مُعضلة "البراريك" بالمغرب..

مُعضلة "البراريك" بالمغرب..

علي او عمو

تحت عنوان: (حريق مهول يلتهم 200 برّاكة بسويقة "عين النقبي" في فاس). جاء في الخبر أنّ:(حريقاً شب قبيل مغرب اليوم الاثنين على حوالي 200 "براكة"بسويقة عين النقبي بمدينة فاس؛ كما التهمت ألسنة اللهب، التي رافقتها انفجارات قوية لقنينات الغاز، ما كان مخزنا بها من بضائع، فيما لم تسجل أي خسائر بشرية)..

• هذا عن السويقة التي تضمّ متاجر مبنية بالقصدير (براريك)، أمّا إذا أردنا أنْ نُطيل الحديث عمّا يُسمّى (البراريك) في المغرب، فإنّ الأمر لا يخصّ العديد من "السويقات" التجاريّة فحسب، و إنما لا بُدّ من الحديث عن البيوت القصديريّة التي تنتشر في معظم المدن المغربيّة، و التي تسمّى "المدن القصديريّة" التي تتمركز في ضواحي المدن، فهي بيوت مبنيّة بصفائح القصدير و مسقّفة بها، و تقطنها شريحة واسعة من الفقراء الذين لا يستطيعون تشييد منازل ذات جودة، أعني منازل مبنيّة بالإسمنت و مسقّفة بالخراسنة كسائر بيوت الطبقة الميسورة و الطبقة المتوسِّطة، إنّ هذه التجمّعات السكنيّة، بالإضافة إلى الخطر الذي يتهدّدُها بفعل الأمطار الغزيرة، فإنها تفتقر إلى أبسط مقوّمات الحياة الكريمة، تنعدم في هذه الأحياء المُهمَّشة المياه الصالحة للشرب و قنوات الصرف الصحي و الإنارة، فإذا رأيتها حسبْتها مُخيّمات للّاجئين، و إذا تجوّلتَ في دُروبها الضَّيِقة، تجد بركاً للمياه العديمة التي تفوح منها روائح كريهة لا تُطاق، في فصل الصيف يُعاني قاطِنوها حرارةً شديدة يعكسُها القصدير الذي بنيت به، كما يعانون من الروائح المُنفِّرة و قرصات البعوض الذي ينتشر حول المياه العديمة الوسخة..

• و إذا انتقلنا إلى الحديث عن البوادي في المغرب، فحدِّث و لا حرَجَ عن معانات سكّانها، مُعانات لا حصر لها و لا حدود تنتهي عندها، فبناياتها من الطين، جدران هشة سقوفها من أعمدة خشبية و قصَب مُغطّاة بالتراب الممزوج بالتبن، لا يمكنها أن تصمُد أمام الأمطار الغزيرة و الثلوج المتراكمة في فصل الشتاء. يعيش هؤلاء المواطنون معيشة ضنكاً للغاية، هم في عزلة عن العالم الخارجي، فالطرق إلى هذه الأرياف جدّ صعبة، فهي عبارة عن مسالك وعرة غير مُعبّدة، ففي موسم الأمطار و الثلوج يستحيل المرور عبْرها، نظرا لغمورها بالأوحال و الضخور الضخمة التي تجرفها المياه لتُغطيَ هذه المَمرّات الوعرة..

• تفتقر هذه القُرى إلى المستشفيات و المدارس، حيث يقطع تلاميذها مسافات طويلة إلى بعض المدارس التي لا تفي بالغرض نظراً لقلّتها و قلّة الطواقم التربويّة و التعليمية التي تعمل بها، حيث يُسنَدُ إلى معلّم واحد في العديد من هذه المدارس تدريس أكثر من ثلاثة مُستَوياتٍ دراسيّة مِمّا يحول دون تلقّي هؤلاء التلاميذ تعليماً ذات جودة تُذكر..

• في القرن الواحد و العشرين لا تزال فئة كبيرة من الشعب المغربي تعيش في مدن القصدير داخل المدن الكبرى و لا تزال طبقة واسعة في الأرياف، تقطن منازل من الطين، في الوقت الذي يزخر فيه البلد بثروات طبيعية هائلة، من فسفاط و ذهب و مختلف أنواع المعادن بالإضافة إلى واجهتيْن بحريّتيْن تتوفران على ثروة سمكيّة هائلة تُذرّ على البلد ملايير من الدّراهم...

 

 

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

المقالات الأكثر مشاهدة