أخبارنا المغربية - عبد المومن حاج علي
في خطوة تعكس حرص الفاعلين القضائيين والمؤسساتيين على تعزيز آليات حماية الفئات الهشة، احتضنت المحكمة الابتدائية بوزان، يوم 18 دجنبر 2025، الاجتماع الدوري الرابع للجنة المحلية للتكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف، في سياق يتسم بتزايد النقاش العمومي حول نجاعة الترسانة القانونية الجديدة ومدى قدرتها على الاستجابة لانتظارات الضحايا على أرض الواقع.
اللقاء، الذي ترأسه ادريس الحيوني، نائب وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بوزان، جمع قضاة ومسؤولين قضائيين ومساعدين اجتماعيين وممثلي قطاعات حكومية ومؤسسات دينية وجمعيات مدنية، إضافة إلى ضباط الشرطة القضائية للأمن الوطني والدرك الملكي، وشكل مناسبة لفتح نقاش صريح حول مستجدات قانون المسطرة الجنائية، خاصة في شقه المتعلق بحماية النساء والأطفال من مختلف أشكال العنف.

وخلال مجريات الاجتماع، طُرحت تساؤلات جوهرية حول كيفية تنزيل المقتضيات القانونية الجديدة دون المساس بحقوق الضحايا أو الإخلال بضمانات المحاكمة العادلة، في ظل إكراهات عملية تفرضها طبيعة قضايا العنف، التي غالبا ما تتسم بصعوبة الإثبات وتعقيد المساطر، حيث أجمع المتدخلون على أن النص القانوني، مهما بلغت دقته، يظل رهينا بحسن تفعيله وتكامل أدوار مختلف المتدخلين.
وفي مداخلته، شدد قاضي الأحداث على ضرورة التعامل مع الحدث، سواء كان ضحية أو في تماس مع القانون، باعتباره أولا وأخيرا ضحية لظروف اجتماعية وأسرية معقدة، مؤكدا أن المقاربة الزجرية وحدها لم تعد كافية، وأن البدائل الوقائية والتربوية تظل الخيار الأنجع لحماية الطفولة والحد من مظاهر العنف والانحراف.
من جهته، توقف قاضي التحقيق عند الأدوار المتنامية للمساعدة الاجتماعية داخل المحاكم، معتبرا إياها حلقة أساسية في معالجة ملفات العنف ضد النساء والأطفال، ومشددا على أهمية تدخل القاضي بحس اجتماعي وقانوني متوازن، خاصة في القضايا التي تفتقر إلى أدلة مادية واضحة.
ولم يخلُ النقاش من ملاحظات نقدية، حيث عبر فاعلون جمعويون عن تخوفهم من بعض المقتضيات التي اعتبروها غير منصفة، من بينها حرمان المرأة ضحية العنف من مؤازرة المحامي خلال مرحلة البحث التمهيدي، معتبرين أن هذا الاستثناء يطرح إشكالا حقيقيا بخصوص مبدأ المساواة أمام القانون، ويستدعي مراجعة تشريعية تراعي وضعية النساء ضحايا العنف.
في السياق ذاته، أثارت ممثلة المجلس العلمي المحلي مسألة التفكك الأسري باعتبارها أحد العوامل الرئيسية في تفاقم جنوح الأحداث، داعية إلى إعادة الاعتبار لدور الأسرة والوساطة الأسرية في احتواء النزاعات ومعالجة قضايا الطفولة بعيدا عن أروقة المحاكم، كلما كان ذلك ممكنا؛ كما شدد ممثلو جمعيات المجتمع المدني على الخصاص المسجل في مراكز الرعاية المتخصصة، مطالبين بإحداث فضاءات تراعي الخصوصية النفسية والاجتماعية للأطفال ضحايا العنف.
واختتم الاجتماع بالتأكيد على أن مواجهة العنف ضد النساء والأطفال لا يمكن أن تظل رهينة المقاربة القضائية وحدها، بل تتطلب عملا تشاركيا مستمرا، يدمج البعد الوقائي والاجتماعي والتربوي إلى جانب الزجر القانوني، ويحول النصوص القانونية من مجرد مقتضيات مكتوبة إلى حماية فعلية تصون كرامة المرأة والطفل داخل المجتمع.


