أخبارنا المغربية - عبد المومن حاج علي
في لقطة إنسانية ذات دلالة سياسية عميقة، ظهرت البرلمانية زينب السيمو، عن حزب التجمع الوطني للأحرار، وهي داخل قاعة لجنة التعليم والثقافة والاتصال حيث ظهرت تحمل ابنها بين يديها، خلال اجتماع انعقد يوم أمس الأربعاء، في مشهد لم يكن عابرا بقدر ما كان معبرا عن حجم الإكراهات التي تواجهها الأمهات البرلمانيات، وحرصهن في الآن ذاته على أداء واجبهن الدستوري في تبليغ صوت المواطنين والدفاع عن انتظاراتهم داخل المؤسسة التشريعية.
وكان الاجتماع الذي انطلق في حدود الساعة العاشرة صباحا واستمر لما يناهز اثنتي عشرة ساعة متواصلة، قد خصص لدراسة عدد كبير من التعديلات والتصويت على مواد مشروع القانون رقم 59.24 المتعلق بالتعليم العالي والبحث العلمي، بحضور وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عز الدين ميداوي، حيث لم يمنع طول الجلسة وكثافة النقاشات البرلمانية من مواصلة حضورها الفعلي والمشاركة في الأشغال، في تأكيد عملي على التزامها بمهامها التشريعية وحرصها على عدم التغيب عن محطة تشريعية مفصلية تمس قطاعا حيويا يهم شريحة واسعة من المواطنين.
ويعكس حرص السيمو على البقاء داخل اللجنة، رغم متطلبات الأمومة وضغط الزمن البرلماني، قناعة راسخة لديها بأن تمثيل المواطنين مسؤولية لا تقبل التأجيل، وأن نقل انشغالاتهم والدفاع عن مصالحهم يظل واجبا ملازما للصفة النيابية، حتى في أصعب الظروف الشخصية؛ وهو ما جعل حضورها يحمل بعدا مضاعفا، إنسانيا وسياسيا، أخرج للواجهة جزءا من واقع النساء داخل البرلمان، خاصة الأمهات منهن.
واختزل هذا المشهد جانبا من معاناة البرلمانيات الأمهات في ظل غياب ترتيبات واضحة تراعي خصوصية الأمومة، من قبيل فضاءات مخصصة لرعاية الأطفال أو مرونة زمنية خلال الاجتماعات المطولة؛ حيث ورغم الخطاب المتقدم حول تمكين المرأة سياسيا، فإن الممارسة اليومية تكشف استمرار تحديات صامتة تتحملها النساء داخل قبة البرلمان دون أن تتحول إلى نقاش عمومي مؤطر.
وبينما اختارت زينب السيمو أن توفق، بما أمكن، بين دورها كأم ومسؤوليتها كنائبة برلمانية، فإن الصورة التي التقطت لها دون علم حسب مصادر الجريدة، داخل اللجنة بدت كرسالة غير مباشرة مفادها أن تمثيل المواطنين لا يتوقف عند حدود الراحة الشخصية، وأن صوت الناخبين يجد من يحمله إلى المؤسسة التشريعية حتى في أكثر اللحظات إنسانية وحساسية، في انتظار أن يواكب هذا الالتزام الفردي بإصلاحات مؤسساتية تضمن مشاركة سياسية أكثر إنصافا للنساء.

