الرئيسية | قضايا المجتمع | النص الكامل لكلمة "الحبيب المالكي" بمناسبة اللقاء التواصلي مع المجتمع المدني

النص الكامل لكلمة "الحبيب المالكي" بمناسبة اللقاء التواصلي مع المجتمع المدني

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
النص الكامل لكلمة "الحبيب المالكي" بمناسبة اللقاء التواصلي مع المجتمع المدني
 

أخبارنا المغربية:الرباط

انعقد يوم أمس الخميس 23 ماي الجاري بمقر مجلس النواب، لقاء تواصليا مع مكونات المجتمع المدني في إطار برنامج البرلمان المنفتح.

وخلال اللقاء، ألقى رئيس مجلس النواب "الحبيب المالكي" كلمة بالمناسبة وهذا نصها الكامل:

السيدات والسادة أعضاء مكتب مجلس النواب،

السيدات والسادة رؤساء الفرق والمجموعة النيابية،

السيدات والسادة رؤساء ومسؤولي هيئات المجتمع المدني،

تغمرني سعادة كبرى وأنا افتتح أشغال هذا اللقاء التواصلي مع منظمات المجتمع المدني الوطني الذي نخصصه بالأساس لعرض التزامات مجلس النواب في إطار المبادرة الدولية المسماة "الشراكة من أجل حكومة منفتحة" والتي أصبح الشق البرلماني مكونا أساسيا من مكوناتها ومن الفاعلين فيها.

ولئن كان لقاؤنا مخصصا لهذا الموضوع بالنظر إلى رهاناته الوطنية والدولية في مجال إعمال الشفافية، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وتقاسم المعلومات وتيسير الولوج إليها من جانب المواطنات والمواطنين، فإنني أعتبر هذه الجلسة مناسبة ثمينة لتدشين عملية تواصل منتظمة مع هيئات المجتمع المدني تكريسا للشراكة المواطنة التي ينص عليها دستور البلاد.

 وأود في البداية أن أُثْني على دينامية المجتمع المدني المغربي والتزامه بالعمل في حقول عديدة بدءً من التربية والتأطير، ووصولا إلى المساهمة في التنمية المحلية ومروراً بالدفاع عن حقوق الإنسان في أبعادها المختلفة وعلى مدى أجيالها العديدة.

لقد اضطلع العديد من هيئات المجتمع المدني والجمعيات الوطنية طيلة تاريخ المغرب المعاصر بأدوار حاسمة في التنشئة الاجتماعية، والتنمية الثقافية وتكريس التنوع الثقافي الغني، ونشر وصيانة حقوق الإنسان، والدفاع عن الحقوق الاجتماعية، كما كان وما يزال يلعب دورَ المُنَبِّه إلى الاختلالات وإلى الخروقات المحتمل حدوثها في السياسات العمومية وفي تدبير المرافق العمومية.

وقد أهلت هذه الأدوار، وهذه المكانة المجتمعية هيئات المجتمع المدني المغربي لتكون شريكا في التطور الحقوقي وفي التنشئة الاجتماعية والتنمية المحلية وفي تمكين فئات عريضة من السكان من الخدمات الأساسية من قَبِيلِ الماء الشروب، ومحاربة الأمية، وفك العزلة عن المناطق النائية والجبلية و بناء اقتصاد اجتماعي تضامني وغيرها من الأعمال، كل هذا أَهَلَّهَا، لتكون شريكا للدولة ولِيَتِم تكريسُها فاعلاً مستقلاً ومخاطبا مؤطرا للفعل الثقافي و الحقوقي والمدني والإنمائي. 

وقد كان من ثمرات الإصلاحات الدستورية والمؤسساتية وتراكم الخبرات لدى المجتمع المدني المغربي، والكفاح الثقافي والحقوقي الذي خاضته الحركة الجمعوية المغربية الملتزمة بقضايا الوطن أن  تمت دسترة حقوقها وواجباتها وأدوارها في دستور مشاريع 2011 وتكريسها طرفا مساهما في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية وكذا في تفعيلها وتقييمها كما هو منصوص على ذلك في الفصل 12 من الدستور الذي يجعل من إحداث

 هيئات للتشاور، قصد إشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين، في إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها،  من مسؤوليات السلطات العمومية.

إننا أمام أدوارَ جديدة للمجتمع المدني يُؤَطِّرُها الدستور، تتجاوزُ الوضعَ الكلاسيكي للمنظمات المدنية والجمعيات الى وضع دستوري وقانوني واعتباري يُكَرِّسُ دورَها الحاسم في المجتمع. وبِالتأكيد، فإن هذه الأدوار، وهذا الاعتراف، سيعطي نفسًا جديدا للديمقراطية، ذلكم أن إشراك المواطنين من خلال المبادرات المدنية لن يعمل إلا على تقوية التفاعل الايجابي بين المؤسسات والمجتمع.

السيدات والسادة،

لقد جعل دستور 2011 من الديمقراطية التشاركية والمواطنة إحدى ركائز المشاركة الشعبية في تدبير الشأن العام خاصة من خلال تكريس حق المواطنات والمواطنين في تقديم ملتمسات من أجل التشريع ، وعرائضَ إلى السلطات العمومية. وفي السعي إلى إعمال هذين الاصلاحين الجوهريين ثَمةَ رهانٌ كبيرٌ على هيئات المجتمع المدني من أجل تأطير مبادرات الموطنات والمواطنين في هذا الشـــأن. وبالقدر الذي سيساهم هذا التأطير في زيادة مصداقيةِ وشعبية  الهيئات المدنية، بالقدر الذي سَيُوَسِّعُ من دائرة المشاركة المواطنة ويساهم في تجويد السياسات العمومية والتشريعات ويُقَوِّي المؤسسات ويجعلها متفاعلة أكثر مع المجتمع وانشغالاته.

ومع أن الديمقراطية التشاركية لا يمكن أن تعوض الديمقراطية البرلمانية التمثيلية، ومع كل الحدود التي ينبغي احترامُها بين المدني والسياسي، ومع ضرورةِ الإقْرارِ بأن الجمعيات المدنية لا يمكنُ أن تَقُومَ مَقَامَ الأحزاب السياسية، فإنها تُعْتَبَرُ دعامةً أساسية للمؤسسات، وتجعل اشتغالها أكثر شفافية، ومرآة أَنْصَع أمام عموم المواطنين. وبالتأكيد فإنها على هذا النحو، ستكون رافداً للديمقراطية وإحدى أدوات تخصيب العمل الديمقراطي المؤسساتي.

في علاقة بهذا، وفي سياقه ينضم مجلس النواب إلى المبادرة العالمية المسماة "الشراكة من أجل حكومة منفتحة" التي أصبحت مفتوحة أمام البرلمانات التي أضحت مكونا وفاعلا أساسيا فيها.

وكما تعلمون فإن هذه المبادرة التي أطْلِقت في 2011، وتضم اليوم 79 بلداً تتوخى نشر الشفافية وقيم المسؤولية ومشاركة أكثر للمواطنات والمواطنين في تدبير الشأن العام، والاستعمال الأمثل والأنجع للتكنولوجيات الجديدة من أجل تعزيز حسن التدبير، وذلك من خلال الشراكة بين الحكومات والبرلمانات وهيئات المجتمع المدني.

في هذا الأفق، وفي إطار الدستور الذي تنسجم العديدُ من مقتضياته مع روح وفلسفة ومبادرات الشراكة من أجل حكومة منفتحة، سواء في ما يرجع إلى الشفافية أوإشراك المواطنين أو ربط المسؤولية بالمحاسبة أو كفالة الحق في الحصول على المعلومات واستعمالها، تأتي مبادرتنا الإرادية (والمطلوبة) في الانضمام إلى الشق البرلماني من مشروع "الشراكة من أجل حكومة منفتحة" بعد أن أصبح المغرب رسميا عضوا في هذه المبادرة منذ أبريل 2018.

واسمحوا لي قبل أن أعود إلى التزامات المجلس في إطار هذه الشراكة أن أوضح بأن المؤسسة لم تكن تنتظر هذا الانضمام لتنجز العديد من مشاريع الإشراك والانفتاح والتواصل. فقد أنجز مشروعا طموحاً في مجال البرلمان الالكتروني بكل ما يعنيه من تداول سريع وشفاف للمعلومات والمعطيات، وحول جريدته الرسمية إلى نسخة إلكترونية، وسنطلق قريبا جداً النسخة الجديدة من موقع المجلس على الانترنيت الذي أردناه تَفاعليا ييسر تفاعل المواطنين

 مع مهام المجلس في التشريع والرقابة والتقييم. 

ومن جهة أخرى أحدثنا لجنة العرائض بمكتب المجلس مهمتها تلقي عرائض المواطنات والمواطنين طبقا لمقتضيات الدستور والنظام الداخلي للمجلس والقانون التنظيمي ذي الصلة بذلك،وأدرجنا ضمن الهيكلة الإدارية الجديدة للمجلس مصلحتين للعرائض والملتمسات من أجل التشريع، وبالتأكيد فإن طموحنا يتَجاوز هذه الإجراءات على أهميتها. إننا نَطمح إلى تحقيق برلمان القرب، المتفاعل إيجابيا مع انشغالات المجتمع وكذا نشر الثقافة الديمقراطية والبرلمانية على نطاق واسع والتوجه إلى الجمهور اليافع والشباب، مع استعدادنا التام لتلقي عرائض المواطنات والمواطنين، وملتمساتهم من أجل التشريع وهما حَقَّانِ يَكْفَلُهُمَا الدستور.

وما من شك، في أن، لكن ولكم، ولهيئات المجتمع المدني الممثلة هنا، وغير الحاضرة معنا، وهي عديدة، أدوار حاسمة في تأطير المبادرات الجماعية.

     

إن هذه الرؤية هي ما يؤطر التزامات مجلس النواب في ما يخص الشراكة من أجل حكومة منفتحة، والبالغ عددها 27 التزاما موزعة على ثمانية محاور كما هي مفصلة في الملف الذي توصلتم به.

 

ويتعلق الأمر بتنفيذ مقتضيات الدستور في ما يرجع إلى الديمقراطية التشاركية والمواطنة، وإشراك المواطنات والمواطنين في المسلسل التشريعي وتنفيذ المقتضيات الدستورية القانونية في ما يرجع إلى كفالة الحق في الحصول على المعلومات واستعمالها، ونشر الثقافة البرلمانية والانفتاح على المجتمع واستشارة المواطنات والمواطنين في مسلسل تقييم السياسات العمومية. 

ويتعلق الأمر بأوراش ورهانات هي في صميم الإصلاحات المؤسساتية والدستورية ونطمح إلى أن يضطلع المجتمع المدني بدور الشريك الوطني في تحقيقها بما يحقق أهداف الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة وتكافؤ الفرص والمشاركة.

 

وإنني إذ أطلب منكم تملك الوثيقة المتضمنة لالتزامات مجلس النواب باقتراحاتكم، أجدد التأكيد على دور المجتمع المدني في إثراء العمل البرلماني المؤساستي في إطار ما يكفله الدستور واحترام السلط والاختصاصات، ووفق علاقات تعاون وتفاعل خاصة في ما يرجع إلى مهام واختصاصات المجلس الأساسية، أي التشريع ومراقبة أعمال الحكومة وتقييم السياسات العمومية الذي  هو من الاختصاصات الدستورية الجديدة للبرلمانات، والذي يوفر إمكانيات كبرى لإشراك المجتمع المدني المحلي والوطني على مستوى جمع المعلومات، وتبين آثار السياسات العمومية على المواطنين وعلاقتهم بالإدارة والتدخلات العمومية واستفادتهم من المرافق العمومية.

ومن جهة أخرى آمل، وأطمح إلى أن يكون هذا اللقاء التواصلي الأول في سلسلة لقاءات تواصلية ودراسية، وبرامج للتكوين لفائدة المجتمع المدني سواء في موضوع الشراكة

 من أجل برلمان منفتح أو في مجال الترافع من جانب هيئات المجتمع المدني أو في مجال العرائض والملتمسات من أجل التشريع.

 

وسنحرص على إعطاء بعد مجالي لجميع مبادراتنا في هذا الشأن. ويظل الهدف هو تعزيز البناء الديمقراطي وتقوية المشاركة في تدبير الشأن العام، والتصدي لخطابات التيئيس وترسيخ قيم المواطنة وزرع روح المبادرة وجعل الشباب يومن بدور المؤسسات وضرورتها، وبالمشاركة السياسية في إطار التعددية وعلى أساس قيم التسامح والاعتدال واحترام الحق في الاختلاف وفي إبداء الرأي.

 

أجدد الشكر والترحيب بكم وأثني على حضوركم وأتطلع الى مساهماتكم واقتراحاتكم في هذا المشروع الطموح والنبيل.

مجموع المشاهدات: 663 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة