مقارنات من وحي الفيس
سعيد المودني
شتان بين مَن ينظّر للرقابة المجتمعية على المشترك المعيش ببعديه المادي الحقوقي والمعنوي المتعلق بالحرية والكرامة في النظام السياسي أو الفكري أو العقدي الناظم،، وبين من ينظُر في "الأخلاق" و"القيم" التقليدية المتداولة!!!..
بين من يعتبر الفرد مسؤولا عن المجتمع في مراقبة توجهاته ومساراته ومصائره الكبرى،، وبين من غاية مبلغه "ماشي شغلي/شغلك"، حتى إذا تجاوز العتبة، ولج متاهة "المفاضلات الأخلاقية"!!!..
بين من يتعرض للأفكار والمؤسسات، والشخصيات العمومية في أدنى الأحوال،، وبين من أعلى سقفه التعرض لممارسات أشخاص ذاتيين!!!..
بين من يوثق مواقفه ويؤصلها انطلاقا من المرجع المشترك المعتمد، ويسندها بأحكام أو نصوص أو مواقف من ذاك المرجع،، وبين من يطلق أحكامه استنادا لتوهامته وتمثلاته الشخصية، والأعراف والتقاليد السائدة!!!..
بين الواضح الثابت الذي يُرى باطنه من ظاهره، نهاره كليله ويومه كأمسه،، وبين المبهم العصي على التأطير حتى على نفسه، و"كل نهار ورزقو"!!!..
بين المباشر "الجبيه" الذي يؤسس لكل حادث حديث ولكل مقام مقال، يحترم السياق والخصوصية،، وبين "الزئبقي" الذي يُداخِل السياقات ويغتصب الخصوصيات!!!..
...
سهل أن تكون مثل الناس، مثل سائر الناس، مثل أكثر الناس، مثل السواد الأعظم من الناس، وما وردت الكثرة في القرآن الكريم إلا مقرونة بالسوء، وما وصلنا ما نحن فيه إلا بهذه الكثرة.. والحال أنه لو كانت الكثرة صالحة لكان الحال صالحا..
سهل أن تظهر ذا علاقة جيدة مع الكل(مع أنه يقال أن إرضاء الجميع غاية لا تدرك)، وتكون مع الكل(مع أنه يقال أن من كان مع الكل لم يكن مع أحد!!!..)، وفي سبيل ذلك تجامل(بل الأصح تنافق) كل المتناقضين... لأن الرغبة في إرضاء الناس جميعا وكسب ودهم يصبح قاصدها دون موقف،، ودون صديق صادق صدوق!!!..
سهل أن تجعل بوصلتك هي العلاقة: ما قاله من تواليه هو الصواب دون أن تسمعه، وما قاله من تخالف هو الخطأ دون أن تقرأه، لدرجة أنه حتى ولو تبادل القائلان القوليْن،، يبقى الحكم السابق ساري المفعول!!!..
سهل أن تحمي تسلقك الواقع أو المفترض بالتبرؤ من جدك الذى وشى به بعض الخونة أن أحد المقاومين ألقى عليه التحية يوما!!!..
الصعب هو أن توطن نفسك على مبدأ، وتعلن عنه، وتثبت عليه، وتتخذه هو الثابت وهو المعلَم وهو المؤشر وهو البوصلة، ويكون هو قطب رحى التصرفات وحتى العلاقات وليس العكس(لأنه يعرف الرجال بالحق ولا يعرف الحق بـ"الرجال").. وتحاول مع هذا رفع الإيقاع،، ولو كنت وحدك..
...
أن يكون موقفك خاطئا وتعلن عنه، فهذا شيء قبيح ووضع مشين، غير أنه يحتوي قدرا من الشجاعة والانسجام.. وأقبح منه أن يكون لك ذات الموقف مع التكتم الذي يذهب بما ترك الوضع السالف من وجه الشفاعة.. وأقبح منهما أن لا يكون لك موقف لكنك لا تدعيه، حيث وإن جرفتك السلبية، أنصفك الانسجام، أما الأقبح على الإطلاق فهو ألا يكون لك موقف وتدعي حضوره..
أن يكون لك موقف صائب وتعلن عنه، فأنت تؤدي ضريبته ما حييت عليه..
...
المقارنات تنطبق على الأشخاص الذاتيين،، والمعنويين..
