الرئيسية | قضايا المجتمع | من أرقى أحياء الدار البيضاء إلى "عكاشة".. كيف تورط "طبيب الفقراء" في فضيحة القرن؟

من أرقى أحياء الدار البيضاء إلى "عكاشة".. كيف تورط "طبيب الفقراء" في فضيحة القرن؟

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
من أرقى أحياء الدار البيضاء إلى "عكاشة".. كيف تورط "طبيب الفقراء" في فضيحة القرن؟
 

بقلم : إسماعيل الحلوتي

يذكر العديد من المواطنين المغاربة كيف أنهم أصيبوا بخيبة أمل كبيرة، عندما بلغ إلى علمهم ذات يوم من شهر يونيو 2021 خبر صادم باعتقال الدكتور "كريم التازي" صاحب مصحات متعددة الاختصاصات بمدينة الرباط، أثناء محاولته اقتحام أبواب أحد المطاعم الكبرى بالهرهورة عنوة وهو في حالة سكر طافح، اعتقادا منهم أن الأمر يتعلق بالدكتور "الحسن التازي" الاختصاصي في التجميل بمصحته الخاصة في مدينة الدار البيضاء، والملقب ب"دكتور الفقراء" لما اشتهر به من أعمال إنسانية جليلة في علاج المحتاجين والمعوزين...

ولم يمر على ذلك الحدث العرضي كثير من الوقت ليصابوا بصدمة قوية وحقيقية، على إثر تلقيهم هذه المرة الخبر اليقين بأن الدكتور الشهير "حسن التازي" في طب جراحة التجميل بمدينة الدار البيضاء، تم إلقاء القبض عليه بمعية سبعة أشخاص آخرين يوم السبت 2 أبريل 2022، وأنه يقضي أول أيام الشهر الفضيل رمضان في استضافة سجن "عكاشة" بمدينة الدار البيضاء، رفقة زوجته وشقيقه ومستخدمين آخرين بمصحته، فيما يتابع مستخدمون آخرون في حالة سراح.

ترى من يصدق مثل هذا الخبر الذي نزل كالصاعقة على رؤوس الكثير من المواطنات والمواطنين؟ وكيف تم الزج بأشهر الأطباء في عالم الإحسان في غياهب السجن على بعد ليلة واحدة من حلول شهر الصيام والقيام؟ لقد جاء اعتقال "الدكتور" ومن معه في قضية تتعلق بالنصب والاحتيال والتزوير واستعماله في فواتير وهمية، بناء على قرار قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، يقضي بمتابعة المتهمين بتهمة "الاتجار في البشر لوجود الاعتياد واستغلال الحاجة"، حيث تأكد من خلال الأبحاث والتحريات المكثفة من طرف مصالح الأمن الوطني، أن الأمر يتعلق بقيام المتهمين باستدراج أشخاص واستغلال حالة ضعفهم وهشاشتهم، مما يشكل عصابة إجرامية تعمل على جمع تبرعات مالية تحت غطاء تسوية تكاليف علاج مرضى معوزين بذات المصحة التي توجد في ملكية "الدكتور التازي" والتي يشتغل فيها المتابعون...

كما أن تلك الأبحاث الأمنية تشير إلى أن المشتبه فيها الرئيسية التي ليست في واقع الأمر سوى حرم بطل فضيحة القرن، متورطة من قمة رأسها إلى أخمص قدمها في كونها كانت مكلفة بربط الاتصال المباشر بالمرضى المفترضين، والتقاط صور لهم بمبرر مساعدتهم في الاستفادة من العلاج، وذلك قصد استغلال تلك الصور في جمع التبرعات التي تزيد قيمتها اليومية عن 20 مليون سنتيم، معتمدة في تبريرها لتلك المبالغ المالية الضخمة على فواتير وتقارير مزورة.

الفضيحة الشنيعة التي لم يكن يتصور حدوثها حتى أشد المشككين في ما يقوم به "دكتور الفقراء" من أعمال في إعادة البسمة لأفواه الفقراء ضحايا حوادث السير والاعتداءات الإجرامية، كشفت بوضوح أن استغلال "العمل الإحساني" في النصب والاحتيال بات ظاهرة اجتماعية متفشية في مجتمعنا، حيث يعمد بعض منعدمي الضمير في تحويل مآسي وفقر المواطنين وحاجتهم إلى وسائل سهلة لتحقيق مكاسب مادية وتنمية أرصدتهم في البنوك دون موجب حق.

حيث أننا بتنا نصطدم خلال السنوات الأخيرة بأشخاص من مختلف الفئات والمراكز الاجتماعية يلجؤون إلى استغلال ضعف أو مرض أو فواجع الكثير من المواطنات والمواطنين، إذ منهم من يغتنم فرصة مواعيد المناسبات الدينية من قبيل شهر رمضان وعيد الأضحى، ومنهم كذلك من يغتنم فرصة الدخول المدرسي وعددا آخر من المناسبات الأليمة في جمع التبرعات المالية والاستحواذ عليها. مما جعل عملية جمع التبرعات أو المساعدات المالية تعرف انحرافات خطيرة وأفقد العمل الإحساني أهدافه النبيلة، وأدى بكثير من الحقوقيين وغيرهم إلى المطالبة بضرورة ضبط مثل هذه الأعمال ذات الطابع الاجتماعي.

فبالرغم من أن الحكومة قامت بمراجعة قانون جمع التبرعات والإحسان العمومي، وإصدار قانون جديد تحت رقم: 18.18 المتعلق بتنظيم عمليات جمع التبرعات من العموم وتوزيع المساعدات لأغراض خيرية، والذي تنص مادته الأولى على تحديد شروط دعوة العموم إلى التبرع، وقواعد تنظيم عمليات جمع التبرعات وأوجه استخدامها، وشروط وقواعد توزيع المساعدات لأغراض خيرية وإجراءات المراقبة الجارية عليها. فإنه مازال للأسف مجمدا في الرفوف في وقت تقتضي الضرورة القصوى التعجيل بإخراجه إلى حيز التنفيذ من أجل حل الكثير من الإشكالات. 

والتحايل والغش والنصب من العملات الرائجة في أوساط الكثيرين الذين لا يترددون في الركوب على فقر ومشاكل المواطنين، ويجعلون منها فرصا ذهبية لتحقيق أهدافهم الشخصية عبر جمع التبرعات من داخل المغرب وخارجه، بعيدا عن الرقابة القانونية والمسطرية الضرورية، ولعل من بين الأمثلة البارزة في هذا المضمار هناك الحادث المفجع الذي ذهب ضحيته الطفل ريان داخل بئر عميق، حين أبى البعض إلا أن يستغله للاحتيال وجمع التبرعات والاسترزاق باسم "أسرته المكلومة".

إن عصابة الدكتور التازي الإجرامية فضلا عن أنها تؤكد على أن بلادنا تعاني الكثير من مظاهر النصب والاحتيال في جمع التبرعات وكسب الثروات المادية الهائلة باسم العمل الإحساني، فإنها تدعو كذلك إلى المزيد من اليقظة والاحتراس، ولاسيما أن البعض صار يعتمد "الإحسان العمومي" مهنة لأغراض ربحية وتحقيق الثراء السريع في غياب الرقابة القانونية الصارمة، مستخدمين في ذلك مختلف الوسائل المتاحة بما فيها وسائل التواصل الرقمي بحرفية كبيرة. وعليه تستدعي الضرورة الملحة الضرب بقوة على أيدي كل من ثبت تورطه، حتى يكون عبرة لمن تسول له نفسه استغلال فقر أو مرض المواطنين.

 

 

مجموع المشاهدات: 32934 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (12 تعليق)

1 | حسن من المانية
الفساد
انا لم اكن متفاجئ. اعلم علم اليقين بان المغاربة قادرون على كل شيء
مقبول مرفوض
9
2022/04/05 - 03:02
2 | صحراوي الزاك ،
تحت المجهر
هنا اقول العدل اساس الملك سنرى ان كان القضاء نزيها المتهم بريء حتى تثبت إدانته من طرف القضاء الايام الاتية سنرى
مقبول مرفوض
11
2022/04/05 - 03:17
3 | محمد
الله يهدي ماخلق
صراحة مابقيناش عارفين شكون لي على صواب وشكون كايكذب
مقبول مرفوض
18
2022/04/05 - 03:33
4 | اكرزام
Na
يقول المثل...لي ماكايخاف من الله خاف منو السيد نعم عليه الله بالجاه والمال وليس من الشاكرين بل اعماه الطمع حتى جاب الربحة
مقبول مرفوض
14
2022/04/05 - 03:34
5 | محمد
الريع الرياضي
وهذا ما يحدث في جمع الاموال وتكديسها دون سند قانوني في شأن الريع الرياضي التي تجمعها الجمعيات الرياضية دون حسيب ولا رقيب ويبتسم مع مسؤولين في ادارات لها علاقة بملاعب القرب خاصة بمناسبة رمضان الكريم
مقبول مرفوض
6
2022/04/05 - 03:35
6 | متتبع
انتقام
القضية ربما تفوح منها مسألة الانتقام.فالمشتكون غير معروفين ولم يتم دكرهم ربما من اجل سرية البحت.وسينكشف كل شيء اتناء المحاكمة وانداك سيعرف المشتكون الضحايا.
مقبول مرفوض
12
2022/04/05 - 04:20
7 | ب ي
هذا غيض من فيض
ليس كل الجمعيات تجمع التبرعات بنية صادقة لاجل مساعدات المحتاجين فالمصلحة اولا هي الهدف فانا لا اعمم ولكن الامور واضحة فالمغاربة ليسوا اغبياء وزد على ذلك ظاهرة جمع التبرعات من المساجد لبناء بيوت الله هنا يجب على المقيمين بهذا العمل ان يكونوا نزهاء ويكونون من طرف لجنة مختصة ومنتخبة من طرف المصلين وحدث ولا حرج
مقبول مرفوض
1
2022/04/05 - 04:28
8 | سارة
حقيقته
كان كيساعد غير لي دارو البوز والشهرة فعالم السوشيال ميديا باش الأغنياء يتيقوا فيه ويعطيوه المساعدات المالية،يعني كانت عملية نصب على الجميع،والدليل لي محتاجين لعمليات من غير المشهورين ماكيحنش فيهم ومينقصش من ثمن العملية مليم واحد بشهادة الناس لي مشاو عنده،وماشي غير هو هدشي كيفتح الباب لبزاف دااحاجات فبلادنا،مكيشبعوش الله يستر
مقبول مرفوض
4
2022/04/05 - 04:41
9 | Mostafa
???!!!
قبل الحكم نقول المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته. أشتم رائحة تصفية حسابات دون استبعاد أي شيء. لننتظر نهاية هدا المسلسل الرمضاني الجديد من إخراج السيد إثارة
مقبول مرفوض
5
2022/04/05 - 04:51
10 | مغربي
مقيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اخواني راه حتي وعكاشة من ارقي احيا الدارالبيضاء ومن اغنى جماعات الدارالبيضاء واشهرها هناك حسن الضيافة عندنا في عين السبع. فمرحبا شكون خرج علي الدارالبيضاء الا ضيوفها
مقبول مرفوض
2
2022/04/05 - 06:34
11 | عبدالرحمن
تنبيه
السلام عليكم ورحمة الله. ايها الاخوة والاخوات هل تتدكرون بعض الخرجات لابناء الشعب بعد ما صرحوا بان مصحة هدا الطبيب تطلب اثمان خيالية لاستقبال عاءلاتهم المصابة بكوفيد 19في المقابل ادعى ان مصحته سوف تبق رهن اشارة وزارة الصحة.
مقبول مرفوض
2
2022/04/05 - 07:50
12 | محمد السحمودي
سلا
القضاء سوف يأخذ هذه القضية بكل نزاهة وبدون تميز كما نطالب بتفحص الأرصدة البنكي لجميع المتهمين وكذا العقارات والمنقولات والتحري في شأنها من أجل إظهار الحقيقة. الربح السريع دائما تنتابه شكوك
مقبول مرفوض
1
2022/04/05 - 08:40
المجموع: 12 | عرض: 1 - 12

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة