الرئيسية | رياضة | مقالات رياضية | كرة القدم المغربية: الحاجة اللِّي ما تشبه مولاها حرام!

كرة القدم المغربية: الحاجة اللِّي ما تشبه مولاها حرام!

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
كرة القدم المغربية: الحاجة اللِّي ما تشبه مولاها حرام!
 

 

عندما يصل المواطن إلى تلك الدرجة التي تنعدم فيها بدواخله حتَّى بقايا أحاسيس مهما كانت فاترة، تجاه فريقه الوطني لكرة القدم وهو يخوض صراعاً شرساً من أجل البقاء لمدة أطول على أرض بلد المحفل الكروي بحثاً بالريق الناشف عن فرصة تمديد فترة الإقامة بين أرجاء ملاعبه حيث عدسات كبريات صحف وقنوات العالم متوّجهة، بما يضمن له حفظ ماء الوجه كأضعف الإيمان، ولربما ذاك أقصى متمنيات القائمين على الشأن الكروي ببلادنا خصوصاً في السياق الزمني الراهن، إذ لا يهم عقبها إقصاؤه بنتائج فادحة حتَّى، وإقفاله راجعاً بخفي حنين خلال الأدوار اللاحقة، والأكثر من ذلك أنْ لا يلقي المواطن ذاته بالاً لأيِّ اِعتبار بحيث يشرع بالمقابل في التصفيق بحرارة اقتناعا لا تشفّياً، على تسديدات وإصابات تستحق فعلا التعبير منه بشكل حضاري عن التنويه والإعجاب، تُسفر عنها هجمات الخصم المرتَّدة والمُباغِـتة لشُبَّاك الحارس نادر المياغري كما شاهد الجميع أمس البارحة.. فدعونا نعترف صِدقاً أنَّ الأمرَ خطيرٌ للغاية، ما يستوجب معه اِنكباب المختصِّين وكذا علماء السيكولوجية والسوسيولوجية على الدراسة والتحليل قصد الحفر في الحيثيات للوقوف على العوامل التي أدَّت إلى تشكيل وتحوير هذه العاطفة المُجتثة عند المغربي اليوم حيال بلده وكلّ ما يمّت إليه بصلة، رغماً عمَّا بذَّره المغرب الرسمي من ميزانية ضخمة على مدى عقود بهدف إرساء قواعد ومناهج تعليمية من بين مقاصدها الكبرى تعزيز علاقة النشء بوطنهم وتقوية "حميميتها".

 

            ولكن على العكس من ذلك تماما فالوطن الذي نُمنِّي بشأنه النفس ونقنعها بغدٍ أفضل له، يبدو للأسف أنه منذورٌ للخيبة والهزائم دوماً وأبداً، إلى درجة أن الواحد أينما ولّى بوجهه: نحو السياسة أو الاقتصاد أو الحكومة أو البرلمان أو... فثمة نكبة! ولهذا، كيف نروم ألا يكون القطاع الرياضي هو الأخر منكوباً مثله مثل الباقيات... وقد قال المغاربة قديماً: الحاجة اللي ما تشبه مولاها حرام!

 

            ومن يعي جيّداً ما بوسع أقدام اللاعبين ذي الكعب العالي أن تصنعه بحركية التاريخ ومصائر الشعوب اِنطلاقاً من داخل خارطة المربع السحري الأخضر، فبإمكانه أن يفهم تحديدا كيف جاءت تسمية الرياضة المعروفة بـأفيون الشعوب.

 

            فاللعبة إذن ليست بتلك البساطة كما يتصوّره البعض، بل بقدر ما هي تعمل على رفع معنويات الجماهير بفعل إسعادها وإمتاعها وتسليتها وكذا تمكين البلد من تبوّء مكانة مشرّفة ضمن الأمم في المحافل الدولية، فهي شرسة أيضا وقد تتحول من قطة وديعة إلى هرّ وحشي بمخالب حادة. لذلك صار العالم برمته إبان السنوات الأخيرة يسمع عن تسييس كرة القدم.

 

            فذاك الزمن الذي كانت فيه الكرة المغربية سبباً في ارتفاع ضغط الدم لدى المواطنين قد ولَّى، وبات أمرها باختصار يصدق عليه المثل الدّارج " غير كوّر وعطيها لأعور" فالحمد لله أن هذا الأعور البصر والبصيرة على حدّ سواء، هو أعورٌ إزاء كل شيء ليس عند مشاهدته مباريات "التكوار" فحسب، ما دامه لا يتفاعل إطلاقا مع أية قضية جوهرية مهما عظُمت ومهما ألحقت نيرانها بثيابه مساساً.

 

            ولعل إلغاء هذا القطاع بالمرة والاستفادة من الميزانية المخصصة له، ما دام كونه قطاعا منكوباً وفاشلاً من أصله ومسألة إصلاحه جدّ معقدة على اعتبار أنها بنيوية بالأساس حسبما يصرح به المشرفون عليه أنفسهم، سيكون أفيد للدولة من تركه يجهز على ما تبقَّى من الشعور الوطني لدى المغاربة، وما الحرج لو كنا بلداً بلا كرة القدم، أولسنا بلد الاستثناء!

مجموع المشاهدات: 3533 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (2 تعليق)

1 | med
je suis d'accord
exactement
مقبول مرفوض
7
2013/01/27 - 10:16
2 | hatim
المستحيل
شكرا على هذا المقال الرائع ، لكن للأسف فالواقفون على الشأن الرياضي لن يقرؤوه ، وحتى إن قرؤوه لن يفهموه و إن فهموه لن يعيرونه أي اهتمام ، ببساطة لأنهم بدون ضمائر و لا روح ، ففاقد الشيء لا يعطيه ، الذي تنعدم فيه الروح و الأخلاق و التربية و الغيرة و الشهامة قطعا لن يزرعها و لن يعطيها لأنها غير موجودة فيه و لا يتمتع بها و لا يعرفها حتى ..... لا تنتظروا المستحيل ، " لأنه لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ."
مقبول مرفوض
5
2013/01/31 - 02:32
المجموع: 2 | عرض: 1 - 2

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة