آلية اختيار الرئيس الأمريكي

آلية اختيار الرئيس الأمريكي

شريف سلامة

يعتقد البعض أن الرئيس الفائز بالانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية هو من يحصل على أكبر عدد من إجمالي أصوات الناخبين من أفراد الشعب في مختلف الولايات، ولكن الأمر غير ذلك.

 

فوفقًا للدستور الأمريكي العتيق الذي صدر أواخر القرن الثامن عشر وما طرأ عليه من تعديلات، يكون الرئيس الفائز هو من يحصل على أكبر عدد من أصوات (المجمع الانتخابي)، ولا يشترط الفوز بالأصوات الشعبية.

 

وببساطة شديدة، يتألف المجمع الانتخابي من (538) عضو، هؤلاء الأعضاء يمثلون الولايات، بحيث يكون لكل ولاية عدد من الأعضاء يساوي عدد ممثليها في الكونجرس (مجلس النواب ومجلس الشيوخ)، ويكون لكل عضو صوت واحد للرئيس وصوت واحد لنائب الرئيس، ويفوز الرئيس الذي يحصل على أكثر من نصف عدد أعضاء المجمع الانتخابي، أي أنه من يحصل على أصوات (270) عضو يفوز بالرئاسة.

 

ورغم أن أعضاء المجمع الانتخابي لهم حرية اختيار مرشح الرئاسة ونائبه، إلا أنه من الناحية العملية، غالبا ما يقوم أعضاء المجمع الانتخابي باختيار المرشح الذي حصل على أعلى الأصوات في الولاية التي يمثلونها.

 

لذلك نجد عند متابعة نتائج الانتخابات، يقال أن هناك ولايات أهم من ولايات، وأن المرشح فاز بولاية كذا أو ولاية كذا، دون أن يعبأ أحد بذكر عدد الأصوات التي حصل عليها، لأن ما يهم هو فوز المرشح في الولاية للحصول على أصوات أعضاء المجمع الانتخابي الذين يمثلونها.

 

وعلى سبيل المثال، ولاية "تكساس" يمثلها في المجمع الانتخابي (38) عضوًا، وولاية "كنتاكي" يمثلها في (8) أعضاء في المجمع الانتخابي، فإذا حصل أحد المرشحين على (3) مليون صوت في ولاية "كنتاكي" ومليون صوت في ولاية "تكساس" ، وحصل المرشح الثاني على مليون صوت في ولاية "كنتاكي"، وعلى (2) مليون صوت في ولاية "تكساس"،

 

نجد أن مجموع الأصوات التي حصل عليها المرشح الأول في الولايتين هو (4) مليون صوت ، بينما حصل المرشح الثاني في مجموع الولايتين على (3) مليون صوت،

 

ورغم ذلك سوف يحصل المرشح الأول على (8) أصوات في المجمع الانتخابي لفوزه بولاية "كنتاكي"، بينما يحصل المرشح الثاني على (38) لفوزه بولاية "تكساس".

 

وقد حدث على مر التاريخ أكثر من مرة، أن يفوز مرشح بالرئاسة لحصوله على أصوات الأغلبية في المجمع الانتخابي، في حين أنه قد خسر الاقتراع الشعبي، ومن ذلك الرئيس الحالي "ترامب"، ففي الانتخابات السابقة (التي أجريت عام 2016) قد حصلت "هيلاري كلينتون" على عدد أصوات في الاقتراع الشعبي أكبر من التي حصل عليها "ترامب"، ولكن فاز الأخير لحصوله على نسبة أعلى من أصوات المجمع الانتخابي.

 

باختصار، الانتخابات الأمريكية تشبه مباريات دوري كرة القدم، إذ يحصل الفريق الفائز بالمباراة على ثلاث نقاط، دون النظر إلى عدد الأهداف التي أحرزها، وفي النهاية يفوز بالمسابقة الفريق الذي جمع أكبر عدد من النقاط دون اعتبار إلى مجموع أهدافه في إجمالي المباريات.

 

ولعل الاختلاف الوحيد هو أن عدد النقاط التي يحصل عليها المرشح الفائز بأغلبية أصوات الناخبين في ولاية ما تختلف من ولاية إلى أخرى، فعدد ممثلي الولايات في المجمع الإنتخابي ليس واحدا، فكل ولاية لها عدد ممثلين لا يتساوى مع نظيراتها.

 

وكما أشرنا، فإن عدد ممثلي كل ولاية في المجمع الانتخابي يساوي عدد ممثليها في الكونجرس، أي مجموع ممثليها في مجلس النواب ومجلس الشيوخ، ويتألف مجلس النواب الأمريكي من 435 نائب، موزعين على الولايات حسب عدد سكان كل ولاية، بينما يتألف مجلس الشيوخ من 100 سيناتور؛ يمثل كل ولاية (اثنان) بالتساوي بين الولايات، دون النظر إلى عدد سكانها.

 

أي ان اختلاف عدد ممثلي كل ولاية في المجمع الانتخابي يرجع إلى اختلاف عدد ممثليها في مجلس النواب، والذي يتحدد تبعًا لعدد سكان الولاية كما أوضحنا، بينما تتماثل كافة الولايات في عدد ممثليها في مجلس الشيوخ.

 

وكما نلاحظ أن مجموع عدد ممثلي مجلسي النواب والشيوخ هو (535)، ولكن عدد أعضاء المجمع الانتخابي هو (538)، والفارق بين العددين (وهو ثلاثة أعضاء) يشكل الأعضاء الممثلين عن مقاطعة "كولومبيا" التي يقع بها "واشنطن دي سي"؛ وهي العاصمة الفيدرالية للولايات المتحدة الأمريكية.

 

ومن نافل القول، أن العاصمة واشنطن تختلف عن ولاية واشنطن التي تعد إحدى الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تقع على الطرف الشمالي الغربي من أمريكا، فـ(واشنطن العاصمة) لا تعد ولاية من الولايات، ويطلق عليها واشنطن دي سي (Washington,D.C.)، لأنها تقع في مقاطعة كولومبيا، حيث أن (D.C.) هو اختصار (District of Columbia) أي مقاطعة كولومبيا.

 

 

وإجمالاً، نقول أن العبرة في تحديد رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ليست بالمرشح الفائز بأكبر عدد من أصوات الناخبين من مجموع أفراد الشعب، وإنما بالمرشح الفائز بأكبر عدد من أصوات الأعضاء الممثلين للولايات في المجمع الانتخابي.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

المقالات الأكثر مشاهدة