شخصية السنة
عمر بوفوس
لطالما تساءلت مع نفسي لماذا لا نشاهد على قنواتنا التليفزيونية حفلا ضخما يقام كل سنة و يحضره كل قيادات الدولة و مسئوليها ابتدءا من الملك نفسه إلى أصغر وال أو عامل و معه ثلة من أهم صناع القرار في وطننا العزيز، و بحضور المشاهير من كل المجالات سواء في السياسة أو الفن أو الأدب أو الرياضة..
في حفل مثل هذا يتم تكريم أكثر الشخصيات عطاءا و نجاحا في البلاد و كأنما هي حفل توزيع أوسمة و لكن بشكل عصري، و للاعتراف بعمل الناس و مجهوداتهم المبذولة قوة معنوية في البلاد و دافع معنوي يعزز توجه الجميع نحو بناء وطن قوي لا يمكنه النهوض بأي حال من الأحوال دون عمل شاق و وفاء من أبناءه كلهم.
و لكن من في نظركم يستحق شخصية سنة صعبة كسنة 2020 خصوصا و أنها طبعت بفيروس كورنا المتفشي، بلا شك شخصية السنة يستحقها عن جدارة و تميز الإطار الوطني الطبي الذي لم يتراجع للوراء و شمر كل العاملين عن سواعدهم و أظهروا حسا وطنيا عاليا يجعلهم أول من يستحق التكريم من أول سائقي سيارات الإسعاف إلى المدراء و المندوبين، فرغم بعض الحوادث الهامشية هنا و هناك إلا أنه ليس من العدل بخس الناس حقهم و ضرب كل شيء في الصفر، فتكريم ممرض و طبيب و مشرف و كل من ضحى بحياته من أجل المغاربة يستحق التنويه لا نسيانه عند أول مشكل صغير و ليس أيضا طردهم كما حدث في إحدى الفنادق بطريقة سيئة جدا تذكرنا بأن هذا الوطن العزيز لا ينسى لعبة الجحود التي أتقنها لسنوات عديدة ماضية.
بعد الإطار الطبي حتما تأتي قطاعات مهمة من أجهزة الدولة التي أبانت عن روح و قدر كبير من المسؤولية و خصوصا عناصر القوات المساعدة التي كانت هناك تنظم طوابير المواطنين في كل مكان و تسهر على تطويق البؤر و كذا حضورها المميز في أماكن تجمعات الناس من أجل التوعية السليمة و جعل الناس يدركون أن الأمر فعلا خطير معرضين أنفسهم لخطر التعرض للإصابة بالكورونا..
أما الفاعل الأخر المهم فهو الإطار المالي بصفة عامة و البنكي و الشبه بنكي بصفة خاصة حيث أن تقديم المساعدة المالية التي رصدتها الدولة للمواطنين كان يستلزم حتما كفاءات تضحي و تسهر على إعطاء كل مواطن المبلغ المالي الذي تم رصده له و في مقدمة هؤلاء مستخدمو مؤسسة البريد و وكالات توزيع الأموال و جل مؤسسات القروض الصغرى..
الوطن الذي ينكر فضل أبناءه عليهم و يجحده لا يمكنه أن يجدهم بجانبه في الأوقات الصعبة، لذلك فالتكريم هنا واجب قومي و وطني و التصرف كأن لم يكن هناك شيء وقع فتلك رسالة خاطئة تجعل الكثير من الكفاءات تفكر جديا للذهاب إلى أوطان أخرى ستقدر بلا شك مجهودهم و اجتهادهم.
ليس من السيئ أن تكرم الفنانين و الممثلين و المغنيين فذلك أمر يجري في العالم كله و لكن الأولى أن تكريم هؤلاء تتولاه مؤسسة معينة أو حتى وزارة الثقافة، في حين التكريم الكبير الذي سيغري الجميع بمشاهدته و يكون من أعلى مستوى في البلاد فيجب أن يكون من نصيب العلماء والمفكرين و الأدباء و كل رجال العلم و أهله حتى يكونوا هم القدوة السليمة لقادم الأجيال.
