أخبارنا المغربية - عبدالاله بوسحابة
في زمن يفترض أن يسود فيه مبدأ تكافؤ الفرص، تُطرح علامات استفهام كبيرة حول الطريقة التي تعتمدها بعض القطاعات الوزارية في تنظيم مباريات التوظيف، خصوصاً ما يتعلق بوضع معايير انتقائية تبدو في ظاهرها تقنية، لكنها في العمق قد تفرغ مبدأ المساواة من مضمونه.
وارتباطا بالموضوع، نشر الدكتور "عمر الشرقاوي"، أستاذ القانون العام والباحث في قضايا الحوكمة، تدوينة شديدة اللهجة عبر حسابه الفيسبوكي، انتقد فيها ما وصفه بـ"الفصل على المقاس" في بعض شروط الولوج إلى الوظائف العمومية، مشيرا إلى أن اشتراط الحصول على شهادة ماستر في القانون العام أو القانون الخاص أمر مشروع وله ما يسنده من شرعية أكاديمية وبيداغوجية مستمدة من القوانين والنصوص المنظمة للتعليم العالي، غير أن ما يُثير الاستغراب -يضيف المتحدث- هو لجوء بعض الإدارات إلى فرض شروط إضافية دقيقة تُفصل على فئة معينة من الخريجين دون غيرهم، وهو ما يمثل، بحسب تعبيره، "مساساً صارخاً بمبدأ المساواة أمام القانون وتكافؤ الفرص".
أكثر من ذلك، يرى "الشرقاوي" أن هذه الشروط "المفصلة" تُبنى في الغالب على تأويلات قانونية رخوة و مهلهلة، تبتعد عن الصرامة المطلوبة في التعامل مع النصوص القانونية. وهو ما يُهدد أحد المرتكزات الأساسية التي تقوم عليها دولة القانون، ألا وهو مبدأ الشرعية. عندما يصبح التوظيف العمومي، الذي يفترض فيه أن يكون شفافاً ومحكوماً بقواعد موضوعية، مجالاً للاجتهادات الإدارية التي تتجاوز ما هو منصوص عليه قانوناً، فإن ذلك يفتح الباب أمام شبهات التمييز والانتقاء غير العادل.
عدد من المتفاعلين مع الموضوع يرون هذا الواقع لا يُشكل فقط خرقاً قانونياً أو إدارياً، بل يُنذر أيضاً بتأثيرات عميقة على المستوى الاجتماعي، خاصة في أوساط الشباب وخريجي الجامعات الذين يرون في التوظيف العمومي إحدى آخر القلاع التي يُمكنهم التعويل عليها لبناء مستقبلهم، مشددين على أن استمرار هذه الممارسات من شأنه أن يُقوّض ثقة المواطنين، خاصة الشباب، في عدالة مؤسسات الدولة، ويعزز الإحساس بالحيف واللامساواة.
وفي ظل هذه الاختلالات، يصبح بحسب ذات المتفاعلين مع الموضوع، من الضروري إعادة النظر في منهجية إعداد قرارات المباريات، وضمان خضوعها لرقابة صارمة تَحُدّ من كل تأويل تعسفي أو إقصاء غير مبرر، مشيرين إلى أن تكافؤ الفرص ليس امتيازاً يُمنح، بل حق دستوري لا يجوز المساس به تحت أي مبرر، قبل أن يؤكدوا أن الشفافية في التوظيف لم تعد مطلباً نُخبوياً بل ضرورة وطنية تهم الجميع.
