إنسان الألفية الثالثة وهاجس الأمن .. !

أقلام حرة

25/01/2023 11:51:00

عبد اللطيف مجدوب

إنسان الألفية الثالثة وهاجس الأمن .. !

يتواجد الإنسان حالياً في طفرة زمنية دقيقة ؛ تحفها تحديات جسام على أكثر من صعيد ، هي في مجملها تعد مخرجات طبيعية لزمن السرعة وتحالف الكتل والشركات الاقتصادية العملاقة العابرة القارات ، وفي آن التنافس الشرس على الموارد الأولية واكتساح الأسواق ؛ في بيئة كونية مطبوعة بالاحتباس الحراري وتزايد نسب أكسيد الكاربون في الهواء ، مع ما يستتبعه ذلك من نتائج وخيمة على انخفاض معدلات التساقطات والمحاصيل الزراعية ، مع تفشي الأوبئة والأمراض الفتاكة.

البيئة السياسية العالمية غدت ؛ في ضوء عدة متغيرات ؛ متعفنة تتجاذبها الصراعات والتوترات والنزاعات الإقليمية والقارية ، وهي نتاج طبيعي لحرب اقتصادية مستعرة ؛ يؤججها التنافس على الهيمنة على مزيد من الموارد الطبيعية والأسواق لتصريف السلع .

كما تعد "أزمة التربية" أحد أبرز خصوصيات هذه الألفية والتي تميزت ؛ على مدار عشرين سنة الأخيرة ؛ بتراجع جودة التعليم وتفشي نسب الأمية وبمستويات مهولة ؛ تكاد تصل إلى نسبة %17 عالميا ، و%30 عربيا ، كما تفيد تقارير اليونسكو الأخيرة .

  بؤر التوتر

   بإلقاء نظرة متفحصة حول راهنية الوضعية السياسية العالمية ، نلفي أنفسنا أمام سحب داكنة تجثم على العلاقات الدولية بين أكثر دول العالم ؛ إن في أوروبا وآسيا أو بإفريقيا وأمريكا ؛ باتت تشكل تهديدا مباشرا للأمن والسلم العالميين ، ويراها بعض الخبراء ؛ من المنظار الجيوسياسي ؛ مقدمة لتفكيك بنية النظام العالمي أحادي القطبية ، وتمزيق الدول الحالية واستحالتها في المنظور القريب إلى دويلات وتنظيمات وجماعات إرهابية مرتزقة .. كانت أبرز تداعياتها الحرب الدائرة بين روسيا وأكرانيا ، أو بالأحرى بين روسيا وأمريكا بالوكالة، والتي ألقت بظلالها ؛ خلال أزيد من سنة منذ اندلاعها ؛ على الأمن الطاقي والغذائي في أرجاء دول المعمور، ما عجل برفع الأسعار إلى مستويات قياسية ، فضلا عن اتساع رقعة الفقر والجوع، بنسبة وصلت إلى نسبة %9 عالميا ، بما يعني أن 1803 مليون نسمة يعيش أفرادها بأقل من $3 في اليوم .

هذا وحري بنا الإشارة إلى الأمن المناخي أو بالأحرى أزمة المناخ، والاحتباس الحراري الذي حول مناطق جغرافية عديدة في العالم لتعيش تحت وقع كوارث طبيعية تنفجر بين لحظة وأخرى ، سواء على مستوى ارتفاع درجة الحرارة واندلاع الحرائق أو فيضانات مهولة بدرجة تسونامي Tsunami ، أو موجات من الصقيع والثلوج التي عصفت بمناطق كثيرة في آسيا وأمريكا.

    هاجس الأمن

ولما كانت بيئة الإنسان بهذه الدرجة من الحساسية والخطورة ، على مستوى الأمن الغذائي أو البيئي والطاقي والصحي ؛ سارعت العديد من الحكومات إلى تقوية أجهزتها الأمنية ومدها بأحدث العتاد والأسلحة ، كاستراتيجية لمواجهة المد الجماهيري والشعبي ، في ظل الاحتجاجات ضد ارتفاع تكاليف العيش ، وتظاؤل حجم الأجور وتدني فرص الشغل.. مستشرفة (دراسات استشرافية Forward-looking Studies ) ، بأن الاحتكاكات مع السلطات الحكومية باتت العنوان الرئيس لمستقبل الشعوب قاطبة ، وأن الانفلات الأمني أصبح واردا في أية لحظة ، ما سيكلف الحكومات أثمانا باهظة ، سيما إن انزلقت إلى العنف المسلح ، أو لنقل إلى استنبات خلايا إرهابية ؛ تستهدف الأرواح حتى في عقور ديارها لدرجة أن غدا الأمن والإتمان على سلامة الأرواح في مقدمة حاجيات الإنسان الآنية ، فإذا انعدم الأمن تعطلت معه أنشطة الإنسان ومساعيه ، وألفى هذا الأخير نفسه وسط غابة تنتفي فيها أبسط الحقوق والحريات !

 

 

 

 

 

 

مجموع المشاهدات: 6509 |  مشاركة في:
        

عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟