"مسكيتو": البرنامج الوطني للتخييم يُسَيَّر بشكل تقليدي.. و المحروقات رفعت أسعار الاستفادة من المخيمات
أخبارنا المغربية - محمد اسليم
عاد البرنامج الوطني للتخييم "عطلة للجميع " هذا العام لوتيرته الطبيعية ما قبل الجائحة، وعادت معه الحياة من جديد للمراكز والفضاءات المستقبلة للطفولة والشباب، التي عرفت موتا سريريا امتد لسنتين متتاليتين.
فضاء التخييم بالنسبة لإطار متمرس كعبد الله مسكيتو، رئيس جمعية المواهب للتربية الاجتماعية، هو مؤسسة للتنشئة الاجتماعية بامتياز، وفضاء للتربية والإبداع، ومجال خصب لتصريف فلسفة جمعيات المجتمع المدني المهتمة بهذا المجال خاصة في شقه التربوي، كما يعتبر - يضيف عبد الله - مجالا للتواصل والإبداع الاجتماعي من خلال تقديم سلة من الخدمات التنشيطية المتنوعة، والتي تساهم في تقوية روح العمل الجماعي وتدفع نحو الخلق والإبداع.. وعلى هذا الأساس أصبح المنتوج التربوي المقدم داخل فضاء المخيم يشكل أحد اهتمامات الحركة الجمعوية المنخرطة في هذا البرنامج على اعتبار أن المخيم يشكل فضاءا مجتمعيا للتسلية والترفيه، وأن الجميع يسعى إلى تجويد وتحسين الخدمات والمنتوج التربوي المقدم مع تشديد المتحدث على ضرورة اعتماد مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص وتبني العدالة المجالية في الاستفادة من المخيم كحق من الحقوق الأساسية للطفولة والشبيبة المغربيتين.
مسكيتو قال كذلك لأخبارنا المغربية: "إننا داخل جمعية المواهب للتربية الاجتماعية كصرح جمعوي ساهم باستمرار إلى جانب الحركة الجمعوية الوطنية في تطوير قطاع التخييم في بلادنا منذ تاريخ تأسيسنا سنة 1965، كنا نظن أن توقف حركة التخييم ببلادنا جراء وباء كورونا سيشكل للدولة فرصة سانحة من أجل الدفع بتبني مبادرات مدنية تعتمد على تنزيل مضامين دستور 2011، الداعية إلى تبني المقاربة التشاركية، ومن أجل وضع إستراتيجية وطنية مندمجة للنهوض بقطاع التخييم ومجالاته الذي كان دائما ومنذ أربعينيات القرن الماضي وإلى حدود اليوم يلعب دورا رياديا هاما في تنشئة الطفولة والشباب. لكننا نسجل وبأسف شديد أنه رغم ضخامة البرنامج فإنه لازال لم يحظ بالإهتمام اللازم، ولازال يُسير ويدبَّر بشكل تقليدي وعشوائي، ومن هنا فإننا ندعو القطاع الوصي في إطار هيكلة هذا البرنامج إلى إحداث مديرية خاصة ببرنامج "عطلة للجميع" تضم مجموعة من الكفاءات المتخصصة، وتمنح لها كافة الإمكانيات البشرية المالية واللوجيستيكية من أجل الإجابة على مجموعة من التحولات الجديدة خاصة مع التطورات التكنولوجية والمعلوماتية."
المتحدث قال كذلك: "من خلال جولة قمنا بها لتفقد مجموعة من فضاءات التخييم، نسجل بكل أسف البنية التحتية المهترئة وخاصة في مخيمات الأطلس التي كانت إلى زمن غير بعيد تشكل مدرسة لتعلم مجموعة من القيم الوطنية، لكنها اليوم أصبحت مجرد أطلال تبكي تاريخها وماضيها المشرقَين، حيث تحولت إلى فضاءات تنعدم فيها شروط استقبال الأطفال بما يضمن كرامتهم وإنسانيتهم.. أما بالنسبة لمخيمات الجيل الجديد وهذا المصطلح الذي أصبح متداولا بشكل كبير داخل القطاع الوصي، فإننا كجمعية ندعوهم إلى تسميته كيفما شاؤوا وكما يحلو لهم، لكن عليهم أن يستحضروا قبل إطلاق صفقات بناء مثل هذه المشاريع آراء الفاعلين الجمعويين والتربويين المتخصصين حول هندسة الفضاءات ثم بعد ذلك تحويل هذه الآراء إلى "ماكيتات" وأشكال هندسية من طرف الفاعلين التقنيين، لنتمكن من بناء مخيمات تنتمي فعلا لجيل جديد يستجيب لحاجيات جيلنا الجديد وفق مواصفات بجودة عالية... فرغم تبني البرنامج من طرف الحكومة المغربية إلا أننا نسجل أن مجموعة من القطاعات قد تملصت من مسؤولياتها (الصحة ، التعليم ، السكك الحديدية...) وتركت قطاع الشباب والثقافة والتواصل يجابه المعيقات والمشاكل لوحده صحبة جمعياته الشريكة في البرنامج، وهذا يقودنا إلى طرح جوهري مهم وهو: هل الحكومة تعتبر فعلا قضايا الطفولة والشباب والحق في التسلية والترفيه جزءا من سياساتها العمومية أم أنها تعتبر هذا القطاع قطاعا ثانويا وغير منتج على الإطلاق؟
رئيس جمعية المواهب للتربية الاجتماعية أشار كذلك أن العرض والمنتوج التربويين شكلا دائما موضوع اهتمام الندوات والموائد المستديرة المنظمة من طرف الحركة الجمعوية، حيث أن الجميع اليوم - حسبه دائما - مطالب بتجويد هذا العرض وجعله عرضا يستجيب للتطورات والتحولات البيداغوجية والتربوية المتسارعة.. كما أن ورش إصلاح المنظومة التشريعية والقانونية يؤكد مسكيتو أصبح مطروحا اليوم أكثر من أي وقت مضى، فلا يعقل - يقول المتحدث - أن بلادنا لازالت تعتمد على ترسانة قانونية كولونيالية تعود لعهد الإستعمار، ولهذا فإننا ندعو الجهاز الحكومي إلى ملاءمة هذه القوانين مع المستجدات الدستورية، كما أننا نطالب بإخراج منظومة قانونية تنظم مهام المنشط السوسيوتربوي من أجل الدفع بعجلة تجويد البرنامج...
ومن بين النقاط التي أخذت دائما حيزا مهما في النقاش بين الحركة الجمعوية والقطاع الوصي مسألة "تدبير التغذية "، فنحن كجمعية فاعلة في البرنامج يقول الناشط الجمعوي، نثمن تجربة تفويت التغذية لمتعهدين ولكن شريطة احترام دفاتر التحملات واحترام تكافؤ الفرص واعتماد الشفافية والوضوح في إسناد الصفقات مع تطبيق القوانين في حق كل المخالفين والمضاربين الذين يفضلون مصالحهم الخاصة وتحقيق الأرباح الفاحشة ضاربين عرض الحائط المصالح الفضلى للأطفال، كما أننا نشبر في هذه النقطة الى أن غلاء أسعار المواد الغذائية سيساهم دون شك في خلق بعض الصعوبات والعراقيل عند المتعهدين... كما ينبغي على الجماعات الترابية (محلية ، إقليمية وجهوية ) أن تساهم إلى جانب القطاع الوصي في إطار توسيع شبكة فضاءات التخييم، في إحداث مخيمات جديدة لامتصاص ضغط الطاقة الاستعابية الموفرة حاليا، دون إغفال آفة الإجهاز على فضاءات الطفولة والشباب من طرف لوبيات العقار، حيث تم الإجهاز على المخيم الوطني لبوزنيقة، مخيم المهدية وخلال الأسابيع الماضية وزارة الداخلية أغلقت مخيم طماريس، وبالأمس القريب لولا نضالات الحركة الجمعوية لكاد أن يكون مخيم الهرهورة في خبر كان، فكل هذه الفضاءات شكلت إرثا تاريخيا وإنسانيا يجسد ذاكرة قطاع التخييم ببلادنا فعوض أن نصونها ونطور بنياتها فإن السياسة المتبعة اتجهت في اتجاه طمس الهوية والذاكرة الوطنيتين وساهمت في الإجهاز على حقوق الطفولة... قبل أن يختم بالقول: "ولابد أن نشير بأن هذه السنة وبسبب ارتفاع سعر المحروقات ارتفعت أسعار الاستفادة من البرنامج خصوصا بالنسبة للأطفال المنحدرين من أسر معوزة وفقيرة، وخاصة مع رفع يد الجماعات الترابية في تقديم وتفعيل بنود تنقلات الأطفال للمخيمات الصيفية..." يقول عبدالله مسكيتو رئيس جمعية المواهب للتربية الاجتماعية.
عدد التعليقات (0 تعليق)
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟