الرئيسية | أقلام حرة | القروض وتنميط حياة معظم الأسر المغربية

القروض وتنميط حياة معظم الأسر المغربية

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
القروض وتنميط حياة معظم الأسر المغربية
 

 

دخل الفرد المغربي أسفل القوائم

       عديد من التقارير الدولية والإقليمية ، تصنف دخل المواطن المغربي من بين أدنى المداخيل ؛ سيما إذا حصرنا هذا التصنيف في الدول العربية ، وبعض الدول الإفريقية ، ويكاد متوسط هذا الدخل يتفاوت بين 3000 – 4000 دولار سنويا ؛ مقارنة له مع   5300 دل في الجزائر و 4300 دل في تونس و 90,000 دل في الكويت.. ويستتبع هذه الهزالة في الأجور مستوى شظف العيش الذي تعيشه شريحة واسعة من الأسر المغربية ، حتى إن هناك إحصائية أخيرة ؛ يمكن معاينة آثارها ؛ في الأرياف والمناطق النائية ، وبعض جهات المغرب ، يعيش فيها المواطن المغربي على دخل لا يتجاوز دولارين 2 دل/ي يوميا !

لولا التكافل العائلي لكان المغرب أقرب إلى الصومال

       ألف المغاربة ؛ ومنذ وقت مبكر ؛ العيش تحت سقف عائلي ، كانت تأوي إليه في البدء أسرة مكونة من الأب وأسر أبنائه الثلاثة إلى أربعة ، فيكد هؤلاء ليوفروا العيش لجميع أفراد العائلة الكبيرة .. وقد استمر هذا النمط في التكافل العائلي أمدا بعيدا ، ليتفكك في العقدين الأخيرين تحت طائلتي البعد الجغرافي وحدة الظروف الاقتصادية . لكن ؛ ومع وطأة هذه الظروف الطارئة ؛ ظلت عديد من الزيجات ، يشتغل فيها الآباء ليعولوا حياة أفراد العديدين منهم ، ويدفعوا بهم بعيدين عن حافة الفقر ، ومد اليد السفلى ، فلا القيم الإسلامية ولا التقاليد العائلية الموروثة تسمح لأحدهم أن يرى فردا من عائلته في قارعة الطريق يستجدي المارة .

ويرى خبراء الاقتصاد أن هذا الإرث الإسلامي والعائلي ، ما زال يقف ؛ بين الأسر المغربة ؛ كحصن حصين يحول دون انفجار الأوضاع المعيشية ، ووقوع الكوارث البشرية على غرار دول الجنوب كالصومال ومالي وملاوي وبوركينافاسو ...

إغراءات الحياة وحمى القروض 

       يلاحظ أن المواطن المغربي ؛ سيما المنتمي إلى الطبقة الوسطى ؛ كثيرا ما تستفزه مظاهر الحياة ، وتغريه بمقتنياتها ، فيستكين لها ويغدو باحثا عن اقتناء شقة مع سيارة بباب العمارة .. وقد يكون مدفوعا للهث وراء هذا "المستوى" واللحاق به محيطه الاجتماعي ، وأحيانا أبناؤه واحتكاكهم بأندادهم من ذوي العائلات الميسورة .. فيكون الأب أو الأم أو هما معا مضطرين ؛ تحت طائلة زحمة الحياة المعقدة ؛ إلى رهن رقابهم وجيوبهم تحت جشع مؤسسات القروض والمصارف المالية بقصد الاستدانة ، أو تمويل مشروع استهلاكي ما ، فلا تنصرف سوى مدة وجيزة حتى يلفوا أنفسهم مدينين بمعظم مداخلهم ، وقد لا نغالي إذا عثرنا على نسبة هامة من هؤلاء المقترضين لا تُبقي لهم الأبناك سوى مبلغ 1000,00 دهـ/ش . فكيف سيواجهون ضروريات الحياة من تغذية وتمدرس وتطبيب وطوارئ ... الخ ، بل تنمط حياتهم وفق ضوابط خانقة ، إن خرقوها وجدوا أنفسهم ملقى بهم إلى قارعة الطريق .

مغامرات ذات عواقب تراجيدية

       بعض الأسر المغربية ؛ من فرط عيشهم دوما على القروض الاستهلاكية ؛ " يحتالون " على سلعهم المقتناة ، ليضعوها رهن البيع بالرغم من أن الالتزامات القروضية لا تسمح بها ، لكن يحتالون عليها بدفع رشاوى إلى جانب تسديد ما تبقى في ذمتهم إلى جانب الرهون .. وهكذا يجدون أنفسهم ؛ بين عشية وضحاها ؛ لا مأوى لهم ولا منزل للسكن ولا سيارة ولا "هم يحزنون" ، الكل ذهب إلى جوف الأبناك ، ولا يترسب من مثل هذه المغامرات سوى أضاع أسرية مأساوية . 

هل تريد قرضا ؟!

       سبق لوالي بنك المغرب ؛ في تقرير سنوي للمؤسسة ؛ أن توقف عند نوعية القضايا والشكاوى التي ترد من زبناء الأبناك ، وخص بالذكر منها ملفات القروض ، والشبهات التي تحوم حولها ، فيما يخص تحرير العقود بين الأبناك والزبناء المقترضين .

ونرى من جانبنا ؛ كملاحظين متتبعين ؛ أن الأبناك ومؤسسات منح القروض ـ حتى ولو كانت في صيغة إسلامية ـ واعية بأن زبونها العادي يأتيها مضطرا ولا يرى غضاضة في التوقيع على كل الوثائق الملزمة بتعهداته ؛ وهي وثائق أو بالأحرى تعهدات مجحفة لا يفقه لها معنى إلا بعد انصرام أجل محدود ، واصطدامه بأول اقتطاع مالي والذي يكون مبلغه أكثر مما تم "القبول" به .. أو مدة الاقتطاعات تزيد بشهر أو شهرين على ما تم "الاتفاق" عليه .

مثل هذه الحالة منتشرة بين شريحة من الزبائن في القطاع الخاص أو المهنيين خاصة ، وحتى بعض الموظفين في القطاعات العمومية ، والذين وقعوا فريسة بين أيدي بعض السماسرة ، ومجرمي القروض ؛ ينتشرون خلسة جوار مبنى وزارة المالية ، ليستغلوا تواجد أعداد غفيرة من الموظفين ، قدموا من أنحاء المغرب ليبحثوا عن تسويات وضعياتهم الإدارية والمالية .

       إن ملفات القروض تستدعي تبسيط مساطرها ، وإعدادها بشفافية تامة ، وبلغة في متناول الجميع مع ضرورة جدولتها ، وإعادة النظر في أسعار فوائدها تبعا للوضعية العامة للمواطن المقترض . 

 
مجموع المشاهدات: 847 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة