ذ : عبد الصمد الحناوي
لم يعد لدى المخزن المغربي _ هذا المخلوق الرائع _ ما يفعله من أجلنا بعد كل التضحيات الجسام التي بذلها من أجلنا – فنحن طماعون – وقديما قال المغاربة : الطماع كيديه الكذاب .
نحن شعب طماع لا نشبع ، وحسنات المخزن أكثر من أن تحصى ، فهو الذي أفنى عمره في حبنا ، بل شاخ وهرم وهو يحاول محو أميتنا ، ونحن لا زلنا لا نميز بين حرف الألف وبين الزرواطة ( العصا الغليظة لمن لا يعرف لغة المغرب الخاصة ) .
كم هو ظالم هذا الشعب الذي لم يدرك بعد أن الجوع _ رغم آلامه _ حمية فعالة ضد أمراض التخمة و السمنة ، و أن البطالة عطلة مجانية لتجديد النشاط و الحيوية ، و أن المخدرات منشط فعال لنسيان الهموم و الآلام بدليل القاعدة الفقهية : ما أسكر قليله فكثيره حلال ، و أن الرشوة مجرد ( قهوة ) يتلذذ بها أصحاب الحال عندنا عندما تصاب جيوبهم بالصداع .
أي ظلم أن ننكر لمخزننا العتيد كل هذه المنجزات التي أفنى فيها ... و كل ذلك من أجلنا .
أي غباء يعترينا حين نطالب بالديمقراطية ، و ما هي إلا أكذوبة ضحك بها الغرب على شعوبه ، و أراد تسويقها لنا ليحرمنا نعمة الطاعة و الانقياد .
أي جهل يغمرنا حين ننتظر أحزابا نظيفة طاهرة ، تدافع عن حق المهضوم ، وتبين للظالم ظلمه ، وننسى أن تلك الأحزاب لا توجد إلا في المصحف ( كلام رب العالمين ) .
ذكاء مخزننا لا حدود له ، فبدل أن يجمع الدكاترة في مؤتمرات لا طائل منها تضيع بها أموال الشعب ، فهو يجمعهم من غير ميعاد على باب البرلمان ، ليناقشوا قضاياهم على العشب الأخضر شتاء ، و على الإسفلت صيفا . و بدل أن يشيد لنا المدارس و الجامعات التي تفسد عقولنا بمعاني النضال و الحرية ، شيد لنا سجونا ليعلمنا معنى الصبر _ و أن التيساع في القلب _ .
كنا و لا زلنا ساذجين ، نعتقد أن الأرض و ما عليها ملك لنا ، و أننا متساوون في أرزاقها ، فنبهنا مخزننا الرشيد أن القناعة كنز لا يفنى ، و أن من ينظر إلى الأعلى يتعب بسرعة ، و أن الرضا بقضاء الله جوهر الإيمان . كنا نسمي الانتخابات لعبة مزورة ، و مسرحية سخيفة مللنا من فصولها المتكررة ، فأرشدنا الى أنه هو أدرى بما يصلح به حالنا ، و يقيم به اعوجاجنا .
إننا نشكر مخزننا عن كل ما قام به من أجلنا ، و نعترف له بأنه أبونا و أمنا و نحن لا نعق الوالدين ، و لن نتخلى عن قناعتنا الراسخة التي علمنا إياها آباؤنا و أجدادنا ( ايلا خطانا المخزن يضربنا الخلا ) .
فدمت لنا حارسا أمينا و دمنا لك رعايا أوفياء .
