أخبارنا المغربية - عبد المومن حاج علي
رصدت جريدة «أخبارنا المغربية»، خلال تتبعها اليومي لتفاعلات الصفحات النشيطة على موقع «فيسبوك»، نشاطا غير عادي لحسابات رقمية مشبوهة دأبت على التدخل المكثف في المنشورات المرتبطة بالأمازيغية وقضاياها، بأسلوب يوحي بأن الهدف لا يندرج في إطار النقاش الطبيعي أو الاختلاف المشروع، بقدر ما يسعى إلى إذكاء التوتر وخلق صدام مفتعل بين مكونات المجتمع المغربي.
وتظهر المعطيات التي وقفت عليها الجريدة أن هذه الحسابات تتشابه في خصائصها التقنية وسلوكها الرقمي، إذ غالبا ما تكون حديثة الإنشاء نسبيا، أو تفتقر لأي محتوى شخصي أو منشورات سابقة، فيما يقتصر نشاطها تقريبا على التعليقات فقط، خصوصا تلك التي تتناول مواضيع ذات حمولة هوياتية أو رمزية، كما أن عددا منها يكون مقفلا أو محدود الظهور، ما يعزز الشكوك حول طبيعته ووظيفته.
ولا يكمن الأخطر في هذا النشاط في مضمون التعليقات فقط، بل في الطريقة التي تدار بها النقاشات، حيث يسجل انزلاق سريع من موضوع الخبر إلى تبادل الإهانات والتعميمات، مع توظيف لغة استفزازية تقدم أحيانا على أنها دفاع عن الأمازيغية، بينما نتيجتها العملية هي تعميق الاستقطاب وتشويه النقاش العمومي، إذ تبين المتابعة أن هذه الحسابات تحرص على تقديم خطاب إقصائي يوهم القارئ بأن الصراع قائم بين “أمازيغ” و”غير أمازيغ”، في تناقض صارخ مع واقع المجتمع المغربي القائم على التعدد والتداخل التاريخي والثقافي.
وتؤكد المعطيات المتوفرة أن هذا النمط من التفاعل لا يظهر بنفس الحدة أو التنظيم في مواضيع اجتماعية أو اقتصادية أخرى، ما يرجح فرضية الاستهداف الانتقائي لموضوع الأمازيغية باعتباره مدخلا حساسا وسريع الاشتعال في الفضاء الرقمي، كما أن تكرار نفس العبارات ونفس النبرة في حسابات مختلفة، وفي فترات زمنية متقاربة، يعكس وجود سلوك ممنهج يتجاوز التفاعل العفوي.
وفي الوقت الذي يصعب فيه الجزم بالجهات التي تقف وراء هذه الحسابات في غياب أدلة تقنية قاطعة، رغم أن الشبهات تدور حول الذباب الإلكتروني الجزائري، فإن المؤكد، حسب متابعين للشأن الرقمي، هو أن الهدف يتمثل في ضرب الثقة بين المغاربة، وتغذية خطاب الكراهية، وتقديم صورة مضللة عن النقاش المجتمعي داخل المغرب، وهو ما يفرض، وفق مختصين، قدرا أعلى من اليقظة والمسؤولية، من طرف المتفاعلين أنفسهم.
وتخلص «أخبارنا المغربية» إلى أن حماية النقاش العمومي من هذا النوع من التلاعب لا تمر عبر الانجرار وراء الاستفزاز، ولا عبر التخوين أو التعميم، بل عبر ترسيخ خطاب هادئ ومسؤول، يميز بين الدفاع المشروع عن القضايا الوطنية، وبين محاولات توظيفها لزرع الفتنة والانقسام داخل المجتمع.
