متي يأخذ الشباب موقعه السياسي ؟
محمد أديب السلاوي
من المفارقات العجيبة الغريبة في فضاءاتنا الحزبية والحكومية، أن كل الزعماء والرؤساء والوزراء يلحون في خطبهم وتنظيراتهم على الدور الذي على الشباب أن يلعبه من أجل التنمية والديمقراطية ودولة الحق والقانون، وفي التغيير إلى الأحسن، لكن على مستوى الواقع، على مستوى الممارسة والسلوك، نجد فئة الشباب هي التي تعاني من البطالة والتهميش والظلم والإقصاء، والتي تضعها الحكومة والأحزاب موضع شك وتشكيك.
يمكن لمس هذه الإشكالية بوضوح في الأحزاب السياسية والدوائر الحكومية ومديرياتها التنفيذية بدعوى ضعف خبرة الشباب رغم حصول أغلبيتهم على الشهادات الجامعية والمؤهلات المطلوبة قانونيا وإداريا، وهو ما يعني أن هناك انعدام الثقة بين الشباب والقيادات الحزبية والحكومية المنغمسة فى شيخوختها، والمتشبثة بكراسيها ومواقعها، وهو ما يذكي داخل الساحة السياسية وخارجها الصراع بين جيلين، بين منظور الشباب المشبع بالحداثة وبين منظور الأجيال السابقة ، المؤمن ببقاء ما كان على ما كان، بتأخره وفساده وشيخوخته الهرمة.
ما يؤسف له في هذا المشهد، هو استهتار شيوخ الإدارة والأحزاب بالسلطة والقيادة، وعدم السماح للشباب ليصبح عنصرا فعالا في التنمية والديمقراطية، رغم حاجة المغرب الماسة إلى سواعد وعقول وكفاءة وذكاء شبابه.
-2-
يعني ذلك بوضوح أن هناك هوة كبيرة وسحيقة تفصل في المغرب الراهن بين جيلين ،في الوقت الذي يسعى العقل أن تكون العلاقة بينهما تكاملية لا عدائية، ذلك لان أسلوب التواصل والحوارهو السبيل الوحيد في هذه المرحلة من تاريخنا السياسي للتقارب بين الجيلين، وبين كل الشرائح العمرية.
نعم هناك فجوة بين جيلين واضحة في كل المجالات والميادين، جيل مازال يري الماضي هو الحقيقة، وجيل أخر مفعم بالتمرد والرغبة في التغيير والتجديد، جيل يواكب التطورات والتطلعات ، يحلم بمغرب جديد، ويحلم بأن يلعب دوره كاملا في القرية الكونية الجديدة.
وفي خضم هذه الفجوة يحاول كل جيل فرض رويته على الأخر، كل بأسلوبه وبإمكاناته، دون البحث عن نقطة توازن، وهو يجعل التقارب مستعصيا، وربما بعيدا.
-3-
تتجلى صورة الصراع بين الجيلين بوضوح وشفافية في الأحزاب السياسية التي مازالت قياداتها بيد شيوخ الجيل الماضي، إذ تبرز الهوة بين الجيلين من خلال التعامل مع الملفات والأحدات والمواقف الساخنة.
الاختلاف بين الجيلين الذي يصل أحيانا إلى درجة الصراع، نابع من الفوارق المتعلقة بالسن والتفكير والثقافة والمرجعية المعرفية، ونابع أيضا من مواقف كل منهما مما تعرفه الساحتين الوطنية والدولية من أحدات و صراعات وقضايا لها صلة بالمغرب الراهن.
من خلال حالة الاختلاف والتجاذب التي تعرفها الساحة السياسية المغربية، يبدو واضحا أن الجيل الشاب بفضل وعيه وتعلمه وتفتحه على العولمة وثقافتها، رغم ما يعانيه من تهميش وإقصاء، يؤكد باستمرار قدرته على ضخ دماء جديدة في شرايين هذه الساحة، إذا سنحت له الفرصة لإحدات التغيير المطلوب في الأفكار والتصورات والمواقف والسياسات.
السؤال الصعب : متى تعطى الفرصة للجيل الجديد للفعل والتفاعل.... ؟ ومتي يلعب دوره في التغيير المطلوب.
