الرئيسية | أقلام حرة | الضمير العربي..!!

الضمير العربي..!!

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
الضمير العربي..!!
 

 

    بالأمس صلينا ركعتين حداداَ، ووقفنا دقيقتين صمتا ترحماََ على شخص يدعى قيد حياته "الضمير العربي". كنت واقفاَ من بين الجموع، متأثرا بفراق العزيز، وكانت عيناي تدمع من شدة الفراق...، لكن قبل ذلك دعوني أعود بقارئي العزيز إلى الوراء كي تتضح له الصورة بعض الشيء، فبالماضي القريب، وذات يوم استيقظت مسرعا على صرخة عالية مدوية، متبوعة بكلمة شديدة الحزن " إن لله وان إليه راجعون "، انتابني خوف شديد ...، فمن المتوفى، ومن تركني بدون استعلام؟؟ 

سارعت إلى مصدر الصوت فوجدت الشخص المعني منهكا، تحسست نبضه فوجدته  لم يفارق الحياة بعد، ناديت في من حولي، أسرعوا اطلبوا الإسعاف، انه لازال على قيد الحياة، فسارع أحدهم وطلب الإسعاف، ونقلناه على وجه السرعة  إلى اقرب مستشفى،  فشخص الطبيب حالته الصحية، وصاح بنبرة يملؤها الأسى قد فات الأوان، "إن لله وان إليه راجعون".

   قد توفي الشخص وترك ورائه اثنين وعشرون ابنا وبنتا، على شكل دول عربية حدودها الجغرافية تمتد من المحيط إلى الخليج، لكن الآن انضاف إلى مشكل الموت المفاجئ مشكل أخر، ألا وهو أين سيدفن الأب المتوفى، لأن كل ابن من أبناءه أراد لنفسه أن يحظى باحتضان قبر والده، فاختلفوا فيما بينهم حول مكان الدفن، فمنهم من قال في بلاد الشام ومنهم من قال في شمال إفريقيا، فاشتد الصراع بينهم واحتكموا إلى أصدقائهم الأجانب، فوجدوا جارا أجنبيا غربيا  يدعى "الأمم المتحدة"، اقترح عليهم مكان الدفن ببلاد الكنانة أو بلاد "الفراعنة" كما يحل لي تسميتها، بحكم تواجدها الجغرافي في وسط الدول العربية، واشترط عليهم أن يكون هذا القبر تحت إمرته، وان يشتركوا جميعهم في بناء ضريح أو بناية عالية له، ويطلقوا عليها اسم من التسميات يكون شبيها بعض الشيء باسمه الذي هو "الأمم المتحدة"، فقبلوا هؤلاء الأبناء بشروط الجار، بالرغم من أنها كانت قاسية عليهم جميعا، فلما لا وهم لم يستطيعوا حل مشاكلهم بينهم، ورضوا بإقحام الغريب بينهم، فاختاروا لضريح أبيهم المسمى قيد حياته "الضمير العربي" كما ذكرت أنفا، اسم "جامعة الدول العربية" حيث مدفون فيها هذا الأخير...

لكن الآن بعدما فتح هؤلاء الأبناء الباب على مصراعيه للغريب الأجنبي، كي يتدخل في شؤونهم الداخلية ويعلم بأسرارهم وخباياهم، فقد جنوا على أنفسهم شرا كان في الأصل خامدا، فحينما تفتحُ المجال للغريب كي يتدخل في شؤونك الداخلية، فاعلم انه سيُصيبك ما أصاب الثيران الثلاث من الأسد الهائج، الذي كان يتسنى الفرصة الملائمة ليقحم نفسه بينهم، كي يسهل عليه القضاء على المجموعة واحدا تلو الأخر.

فتشبيهي هذا ما هو إلا صورة مصغرة ومختصرة لما عانت ولا زالت تعاني منه الأمة العربية من التدخل الأجنبي في قضاياها، علما أن هذا "الغريب" يؤمن بعقيدة مغايرة و ثقافة مختلفة عن الثقافة الإسلامية تحمل في طياتها شحنة سلبية عن هذا المجتمع، فكما لا يخفى عن الجميع أن المجتمع الغربي والأمريكي بالأساس يريد توحيد العالم تحت مسمى "العولمة" أو"الأمركة"، بغض النظر عن اختلاف معتقدات الشعوب الأخرى، لأنه أساسا يهدف إلى هدمها.

فبعدما وقع الموت المفاجئ للأب الذي كان يجمع أبناءه وأحفاده تحت سقف واحد اسمه "الأمة العربية"، راح كل ابن من أبنائه يبحث عن صديق أجنبي يستأنس به، فكانت الطامة الكبرى بوضع بعضهم يده بيد الغريب الذي يحمل وباء معديا، مما أدى إلى انتشار الوباء بالبيت العربي، وصارت النتيجة إصابة بعض الأبناء "بفيروس" مميت، نتج عنه احتلال الكيان الصهيوني لدولة فلسطين العربية الشقيقة، وسط صمت و اندهاش من الأبناء الآخرين، فنال الأسد والجبان في نفس الوقت بقعا من أراضينا، وأرسل للعالم الغربي رسالة مشفرة، مفادها أن الأمة العربية لم تعد كما كانت سالفا، وأن زمن صلاح الدين الأيوبي وطارق بن زياد قد ولى…

 
مجموع المشاهدات: 1226 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة