الرئيسية | أقلام حرة | إحنا بتوع السياسية

إحنا بتوع السياسية

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
إحنا بتوع السياسية
 

أن يأتي سياسي قادم من عالم المال وأعمال فيما بات يعرف بالقادمون من التجارة إلى عالم السياسة، ويقفزون على رقاب السياسيين الدهاة المحنكون المحتكون بالطبقات الشعبية والجماهيرية، والعارفون بألم ونكسات المواطنين والمواطنات في جل الاوضاع المعيشية المزرية التي يتجرعون مراراتها، فنكون إزاء وضعية جديدة من حكم الأوليغارشية على غرار حكم التكنوقراطي الذي ما زال المغرب يحارب من أجل القطع مع أسطورة التكنوقراطي مفضل على السياسي الحزبي الملتزم، وأما أن يأتي تاجر أو مقاول...، خاصة من المقاولين الكبار في ثوب سياسي ضيق من أجل الدفاع عن الطبقة الشغيلة التي هي تشتغل لدى هؤلاء المقاولين الكبار، لا يمكن البتة أن يقبل عاقل أو حتى أحمق بهذه المعادلة التي لا تقبل الحل ما عدا أن تؤول المعادلة باتجاه المقاولين الكبار على حساب الطبقة الكادحة والمتوسطة، فالتجار و المصرفي والمقاول لا يعرف في قاموسه اللغوي والمعرفي والاستراتيجي إلا" مفهوم كسب الربح والربح المضاعف" لو تحت ذريعة" الوسيلة تبرر الغاية" أو حتى تحت المسمى الجديد في لغة المقاول السياسي "الربح يبرر الوسيلة المستعملة" التي من ضمنها التخفي تحت قبعة السياسي الوطني.

 

فلا شك من أن اجتماع المال والسلطة السياسية في يد شخص واحد، لا تعدو كونها دكتاتورية من نوع جديد يتم ابتداعها على شاكلة الرأسمالية المحاسيبية، فكيف مثلا للوزير الذي يرأس القطاع الحكومي أن يفرض الضرائب والرسوم على بطانة وحاشيته من المقاولين الكبار من أجل الشعب، فليس من الغريب أن تجد جل المقاولين الكبار محافظون متمسكون بإبقاء الاوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بدون تغيير، ما داموا يستفيدون من النظام السياسي، وإن تم المساس بالنظام السياسي أو أحدى مؤسسات فإنه لا يفكر إلا في الرحيل وتهريب أموال إلى بر الامان.

 

ولا ريب أن يفطن السياسيون الدهاة إلى مصطلح الرأسمالية المحاسيب، الذي في كنه المقاول الكبار يعتمد على ربط علاقات قوية و متينة مع المسؤولين الحكوميين، وبل حتى وصول هذه الطبقة إلى مراكز القرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي عبر القنوات الحزبية، من أجل خدمة مصالحها الخاصة بإمتياز، من خلال المحاباة و المحسوبية من أجل استصدار التصريحات الحكومية، فيما يتعلق بالرخص والتسهيلات الضريبة والجمركية الخاصة وغيرها من أشكال التأثير على التوجه الاقتصادي، فغالب ما تجد هذه الطبقة تتكتل ضمن جبهة موحدة أو ضمن مجموعات تجارية صناعية كبرى تسعى جاهدة

 

لتأثير في التوجه الاقتصادي والسياسي للدولة ، فهذه الطبقة لها شعور قوي بالانتماء إلى نفس الطبقة ويتعدى هذا الشعور القوى بإنتماء إلى خارج حدود الدولة.

 

لهذا، فالرأسمالية المحاسيب بكل بساطة تسعى للجمع بين السلطة السياسية والمال لإحكام السيطرة المطلقة على المجتمع.

 

فعندما تدخل الطبقة الغنية لحقل السياسية، فلا تنتظر منهم خدمة الشعب والصالح العام ، بقدر ما يخدموا مصالح الطبقة التي جاؤوا منها، فمن أمثلة أنهم لا يكترثون إلا للدوائر الصغيرة التي يتحلقون بها، كلما صعد إلى السطح مقترح بالضريبة على الثروة أو الضريبة على الارث وإلا يتم إقباره بسرعة خاطفة، خاصة وأنهم يعرفون أن قوتهم تكمون في انتقال الثروة من جيل إلى جيل بكل سلاسة.

 

فمن المثير أيضا في وضعية المقاولين الكبار، عند إلقاء نظرة شاملة من خارج الاطار، فإن أفراد هذه الطبقة في أي مجتمع عادة ما يكونون مثقفين وحاصلون على تعليم يكاد يكون استثنائي وخاص بالطبقة الغنية، فليس من العجيب أن يحرص الآباء هؤلاء على ضمان لإطفالهم الدخول إلى هذه الطبقة الغنية عندما يكبرون عبر محدد اللغات والشهادات العليا والقرب من دوائر الحكم، لإعادة تكريس نفس السناريو.

 

والجدير بالذكر، فسيطرة الطبقة الغنية على الاقتصاد له تأثيرات كبيرة على باقي المؤسسات الدولة السياسية ولا سيما التعليمية والدينية منها.

 

 

فبالعودة إلى المجتمع المغربي، فهذا الطرح حاضر بقوة وبامتياز ضمن طبقات المجتمع المغربي، فعند استقلال المغرب فقد حرص العائلات الغنية المحسوبة على تيار سياسي معين على تسجيل أبنائهم في المدارس الراقية الخاصة وبل حتى إرسال أبنائهم إلى خارج من أجل استكمال دراستهم في أرقى الجامعات العالمية، والعودة في نهاية المسار إلى المراكز الحكومية المؤثرة على الاقتصاد والسياسة فيما بات يعرف بحكم العائلات، وبالتالي فإنه ينبغي التصريح بالقول بأن الطبقة الغنية لن تكون القط محايدة إزاء السلطة السياسية والدينية في المجتمع، فهي دائما تسعى لبسط هيمنتها على السلطة السياسية، وفي أخيرا يأتي هؤلاء المقاولون الكبار ويقولون إحنا بتوع السياسة.

مجموع المشاهدات: 554 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة