الرئيسية | دولية | هل حالت القطيعة "الجزائرية-المغربية" دون عقد القمة العربية؟

هل حالت القطيعة "الجزائرية-المغربية" دون عقد القمة العربية؟

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
هل حالت القطيعة "الجزائرية-المغربية" دون عقد القمة العربية؟
 

بقلم : نزار بولحية

الاثنين الماضي حلّ الرئيس الجزائري في مصر في «زيارة عمل وأخوة» دامت يومين. وفي خضم المباحثات التي أجراها هناك مع كبار المسؤولين المصريين، حول عدد من القضايا والمواضيع ذات الاهتمام المشترك، ظهر واضحاً أن عبد المجيد تبون كان يبحث عن مفتاح لمأزق القمة العربية، التي كان مفترضا أن تحتضنها بلاده في مارس المقبل، مع أنه كان مدركا أن ذلك المفتاح لم يكن بالضرورة موجودا في العاصمة المصرية وحدها، لكن إن كُتب لتلك القمة أن تنعقد في وقت لاحق من هذا العام، فما الذي يمكن أن يجعلها جديرة بأن توصف فعلا بالناجحة؟ إن ما سيحصل فيها من تسابق على الدعم اللفظي للفلسطينيين، والإعلان المرتقب عن استعادة النظام السوري لعضويته المعلقة، أو حتى مستوى تمثيل الدول العربية التي ستحضرها، لن يجعلها تبدو كذلك، لكن إن كانت ستسمح وبشكل ما بعودة العلاقات بين أكبر بلدين عربيين في الشمال الافريقي، أي الجزائر والمغرب إلى ما كانت عليه، ألا تكون في تلك الحالة قد حققت بالفعل واحداً من أكبر وأهم الإنجازات؟

لقد بات ثابتاً أنها لن تعقد في موعدها، رغم أن وزير الخارجية الجزائري لم ير أن الأمر يتعلق هنا بإلغاء أو حتى تأجيل، وقال السبت الماضي في لقاء جمعه بالسفراء المعتمدين في بلاده، وحسب بيان صادر عن وزارته، إنه «خلافا للمغالطات التي يتم تداولها هنا وهناك تحت عنوان تأجيل موعد القمة، في حين أن تاريخ التئامها لم يتحدد أصلا، ولم يتخذ أي قرار بشأنه بعد، ووفقا للإجراءات المعمول بها في إطار المنظومة العربية، يعتزم السيد رئيس الجمهورية طرح موعد ـ تاريخ – يجمع بين الرمزية الوطنية التاريخية والبعد القومي العربي، ويكرس قيم النضال المشترك والتضامن العربي». أما متى سيحصل ذلك؟ فالأرجح وكما صرح رمطان لعمامرة في الجلسة نفسها، أنه سيكون خلال الدورة العادية لمجلس الجامعة العربية في مارس المقبل.

غير أن السؤال الأهم بعيدا عن الجدل حول النعوت والتوصيفات هو، هل أن منح وقت إضافي سيسمح بإزالة العقبة الحقيقية، التي حالت حتى الآن دون عقد قمة الجزائر؟ الرئيس عبد المجيد تبون الذي قال الشهر الماضي في تونس، إن القمة المقررة في بلاده «إما أن تكون قمة جامعة، وإما أن تكون هناك نظرة أخرى» على حد تعبيره، يدرك جيدا مغزى ذلك. لكن ما قاله، من أن الخلافات بين الدول العربية «ممكنة الحل» وإنه «لا توجد خلافات عميقة بين الدول العربية تحول دون حل الخلافات بينها، وما يوجد فقط هو بعض عدم التفهم للسياسات الداخلية للدول» يطرح الكثير من الاستفهامات. فهل ما ذكره في تلك التصريحات ينطبق على دول بعينها وعلى خلافات دون أخرى؟ أم أنه يعني جميع الدول وكل الخلافات العربية العربية؟ المفارقة هي أن الدولة المستضيفة للقمة، التي ترغب في أن تكون وكما قال رئيسها أكثر من مرة «جامعة» و»موحدة للصف العربي» ما زالت في قطيعة دبلوماسية مع دولة عربية جارة، لا يني الإعلام الرسمي عن وصفها بالعدوة، ولا توحي مواقف مسؤوليها حتى الآن، بأن إعادة العلاقات المقطوعة وحل الخلافات معها تبدو في الأفق القريب ممكنة. ولأجل ذلك فإنه لن يكون من المنطقي، أن يسعى الرئيس الجزائري لإنجاح القمة عبر تكثيف الجهود والاتصالات لتقريب وجهات النظر بين الدول العربية، حول المسائل الخلافية بينها، فيما لا يبحث عن مخرج أو حل للقطيعة الموجودة بين بلاده وبلد عربي جار، أو يسد الباب أمام أي وساطة عربية، تهدف لإعادة تلك العلاقات، إلى سالف عهدها. فالمؤكد أن الحرص على إنجاح القمة سيتطلب منه، ومن دون شك، أن يبذل بعض التضحيات، وينزل قليلا من أعلى الشجرة، ويعطي المثل على أن القيادة الجزائرية مصممة بالفعل على تحقيق وحدة الصف العربي، وعلى احترام القرارات السيادية لجيرانها، حتى إن كانت لا تتفق معهم في بعض المواضيع أو تتبنى مواقف أو سياسات معاكسة لهم في ملف من الملفات. وهذا لن يتم الا بقبولها الجلوس مع المغاربة حول طاولة واحدة، ولو تحت أي صيغة كانت. لكن ما الذي سيجعل الجزائريين يقتنعون بالحاجة الملحة إلى ذلك؟ وهل إن كفة إنجاح القمة يمكن أن ترجح في نظرهم بالأخير كفة المصالحة مع الجار المغربي؟

لا شك في أن الأمر لن يكون هينا وبسيطا. ولأجل ذلك فإن المهمة لن تكون ملقاة فقط على عاتقهم وحدهم. فالدول العربية التي ستحضر إلى الجزائر ستتحمل بدورها قسطا من المسؤولية، عما يطلقون عليه في دوائر الجامعة العربية جهود تنقية الأجواء العربية، وستكون مطالبة بأن تقود مساعي ومبادرات سريعة وفاعلة للتطبيع بين الجزائر والمغرب، قبل الموعد الجديد للقمة، الذي لن يكون كما صرح بذلك الأمين العام المساعد للجامعة حسام زكي الأربعاء الماضي، قبل شهر رمضان الذي يحل هذا العام في إبريل المقبل. لكن السؤال هو هل يملك العرب الإمكانات والوسائل التي تسمح لهم بأن يكونوا وسطاء جديين بين الطرفين؟ ثم هل أن لديهم الرغبة والإرادة الحقيقية في أن يحل الإشكال بينهما وتستأنف علاقاتهما في أسرع وقت؟ لطالما أداروا ظهورهم للتوترات والمناوشات التي حصلت بينهما ولم ينظروا بجدية كبيرة للخلافات الجزائرية المغربية، تحت مبرر الانشغال الدائم بقضايا أخرى قد تكون في مقدمتها القضية الفلسطينية. غير أن الاستثناء كان حين عادت العلاقات بين الجزائر والرباط، أواخر الثمانينيات بعد أن قطعت مرة أولى منتصف السبعينيات في أعقاب اتهام المغرب للجزائر بأنها أخذت «مواقف معادية لوحدته الترابية» بعد جهود ووساطات قادتها السعودية. فهل سيكون الآن ممكنا تكرار ذلك في ظل القطيعة الثانية التي حصلت في غشت الماضي؟ من الواضح أن الجزائريين يرفضون حتى الآن أن تدرج خلافاتهم مع المغرب على جدول أعمال الجامعة العربية، ويردون بأن تلك الخلافات هي مسألة ثنائية، لا مجال لأن تتوسع دائرتها أبعد من ذلك. غير أنهم ليسوا مستعدين أيضا لأن يقبلوا بأن تقاطع بعض البلدان العربية قمتهم، وأن يكون الحضور فيها متدنيا ومحدودا، في حال ما إذا غاب المغرب عنها. وهنا فإن الفرصة قد تكون مناسبة في الأساس لبعض الدول الخليجية، التي تملك علاقات جيدة مع الطرفين لإقناعهما بجدوى طي الصفحة، والمضي في المصالحة. لكن هل ستنجح في ذلك؟ وهل سيتنبه الرئيس تبون وفي الوقت المناسب إلى أن مفتاح القمة الذي بحث عنه في القاهرة يوجد في مكان أقرب منها؟ ربما تتضح الصورة أكثر هذا الربيع.

كاتب وصحافي من تونس

مجموع المشاهدات: 8085 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (2 تعليق)

1 | Med
المصالحة أخيرا
المقال جميل شكرا للكاتب المصالحة جميلة كدلك الا ان النظام الجزائري ليس في صالحه إعادة العلاقات مع المملكة الشريفة فاساس قيامه وصمود أمام الحراك رهين بمدى عاداته المغرب لدلك لن يحيد عن مسار خلق تشنجات و مشاكسة الجار بين الفينة والأخرى والا فكيف نبرر هده الاتهامات ألموجهة المغرب والتي الأساس لها الا في مخيلة النظام العسكري الجزائر ي الدي يرى في تقدم وازدهار المغرب ضربة قاضية له
مقبول مرفوض
2
2022/01/26 - 01:11
2 | احسايني
المغرب والعالم العربي
هل يمكن لأي كان أن يتخيل قمة عربية دون المغرب،أو أن يكون المغرب ممثلا تمثيلا شكليا الا.المغرب كبير جدا يارئيس الجزائر، المغرب إن لم ترعوي سيقض مضجعك.بإستثناء دولتين إو ثلاثة،فالباقي شرفاء لا يرضون بالبهدلة في بلدكم الذي أصبح سخرية بين دول العالم.
مقبول مرفوض
0
2022/01/26 - 03:39
المجموع: 2 | عرض: 1 - 2

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة