الرئيسية | أقلام حرة | ماذا بعد إلغاء مباراة التوظيف في التعليم؟

ماذا بعد إلغاء مباراة التوظيف في التعليم؟

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
ماذا بعد إلغاء مباراة التوظيف في التعليم؟
 

 

بعد أن أعلنت وزارة التربية الوطنية على تواريخ إجراء مباراة الدخول إلى المراكز الجهوية لمهن التربية و التكوين المزمع إجراؤها في12 و 13 شهر شتنبر، تفاجأ الجميع من قرار الوزارة التي ألغت هذه المباريات مكتفية بإصدار بيان مقتضب ينفي إلغاء المباراة و أنما فقط إلغاء جملة' مباريات التوظيف" إلى جملة" مباريات التكوين".

 بصريح العبارة ، و بدون مراوغات ،يعني أن الدولة ستقوم بتكوين الأساتذة أو العدد المطلوب في إعلان المباراة، لكن بدون إعطاءهم وعدا بالتوظيف عند انتهاء السنة التكوينية ، بل سيكتفون بالحصول على دبلوم يؤهلهم للتدريس في الأسلاك الثلاثة للتعليم ، أما الحصول على عمل بعد التخرج فهو غير مضمون لأنه سيكون في حدود المناصب المالية التي لن يعرف أحد عددها إلا الله و أصحاب القرار في الوزارة و الحكومة ووزارة المالية.

  جميل أن تأخذ الدولة على عاتقها تكوين الطلبة المجازين و إعطاءهم مؤهلات للقيام بوظيفتهم التربوية و التعليمية ، لكن سؤالا بسيطا يطرح نفسه هنا: " ما جدوى الحصول على دبلوم لن يشفع لي في الحصول على وظيفة؟ و لماذا أضيع عاما إضافيا إذا كنت في الأصل حاصلا على إجازة تعليمية؟ " 

 أليس من الأفضل أن اذهب مباشرة إلى العمل في القطاع الخاص بعيدا عن هاجس الخوف من التعيين في المناطق النائية و بعدها الدخول في دوامة الحركة الانتقالية و الالتحاق بالأزواج و عدم توفر البنيات التحتية و الطرق و المواصلات؟

 قد يقول قائل إن هذا الكلام غير دقيق و صحيح، لأن الدولة ستقوم بتوظيف هؤلاء بحسب عدد المناصب المالية التي ستتوفر العام المقبل و قد تكون مطابقة لعدد الناجحين. و حسب الخصاص في كل جهة. 

 سأتفق معهم لو كانت الحكومة تهتم لمصلحة الوطن و لا يهمها التوازنات الماكرو اقتصادية, لكن الجميع يعلم أن الأمر يتماشى مع خطة الحكومة لتمرير مشروعها  المشؤوم في التوظيف عن طريق العقدة التي تريد تمريره من النافذة بعد أن فشلت في تمريره من الباب و الطرق المشروعة : أي البرلمان.

   الدليل على ذلك أن أغلب المشاريع اللاشعبية التي مررتها الحكومة ،و من بينها هذا القرار ، لم تصادق عليها في وقت الدورات البرلمانية، بل تمررها في المجلس الحكومي وتصادق عليها إبان العطل البرلمانية. وهنا مربط الفرس، لا أحد يفهم بعد كل ما يجري ،هل الحكومة سلطة تنفيذية أم تشريعية؟ 

  للتوضيح أكثر و لشرح خطة الحكومة, إذا كان عدد  المتخرجين من المراكز الجهوية هو 8000 و عدد المناصب المالية هو 7000 حتى لا نكون متشائمين رغم أن العدد ممكن يصبح أقل، هذا يعني أن 1000 متخرج سيجد نفسه عرضة للبطالة و هذا ليس دليلا على عدم كفاءته أو عدم استحقاقه للمنصب. لأن المناصب المالية هي التي ستحدد مصيره و ليس كفاءته. للمزيد من الشرح، عندنا 1000 أستاذ, الكل حصل على المعدل و أكثر في المباراة الخاصة بالتوظيف ، أي أنهم كلهم أو أغلبهم يستحقون المنصب لكفاءتهم، لكن المنصب المالي غير متوفر، ماذا عساهم يفعلون ؟ هل يشتغلون في القطاع الخاص؟ وفي أي جهة ترابية سيتوجهونبدبلوماتهم إذا علمنا أن الأجر في المدارس الخاصة يكون محترما فقط  في المدن الكبرى و في مناطق محددة و مدارس بعينها في هذه المدن. 

   السؤال الأهم :هل في ظل الخصاص الذي تعرفه الموارد البشرية في قطاع التعليم ستقوم الدولة بتشغيل ما تبقى خارج المناصب المالية في إطار " العقدة" قبل أن تتخذها إجراء عاما في السنوات المقبلة؟

إن المتتبع لمسار الحكومة الحالية، لا يمكنه إلا أن يتشاءم و يفكر ، بل يؤمن بأن هذه الأمر هي ما ستحدث مستقبلا، و حتى إن جاء أي تكذيب لهذه التخوفات من طرف الحكومة  ، فإننا لن نصدق الأمر بسهولة لأنها غالبا، إن لم يكن دائما، تقوم بتكذيب حقيقة الإجراءات التي تعتزم تطبيقها خصوصا إذا  نبه إليها أناس من المعارضة أو النقابات أو الجمعيات المدنية أو الصحافة ،حيث تقول في البداية إن ذلك مجرد تشويش على تجربة الحكومة من طرف لوبيات الفساد قبل أن تعتمدها و بنفس السيناريو الذي كذبته في الاول  تحت ذريعة الإصلاح الذي لا بد منه.

  إننا ، كمواطنين مغاربة، يهمنا مصلحة الوطن و لا يمكن لأحد أن يزايد على الأخر في هذا الحب، لكن أن يكون الإصلاح في ميدان حساس كالتعليم الذي أوصى جلالة الملك نصره الله أن يكون بعيدا عن الصراعات الحزبية و الإيديولوجية، وأوصى في خطابه الأخير أن ينال من الاهتمام و تحسين أوضاع العاملين فيه كل العناية، ثم بعد كل هذا  نرى مثل هذه الإجراءات التي تركز على الإصلاح السطحي بدل الجوهري، فهنا لا يمكننا أن نتفاءل حول مستقبل فلذات أكبادنا، و وطننا، لأن الوطن هو بالإضافة إلى الأرض و السماء، هو شعب يحس بالأمان في كنفهما و ليس مجرد شعب قد ألف "الخبز و أتاي".

 

  الشعب انتخبكم لتحسين و ضعيته و ليس لتحسين وضعيتكم أنتم، وهنا لا أركز على حزب معين ، لأن الحكومة تتشكل من اربعة أحزاب و هذه القرارات تتخذ من طرفهم جميعا، لذا فمسؤوليتهم مشتركة ولن يأتي أحد ليكذب علينا و يقول أنه كان ضد هذه الأمور أو القرارات ،لأنه بكل بساطة لم يصدر أي بيان أو استنكار من طرف أي منهم، و بالتالي فكلهم موافقون على ارتكاب هذه الجريمة في حق أبناء الوطن.

 
مجموع المشاهدات: 1964 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة