تطورات المواجهات المسلحة العنيفة بالقرب من الحدود الجزائرية
في أحدث التطورات القتالية في مالي، أعلن الانفصاليون الطوارق تحقيق “انتصار كبير” الأحد، على الجيش المالي وحلفائه الروس، بعد ثلاثة أيام من “قتال عنيف” في بلدة تينزاواتن القريبة من الحدود مع الجزائر في شمال البلاد.
وقال المتحدث باسم تحالف جماعات انفصالية يهيمن عليها الطوارق، محمد المولود رمضان، في بيان، “دمرت قواتنا بشكل نهائي قوات العدو السبت، وتم الاستيلاء على عربات وأسلحة مهمة أو إتلافها.
وتابع البيان الذي أوردته فرانس برس، “أُسر العدد القليل من الناجين من صفوف فاماس ومليشيا فاغنر الروسية”.
والطوارق جماعة عرقية تسكن منطقة الصحراء الكبرى، ومنها أجزاء من شمال مالي. ويشعر العديد منهم بالتهميش من جانب الحكومة المالية، ويطالبون باستقلال منطقة أزواد عن باماكو.
ومنذ عام 2012، تشهد مالي أزمة أمنية عميقة بدأت في الشمال وامتدت إلى وسط البلد وإلى بوركينا فاسو والنيجر المجاورتين.
وفي عام 2015، وقعت الحكومة المركزية بمالي “اتفاق السلم والمصالحة” مع الطوارق، بوساطة من الجزائر، وتضمن الاتفاق 68 بندا، أهمها اعتراف باماكو بخصوصية الإقليم الشمالي في إطار الدولة الموحدة.
كما أعلنت باماكو قبولها بالتوسع في تطبيق اللامركزية، لتتيح تمثيلا أكبر لأبناء الشمال بالجمعية الوطنية، ورفع مستوى التنمية بالشمال، ليعادل نظيره بالإقليم الجنوبي.
وفي يناير الماضي أعلن المجلس العسكري الحاكم في مالي، إنهاء الاتفاق، بعد مواجهات بين الجيش والمسلحين الانفصالين، وأرجع السبب إلى “التغير في مواقف بعض الجماعات الموقعة على الاتفاق وإلى “الأعمال العدائية” من جانب الوسيط الجزائر”.
والخميس، اندلعت معارك غير مسبوقة منذ أشهر بين الجيش والانفصاليين في بلدة تنزاواتن القريبة من الحدود مع الجزائر، بعدما أعلن الجيش، الاثنين، أنّه سيطر على منطقة إن-أفراك الاستراتيجية الواقعة على بُعد 120 كلم شمال غرب تيساليت في منطقة كيدال.
ودفع المجلس العسكري الذي وصل إلى السلطة في مالي، بعد انقلابين في عامي 2020 و2021، بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار (مينوسما) للانسحاب من البلاد.
واتهم المجلس العسكري، البعثة بـ “تأجيج التوترات المجتمعية”، مما أدى لعودة التوترات بين الطوارق والحكومة المركزية، مع سعي الطرفين للسيطرة على القواعد التي أخلتها البعثة في شمال البلاد.
وكذلك قطع المجلس العسكري العلاقات مع فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة التي نشرت قواتها في البلاد لمحاربة الجماعات الإرهابية بالمنطقة، ووثق في المقابل صلاته مع روسيا، عن طريق مجموعة فاغنر.
وجعل المجلس العسكري من استعادة السيطرة على كامل أراضي البلاد إحدى أولوياته.
وفقدت الجماعات الانفصالية المسلّحة السيطرة على مناطق عدة في شمال مالي في نهاية 2023 بعد هجوم شنّه الجيش، بلغ ذروته بسيطرة قوات باماكو على مدينة كيدال، معقل الانفصاليين.
وذكر عدد من المدونين العسكريين الروس الأحد، أن 20 شخصا على الأقل من مجموعة فاغنر قُتلوا في كمين بالقرب من الحدود الجزائرية، وفق رويترز.
وقال المدون العسكري الروسي البارز سيميون بيغوف، الذي يستخدم اسم (وور غونزو)، إن “موظفين من مجموعة فاغنر العسكرية الخاصة، الذين كانوا يتحركون في قافلة مع القوات الحكومية، قُتلوا في مالي، وتم أسر بعضهم”.
وذكرت قناة بازا الإخبارية على تطبيق تيليغرام، ذات الصلة بالمؤسسات الأمنية الروسية، أن ما لا يقل عن 20 من مسلحي فاغنر قتلوا.
وقالت وكالة رويترز إنها لم تتمكن من التحقق بشكل مستقل من تقارير المدونين.
ولعبت فاغنر دورا بارزا في بعض من أعنف المعارك في الحرب الروسية في أوكرانيا، لكن مستقبلها أصبح موضع تساؤل عندما قُتل زعيمها يفغيني بريغوجين في تحطم طائرة في أغسطس الماضي، بعد شهرين من قيادته تمردا قصيرا ضد موسكو.
وتقول سلطات مالي إن القوات الروسية الموجودة في البلاد ليست مرتزقة من فاغنر بل مدربين يساعدون القوات المحلية في استخدام المعدات المشتراة من روسيا.
وذكر تقرير قناة بازا، الأحد، أن مسلحي فاغنر موجودون في مالي منذ عام 2021 على الأقل.
ولم يعلن الجيش المالي وحلفاؤه الروس عن حصيلة قتلى المواجهات الجديدة، في حين أرسل المتحدث باسم الانفصاليين مقاطع فيديو إلى وكالة فرانس برس تظهر جثثا عديدة تعود لأفراد الجيش وحلفائه.
ويظهر في بعض مقاطع الفيديو جنود بيض بين الأسرى.
واستغلت الجماعات المسلحة المرتبطة بتنظيمي “القاعدة” و”داعش” الأوضاع الأمنية المتدهورة في مالي منذ سنوات، من أجل الانتشار وتوسيع هجماتها ومناطق نفوذها في دول غرب أفريقيا المجاورة.
وتنشط في المنطقة الحدودية بين دول النيجر وبوركينا فاسو ومالي تنظيمات إرهابية عدة، قوّت حضورها خلال السنوات الأخيرة، خاصة بعد عدوى الانقلابات العسكرية التي تشهدها المنطقة منذ عام 2020.
ومن أبرز الجماعات التي تنشط بالمنطقة، “تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”، وجماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” التابعة لتنظيم القاعدة، وتنظيم الدولة الإسلامية في ولاية الساحل – المعروف سابقا باسم داعش في الصحراء الكبرى، بحسب الخارجية الأميركية.
عدد التعليقات (0 تعليق)
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟