مدير أكاديمية الرباط يستعرض حصيلة "مدارس الريادة" ويؤكد أن نسبة التعميم تجاوزت 80 بالمائة

بعد التساقطات الأخيرة...مياه الأمطار تجتاح سوق مركب الفخار بزناتة

"أخبارنا" في جولة حصرية داخل مركب محمد الخامس بعد التحديثات الأخيرة قبل أربعة أيام من انطلاق الكان

الثلوج تغطي ربوع إقليم إفران.. تدخلات متواصلة للسلطات لحماية مستعملي الطرق

بعد شلل الحركة بإقليم ميدلت.. تدخل عاجل باشا بومية لتفادي الأسوأ وتأمين عبور المسافرين

"رجعات بحال الشواية".. هكذا أصبحت طريق بإقليم مولاي يعقوب بعد شهر ونصف من اصلاحها

الإسلام و الديمقراطية ... ثرثرة مغربية‏

الإسلام و الديمقراطية ... ثرثرة مغربية‏

الصادق بنعلال

 

( إن "غياب الديمقراطية"  في العالمين العربي و الإسلامي واقعة لا ريب فيها ، و أما أسباب هذا الغياب فهي لا ترجع إلى الإسلام كدين ، إذ بوسع المرء أن يسرد من الشواهد ما يجعل مضمون الديمقراطية يدخل في دائرة المندوب إليه بل ربما في دائرة الواجب ، من وجهة النظر الشرعية ! و في جميع الأحوال فلن يستطيع أي "متشدد" الادعاء بأن مضمون الديمقراطية يدخل في دائرة المكروه بله في دائرة الحرام ؟ ) ... عميد العقلانية العربية محمد عابد الجابري .

 

1 -  في ظل الهجمة الغربية الرسمية و الإعلامية  غير المسبوقة على الإسلام ، و في إطار المساندة المطلقة للدول "العظمى" للثورات المضادة للربيع العربي المغدور ، و التأييد الكلي للانقلابات العسكرية و المدنية على التجارب الديمقراطية الوليدة في أكثر من بلد عربي ، و إجهاض أي مكسب سياسي و مجتمعي يضر بالمصالح الإستراتيجية و الحيوية  للعالم "الحر" ، و في سياق العدوان الإسرائيلي الإرهابي على فلسطين و قطاع غزة ، بمباركة "المجتمع الدولي" ، و بعض "الأنظمة" العربية بهدف تدمير الفصائل المقاومة للمشروع الصهيوني العنصري .. في ضوء كل هذا الدمار الممنهج و الرهيب ضد الحلم العربي في الوحدة و التقدم ، يطل علينا بعض "المثقفين" و "المختصين" في الدفاع عن المكتسبات الليبرالية و الحداثية الغربية ، و استهداف القيم الثقافية العربية و الإسلامية ، و "تجريدها " من أي دور في بناء الحضارة الإنسانية ! و في هذا المنحى بالذات  نظمت مجوعة من الأنشطة و اللقاءات و الندوات "الفكرية" ، للاستدلال ب "الحجج و البراهين" العلمية و التاريخية ، على التعارض

"الجوهري" بين الإسلام و الديمقراطية !  و التنديد بانتهازية المثقفين الليبراليين الذين لا ينتفضون في وجه "الظلاميين" و أنصار الإسلام السياسي "الفاشل" ، و لا يبذلون جهدا كافيا من أجل "تقويض" البنية التحتية للتيارات الإسلامية الماضية في "السيطرة" على المجتمعات العربية ، و الانقضاض على "المكتسبات"الاجتماعية و السياسية و الثقافية و الانقلاب على "المعطى الديمقراطي"  !

 2 -  من أبجديات الفكر السياسي الكوني أن الديمقراطية نسق من المفاهيم و الآليات و الميكانيزمات  المترابطة ، توظف من اجل تدبير الشؤون السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية .. داخل بلد معين ، و بالتالي فهي أهم وسيلة نظرية و إجرائية في يد الإنسانية راهنا ،  لممارسة الحكم ، و التعاطي إيجابيا مع ظاهرة الاختلاف و التعددية ، من خلال العمل الدؤوب على استنبات قيم الحرية و المساواة و العدالة و الكرامة .. و لن يتأتى ذلك إلا عبر الفصل التام بين السلطات التشريعية و القضائية و التنفيذية  و الإعلامية .. و وجود أحزاب سياسية مستقلة تحمل مشروعا مجتمعيا شاملا ، و تمثل مكونا من مكونات الشعب ، و تتنافس سلميا على السلطة ، في استحقاقات سياسية دورية شفافة و نزيهة ، و في مناخ من الاحترام المتبادل بين الأغلبية و المعارضة ، كل ذلك بغية إقامة بناء كيان مجتمعي يحظى بالاستقرار و التقدم و التنمية المستدامة ! و لئن كان مفهوم الديمقراطية قديما يعود إلى فترة ما قبل الميلاد ، و تحديدا إلى العصر اليوناني ، فإن المنجز الديمقراطي المحكم و الملموس وليد العقود الأخيرة ، و خاصة  بعد الحربين العالميتين ، و بالتالي فإن البحث عن التطبيق الفعلي للأنظمة الديمقراطية في التاريخ القديم للمجتمعات الغربية و الشرقية لا يجدي نفعا كبيرا ! فكل المجتمعات الإنسانية الأعجمية و العربية عاشت قرونا تحت نير الفساد و الاستبداد محرومة من أبسط حقوقها في العيش الكريم ، و أن نظرة عابرة في أدبيات تاريخ الدول الغربية الراهنة ، تجعلنا نستنتج دون عناء ، أن المستوى الحضاري الرفيع الذي تعيش بين أحضانه ، كان بعد نضال مرير و شاق و بعد أن سالت أنهار من دماء المقاومين ، الذين وقفوا في وجه الطغيان الديني و المدني و العسكري ! مما يجعلنا منطقيا أمام خلاصة مفصلية مؤداها أنه من الخطأ التاريخي  محاكمة التاريخ الإسلامي ،  واتهامه بمعاداة الديمقراطية ، و غياب  أنظمة الحكم الرشيد طيلة مسيرة بناء الحضارة الإسلامية ، بل سيكون من الصواب القول إن التاريخ الإسلامي لم يخل من  مراحل بالغة التقدم و الرقي و الحضارة ، و الممارسة السياسية العادلة سواء في عهد الرسول محمد (ص) أو في عهد الخلفاء الراشدين ، و فترات متفرقة من تاريخنا المشرق ، حيث كانت تتخذ قرارات البناء و السلم و الحرب ، في شكل من أشكال التشاور و الانفتاح و التعايش و التسامح و قبول الآخر ، في مكة و بغداد و دمشق والإسكندرية و قرطبة ومراكش .. دون تجاهل صفحات الدم و الجبروت في عدد من محطات التاريخ العربي المديد، تماما كما هو الشأن بالنسبة لسابق عهد المجتمعات البشرية الراهنة . فليس من حق أدعياء الحداثة و المعاصرة و "المثقفين" رافعي يافطات الليبرالية و العلمانية .. في واقعنا المجتمعي المزايدة علينا بالإنجازات الغربية الديمقراطية الباهرة ، و الاستقواء "المعرفي" ، للتعويض عن الفشل الأيديولوجي و السياسي للهيئات المعادية لكل ما يرتبط بالمجال التداولي العربي الإسلامي . إن الإسلام ديانة سماوية مقدسة ،  جاءت لتخرج الناس من ظلمات الفساد و الاستبداد ، إلى نور الصلاح و العدل ، و مادامت الديمقراطية منظومة رؤيوية و إجرائية بالغة الرقي ، تروم نشر القيم الإنسانية الخالدة ؛ من حرية و عدالة اجتماعية  و مساواة و كرامة .. فإنها لا يمكن بحال من الأحوال أن تتعارض مع نبل الرسالة الإسلامية الداعية إلى الحق و الخير و الجمال و الحرية : ( متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ) !!

 

3 -  و من المزاعم  بالغة الغرابة التي اشتغل بها بعض "مثقفي" المغرب ، أن "حماة" الديمقراطية و العلمانية و الحداثة يهادنون التيارات الإسلامية و أحزاب الإسلام السياسي المعتدل ، و لا يرغبون في "تفكيك" و "خلخلة" معتقداتهم و منطلقاتهم و تصوراتهم السياسية و المعرفية و الأيديولوجية ، مما يفسح لهم المجال للانتشار و التغلغل و الهيمنة على مفاصل المجتمعات العربية . و الحقيقة التي لا مراء فيها أن واقعنا العربي الكئيب في حاجة إلى كل أبنائه و فصائله الإسلامية و العلمانية الوطنية ، من اجل القطع مع ثقافة الانقلابات العسكرية البغيضة ، و الإقصاء المنهجي للمخالفين في الرأي و المعتقد ، مع ضرورة الاعتراف بالهزيمة إثر الاستحقاقات السياسية ، دون نهج سبل الانتقام من الفائز أيا كان انتماؤه القومي والاشتراكي و الليبرالي و الإسلامي . و حدها ثقافة الديمقراطية التشاركية البناءة قادرة على جمع شمل الأمة العربية ، و تنظيم كفاءاتها و إمكاناتها المادية و البشرية ، في  كيان مجتمعي مدني ، تـصاغ فيه المواثيق و الدساتير المنظمة ، و تقام فيه المؤسسات السياسية و الاقتصادية و الثقافية و الاجتماعية و التعليمية .. عالية الجودة ، و يشعر فيه المواطن بقد كبير من الأمان و الاستقرار و رغد العيش الكريم ، وحدها ثقافة الرأي و الرأي الآخر و الفهم و الإفهام و الاتجاهات المتعارضة و تبادل التجارب و الخبرات ،  بإمكانها أن تؤسس لعالم عربي موحد ، له مكانة محترمة تحت الشمس ، صحيح أن القارئ الكريم لهذه السطور قد ينعت الكاتب ، و من حقه ، بأنه يحلق في دنيا الخيال و الحلم ، ليكن ! فأحلام صادقة خير من إطلاق الكلام على عواهنه ، لإرضاء أعداء العروبة و الإسلام و ما أكثرهم داخليا و خارجيا .


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات