغرب والشرق له يد طويلة في تأبيد حاكم ورفض آخر . الغرب الذي يتباهى بالديمقراطية وحقوق الإنسان يستدعي حاكما عربيا واحدا وحيدا لإلقاء كلمته أمام حشد من الغربيين بألمانيا في مؤتمر ميونيخ للأمن ، وهم يعلمون حق اليقين أنه دكتاتور و قاتل ولا حق ولا عدل في بلده ، سوى أنه يؤيد إسرائيل ويناهض الإسلاميين وينعتهم بالتطرف و يحذر حتى من الإسلام السياسي المعتدل .
كما خلصت الشعوب العربية أن حكامهم أصبحوا أعداء فما بينهم ، أكثر مما هم أعداء لعدوهم المشترك * الكيان الصهيوني *، خلصوا أن أغلب حكامهم يدفعون بل يغدقون الغرب بالأموال لحماية كراسيهم ، خلصوا أن الغرب يختلق لحكامهم عدوا مشتركا بينهم وبين الكيان الصهيوني ليقتربوا منه ويصبح ولياً حميماً ولو على حساب قضيتهم الأولى * فلسطين *، خلصوا أن حكامهم سيضلون على كراسيهم حتى الموت فما الفائدة من الانتخابات و الديمقراطية ، خلصوا أن نوابهم في البرلمان مسيرون ولا استقلالية لهم و يتقنون التمثيل من أجل تحقيق مآربهم وليس مآرب منتخبيهم ، خلصوا أن من عارض الحاكم سُجن وعُذب ثم عُدم بمحاكمات واهية أو سياسية أو مسرحية ، خلصوا أن الغرب يختلق بين الجيران الأشقاء مشاكل حدودية و يرسل مرتزقته لإشعال فتيل الفتنة بين الإخوة حتى يتمكن من بيع أسلحته و سرقة خيرات وطنهم ثم يتمكن من سيطرته على الحكام و يستعملهم دمى و كراكيز من أجل مصالحه و مصالح شعوبه ، خلصوا أن كبار جيوشهم لا يهمهم الشعب و الوطن قدر ما تهمهم جيوبهم و ثرواتهم ، وبما أن الحاكم يغدق عليهم بالمال فهم عبيد له ولن يغيروا ظلم الحاكم إن وُجد ، خلصوا أنهم – الشعوب – ستضل مقهورة إلى أمد طويل بسبب عدم الوعي و الفقر و التركيع بالقوة ، خلصوا أن أبناءهم إما طعام للحوت أو مدمنين على المخدرات أو سكان السجون و الباقي زيادة في لوائح العاطلين ،. فلما إذن سيتابع المواطن العربي مواضيع حساسة ذات أهمية أو يطرح فكرة لتحسين وضعيته و وضعية وطنه أو يناقش مواضيع سياسية أو اقتصادية لبلاده أو يقترح نموذجا ناجحا مثل نموذج ماليزيا مثلا ليُنفذ في بلده ؟ يرى أن كل ما خلص إليه يجعله يبتعد عن كل ما هو مهم لحياته وحياة أبنائه و وطنه و يقترب من التفاهات و اللّهو والتنكيت و بعض المواضيع الثقافية و القصص لعله ينسى أو يتناسى معيشته الضنكا .
