عزالدين عيساوي
عندما انتهيت من حياة المجون و أردت الزواج سألت الناس عن فتاة ترتدي لباســا شرعيا و ملتزمة بدين الإسلام التزاما صحيحا، بحيث إنها لا تقيم العلاقــات الغرامية مع الشبــاب و تتميز بالفطنة و رجاحة العقل. خلاصة القول : إني أريدها طيبة طاهرة.
فقال لي صديق : أنت شخص مثالي و تبحث عن امرأة من القرن الرابع الهجري، يبدو أنك مغفل أو في حلم.
قلت : لما؟ ما الذي جرى ؟ هل الخير انقطع من أمتنا ؟
قال : لا، لم ينقطع ألبتة ، لكنك شاب يحلم كثيرا . استيقظ قليلا و عش زمانك.
قلت : أليس من حقي أن أحلم ؟ أليس من حقي العيش مع المرأة التي ترتضيها نفسي و يرتاح إليها ضميري.
قال : يا أحمق، يا جاهل، ضميرك هذا غاب منذ سنوات عندما كنت تتمتع بالفتيات و تعبث بأجسادهن، وقتذاك كنت ذئبا متوحشا تبحث فقط عن إشباع نزواتك و إفراغ مكبوتاتك، و اليوم و بعد أن مللت من الحرام استيقظ ضميرك و تريد أن تحصل على فتاة طيبة نقية . أنى لك هذا.
قلت : و ما الضير في ذلك؟ فأنا شاب تائب و الحمد لله، و قد وعدنا الله في كتــابه العــــزيز بالمغــفرة و الرحمة إن رجعنا إليه . إذن من حقي الارتباط بامرأة نظيفة عفيفة. أليس كذلك ؟
قال : لا، ليس من حقك، هذا ليس عدلا، أنت أناني.
قلت : كيف ؟ لم أتخيل يوما نفسي أنانيا، فأنا شاب يبغي الخير للعباد.
قال : لو لم تكن أنانيا لما طلبت فتاة طيبة و أنت كنت خبيثا في يوم من الأيام. لمن تترك هؤلاء الفتيات المسكينات اللواتي عبثت بهن ؟ أليس من حقهن كذلك الزواج بشاب مثلك؟
قلت : لكنني ندمت ، ندمت على ما فعلت و أود أن أشق طريقا جديدا غير ذلك الذي سلكته فيما مضى.
قال : طيب. هذا أمر محمود، لكن لن تكتمل توبتك إلا إذا رجعت إلى هؤلاء الفتيات اللواتي أقمت معهن الحرام. ارجع إليهن ثم اختر واحدة من بينهن و أكمل معها مسيرة حياتك.
قلت : لا أستطيع. كيف لي أن أتزوج فتاة أقمت معها علاقة غير شرعية و منحتني جسدها بكل يسر و لا أدري كم شخصا مكنته من نفسها. أنا عبد تائب و أريد امرأة صالحة حتى أستطيع تكوين أسرة صالـحة و أربي أبنائي تربية حسنة.
قال : مهما بحثت فستحصل في نهاية الأمر على امرأة تاريخها مثل تاريخك الأسود ! هذا هو العدل، فكما تدين تدان . قال ربنا جل في علاه : (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ
وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ).
قلت : أنا الذي أخطأت و علي أن أدفع ثمني تهوري. شكرا لك صديقي الوفي على نصائحك القيمة.
و بعدما أنهيت الحوار مع صديقي و انصرف عني، ناداني صوت من أعماقي و أخذ يردد : من أراد فاطمة فليكن عليا. من أراد فاطمة فليكن عليا...
