كورونا والدخول المدرسي..مقارابات إشكالية الحسم!
منير الحردول
في ظل زحف الوباء العالمي ، وتزايد حالات الذهول التي بدأت تظهر ربما على صناع القرار في مختلف الأقطار، بما فيها بلدنا الحبيب.
وأمام الزحف غير المحسوم العواقب للموجة الثالثة من الفيروس المتحور " الدلتا" وغيرها من المتحورات المستجدة والآخذة في التناسل، وما يترتب عن هذا التحور والزحف من ضرورة وواقعية أخذ جملة من الاستثناءات، خصوصا في القطاعات الإجتماعية الخدماتية كالتعليم والصحة.
وأمام واقع شديد الهيجان، هيجان مرتبط باستمرارية الوضعية الوبائية الزاحفة المبهمة، وغير المطمئنة والمقلقة للغاية وبشهادة الجميع، مع إكراهات خارجية سياسية اقتصادية احتماعية لا حصر لها!
بات من شبه منطق التأكيد والمؤكد، إعادة النظر جدريا في منهجية التعليم المعتمدة على التناوب، فحالة الارتباك وارتفاع الإصابات التي قد تتخطى حاجز 10.000آلاف إصابة، أضف إلى ذلك نسبة الفتك المرتفعة، واليومية، والأخبار عن صعوبة الولوج إلى العلاجات بطرق سلسة، زد على ذلك ترقب الدخول إلى الفصول الباردة، والتحذيرات المتكررة لمنظمة الصحة العالمية والمستمرة حول دخول بلادنا للموجة الثالثة من زحف الوباء وما ينجم عنها من الصعوبات بالجملة، التي تواجهها المنظومة الصحية الوطنية، وغير الخافية على أحد.
أضحى إذن الواقع المرتبط باستمرار الدراسة على الشكل الذي طبق في الموسم الماضي، يطرح أكثر من علامة استفهام! خصوصا من حيث الارتباك في الايقاعات الزمنية ومدى استيعاب المقررات، والإلتزام بتدابير الوقاية الاحترازية، والكل يشهد على الحالة الاستهتارية للجميع فيما يتعلق باحترام هذه التدابير المعقلنة، القادرة على وقف زحف هذا الوباء المخيف.
كما أن الاستمرار الدعوة إلى الانتقال إلى التعليم عن بعد، للمستويات الأولية،
والابتدائية، والإعدادية، يواجه بإكراهات عديدة رغم أهميته البيداغوجية كخيار قد يكون حتميا، ومفروضا ووحيدا في الظرفية الراهنة! بالرغم من منطق صعوبة تحديد نسبة التفاعل، والتقييم، والتقويم، المرتبط بتحقيق مختلف الكفايات المستهدفة من هذا النوع من تعليم الطوارئ تبقى ثابتة ولا جدال فيها!
لذا مقترحنا في هذا الباب، وفي إطار موجة الإغلاق الشبه محتمل إن استمر الاستهتار بهذا المنوال المؤسف للعقل الحكيم! خصوصا ونحن نرى بعض الإغلاقات هنا وهناك في دول تتوفر على أنظمة صحية صلبة! وبحكم الرغبة في تجنب الخوف من المجهول القادم من خارج أسوار منازل الأسر المغربية ، واعتبارا لأهمية استمرار التعليم الدراسي للمستويات الأولية الابتدائية، نظرا لأهميتهما النفسية والعضوية للبراءة العمرية، والتفكير في تأمين التعليم الحضوري للتعليم الأولي والمستويات الأولى للابتدائي على أساس تعديل الزمن المدرسي وتقليص المواد حتى يتسنى وضع حد أدنى من التلاميذ (ت)في الفصل في إطار نظام الأفواج، والدراسة ليومين كحد أقصى، وإعادة النظر في هذا الزمن كلما دعت الضرورة لذلك، وذلك حسب تحسن الوضعة الوبائية للأقاليم والجهات، وهذا يعد ربما خير من التعليم عن بعد لهذه الفئة، هذا مع التفكير وأجرأة تكثيف برمجة الرسوم المتحركة الهادفة لهذه الفئة في أوقات الذروة باللغات الرسمية والأجنبية حل استثنائي مهم.
فالاستثناء يحتاج دائما لسماع أفكار الاستثناء.
كما أن الاهتمام بتأمين التعلم لهذه الفئة البريئة والصغيرة يجب أن يكون أولوية قصوى للوزارة، في هذه المرحلة الحرجة.
فالأولويات درجات، وخيارات صعبة، في ظل صعوبة تحديد مسار تفشي الوباء، ليس في المغرب فحسب، وإنما في العالم بأسره، إذ أن الحفاظ على ركائز النظام الصحي وتجنيبه نكسة الانهار يعد أولوية الأولويات في المرحلة الراهنة والحساسة جدا، بالاضافة إلى الحفاظ على مناصب الشغل والقدرة على استمرارية الأنشطة الاقتصادية للحفاظ على مستوى معيشي متزن، يعد من الأهمية بمكان و أهم من مغامرة غير محسوبة العواقب مندفعة، يستحيل التنبؤ بمسار وأبعاد الاتجاهات التي قد تمضي فيها و إليها.
ولعل أهمية التعليم عن بعد، في ظل الوضعية الحالية لا ينكر أهميته إلا جاهل، بسبب التزايد المخيف للإصابات والمخالطين ومخالطي المخالطين، وصعوبة حصرهم ومعرفة تحركاتهم اليومية، في ظل بروتوكول صحي أجاز العلاج بالمنازل دون الحسم في طرقب المراقبة والتتبع اليومي! أما بخصوص التعليمين الاعدادي والثانوي التأهيلي، فحبذا لو تم تخصيص يومين فقط في إطار نظام الأفواج دائما مع فرض حجر منزلي لجميع التلاميذ في الأيام الباقية، لحين تحسن الوضعية الوبائية بشكل عام، فالمرح والدخول والخروج والاستهتار المتواصل، قد يؤدي بالجميع للهاوية، فلا مجال لتقديس الدراسة مقابل الاستهتار بسلامة حياة الأفراد والجماعات في سفينة واحدة تحمل الجميع! ولعل النموذج البلجيكي الذي اقتصر على التعليم الحضوري فقط للتعليم الابتدائي في الموسم الماضي لخير دليل على ما أقترح هنا!
إذ، أن سلامة الجميع، وصحة الجميع في زمن الوباء، أمر لا يحتاج لمزايدات أحد، ولا للوقوف كثيرا عند الهفوات التي تعد طبيعية جدا في فترة الطوارئ المباغتة، فالوطن أغلى، والمواطن السليم أمل المغرب وهو القادر على تحدي هذا المصاب المؤلم!
بيد أن القاعدة الثابتة في أخد القرارات، خصوصا أمام اقتراب معدل الإماتة وتخطية حاجز ال 100 حالة يوميا في بعض الأحيان، هي أنه من باب الحكمة عدم تقديس شيء، بشيء آخر أقدس بكثير اسمه سلامة الحياة الآمنة البعيدة عن الخوف والقلق، الذي بدأ يزحف بدوره على التلميذات والتلاميذ والأمهات والآباء والأستاذات والأساتذة والأطر المتنوعة التي تدخل في صميم المنظومة التربوية ككل، ناهيك عن التخوفات المستمرة لغالبية الأسر والعائلات المغربية والمغلوبة على أمرها في اغلب الاحيان!
