لم تم الخرس عن الاستمرار في المطالبة بنزع سلاح الحزب؟

أقلام حرة

10/01/2022 20:27:00

سعيد المودني

لم تم الخرس عن الاستمرار في المطالبة بنزع سلاح الحزب؟

نختم هذا الملف المتعلق بـ"الظاهرة الإيرانية" بتساؤل حول بواعث تغير تعامل "الكبار" مع حالة أحد أهم أجنحة النظام الشيعي في العالم، تبدُّل تعاطيهم مع سلاح "حزب الله"، بين استئصال الأمس، وتراخي اليوم..

وبالطبع لا ينكر أحد وقوف الحزب شوكة في حلق "الكيان الغاصب" عندما كان هو أول من هزمها بصموده وإسقاط شروط المعتدي لوقف عدوان "حرب تموز 2006".. فأشفى غليلنا وأذهب غيظنا.. كما لا ننكر حينها وقوفنا معه في وجه كل من كان يشكك في ولائه، ويحاكمه بانتمائه المذهبي لطائفته.. بل تعاطفنا معه بقوة طيلة مسيرته المقاوِمة البطولية ومعاركه الملحمية ضد الصهاينة،، وعارضنا بشدة -في المستوى الذي نستطيع- أية مطالبة بنزع سلاحه.. نعم، كان هذا إلى غاية سنة 2011م..

لكن بعد هذا التاريخ تغير كل شيء، وأصبح المؤيدون للحزب، المدافعون عن سلاحه بالأمس، لا يفتؤون يطرحون سؤالا مشروعا، بل ملحا: لمَ خرست، أو في الأدنى خفتت، أصوات المطالبة بنزع سلاح الحزب، وخنقه والتضييق عليه -داخليا وخارجيا- بعد دخوله في الحرب في سوريا والعراق؟؟!!!..

والسؤال هنا ليس عن القدرة والإمكانية الفعلية لنزع سلاح الحزب من انعدامها نتيجة تداخل وتعقد المعطيات الإقليمية، وكذا بفعل تأثير متعلقات الحزب الذاتية من استراتيجية وبناء وتغلغل وتجذر وبناء... هذه مسائل، من جهة لا يجادل فيها أحد، ومن جهة ثانية فقد كانت موجودة ومعروفة منذ البداية حينما كانت تلك المطالبة مطروحة صباح مساء.. إنما السؤال هو عن المبدأ: لماذا لمْ يعد أحد يومئ مجرد إيماء لطرح المسألة، لا داخليا ولا إقليميا ولا خارجيا،، ولو من باب التعريض.. بمعنى أن السؤال هو عن توظيفات هذا "المسعى" بين المد والجزر، حسب ما تقتضيه مصالح المتدخلين، وتطوره كرونولوجيا، وذلك بحثا عن مفاصل اصطفاف خفي مفترض..

وفي معرض تبريره للتدخل الجاني في المستنقع السوري، كان الحزب قد ادعى أن التدخل كان بداعي المحافظة على الوضع الضامن لاستمرار إمداد المقاومة من جهة، وبذريعة تدخل جهات خارجية في الساحة من جهة أخرى..

فإذا كان تحقيق "المصلحة" هو مناط هذا التدخل، كما سوّق الحزب ذلك، فيبدو أنه تجب إعادة تعريف المصلحة، وتحديد ماهيتها وحدودها وأحكامها... حتى تُعرف متطلبات وضوابط المواقف من الصراعات الدائرة.. إذ لا يُتصور أن عاقلا يجوّز مساعدة "مجرم" بقتل مئات الآلاف من أجل تحقيق ""مصلحة""!!!..

إن مبرر وجود المقاومة، بل مطية ظهور الدولة من الأساس، هو الدفاع عن الشعب(الجماعة البشرية المحصورة في نطاق المقاومة أو الدولة المعنية)، كمصلحة عليا، بل تكاد تكون الوحيدة.. فماذا بقي من الشعب حتى يستساغ ادعاء الدفاع عنه؟ وماذا ينفع الحجر والشجر إذا أبيد البشر؟؟!!!..

أما في ما يخص المسوغ الثاني، أي الترتيب الكرونولوجي، فإن تدخل الحزب كان فعلا بعد تدخُّل بعض "العصابات" الأخرى(المحسوبة "سلفية")، لكن الخطأ لا يبرر أخاه، بحيث يجب رفض التدخل الأجنبي من أية جهة كانت، ومن جهة أخرى، وهذا هو الأهم، فإذا حصل تدخل من نكرة غير معروف حقيقة من وراءها(السعودية؟ أمريكا؟...)، كما هو حال بعض العصابات هنا، والتي -والحالة هذه- ليس لديها ما تخسره، فإن الأمر لا يماثل التدخل السافر الفاضح لحزب معرّف بالعلَمية،، حزب بحجم دولة، بل يفوق بعض الدول في القوة والهيبة والسمعة والتموقع والرصيد السابق للتعاطف...

الأكيد إذن أنه لا يوازي الحزب هنا أي تنظيم أو مؤسسة خارجية رسمية أو أهلية قائمة معروفة تضاهي الحزب(كالإخوان المسلمين مثلا أو غيرهم مما قد يماثل شهرته وقيمته) تقاتل علنا في الضفة الأخرى مع المعارضة السورية.. فالأمر لا يتعلق بتغاض عن التدخل لفائدة الطرف الآخر، لكن ليس سيان: نظام جائر وحزب علم،، مقارنة مع شعب ثائر ومتدخلين نكرة..

إن القرائن على فساد خيار مساندة تدخل الحزب كثيرة، منها -على سبيل المثال- مراجعة مواقف المرجعيات، حيث أن جرد المؤيدين من الفقهاء والدعاة والوعاظ، والسياسيين الوازنين، والإعلاميين المعتبرين... لموقفيْ التأييد والمعارضة للتدخل المذكور يعطي فكرة معتبرة قصد الاستئناس والاسترشاد من أجل التموقع، على اعتبار أن المرجعية والقدوة معالم ومنارات ومكونات لا يمكن تجاهلها في التموقف..

من القرائن أيضا ارتزاق الحزب، إلى جانب دول ومليشيات أخرى، على الأراضي السورية، جنبا إلى جنب مع الدب الروسي الذي "لا يؤمن بالخيرية"، مع أن كثيرا من المؤيدين عابوا على المجاهدين الأفغان -خلال ثمانينيات القرن الماضي- التعامل مع الأمريكان وقبول دعمهم(عندما تقاطعت مصالح الطرفين) لطرد المحتل السوفييتي من بلادهم، ونعتوهم بـ"المجرمين الأفغان"، واتهموهم بالخيانة والعمالة.. ولا ندري بماذا يجب أن نسمي استقواء النظام الجبري غير الشرعي السوري -الذي يدافع عنه الحزب- بـ"الإخوة" الروس؟؟!!!..

دائما على سبيل المقارنة، هل يمكن مثلا مجرد تصور قبول -من أي كان- تدخل حماس عسكريا في مصر لمناصرة الإخوان المسلمين، ما دام التشابه حد التطابق..

ليس سهلا هضم أن نزع السلاح قد أعجز اليهود في القارتين: هناك في الجوار، ومن وراء البحار.. وإن كان الأمر لا يخلو من صعوبة، فإن الكلام هنا، كما تقدم، هو بالدرجة الأولى عن خبو الخطاب درجة الاضمحلال،، بما يبرر -ربما- استحداث استعمال "مشروع" لذلك السلاح، على الأقل مرحليا..

 

يبدو أن "حزب الله" الإيراني الجنسية والانتماء والولاء، اللبناني "التجنيس"، لن يخرج من المستنقع حيا إلا مطوعا،، أو مخترقا..

 

مجموع المشاهدات: 26850 |  مشاركة في:
        

عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟