غضب جماهيري تونسي بعد التعادل أمام تنزانيا: منتخب ضعيف بلا روح وأداء مخيب

وسط أجواء قاسية.. السلطات المحلية بتزي نغشو تواصل فتح الطرق المقطوعة بسبب الثلوج بإقليم ميدلت

مغاربة يدعمون المنتخب التونسي أمام تنزانيا في أجواء أخوية بالملعب الأولمبي بالرباط

الركراكي يؤكد: أمرابط عنصر أساسي ونحتاجه في قادم المباريات

الركراكي: المغربي ممكن يتقلق عليك فالصباح، ولكن فالليل يوقف معاك ويعرض عليك

رغم الفوز أمام زامبيا.. لاعبو المنتخب المغربي يرفضون تقديم التصريحات للمنابر الإعلامية

هل فرط أساتذة التعاقد في تلامذتهم؟

هل فرط أساتذة التعاقد في تلامذتهم؟

أنس السبطي

بعد كل إضراب يخوضه رجال التعليم تتعالى أصوات مجتمعية عديدة مستنكرة هدر الزمن المدرسي الذي نجم عن الإضراب داعية إلى الحفاظ على حق التلاميذ الكامل في التعلم، وهذا أمر طبيعي، فلا أحد ينكر تضرر التلاميذ من ضياع حصصهم ولا أحد من المضربين يريد أن يلحق الأذى بهم، غير أن المشكلة في أن الكثير من تلك الأصوات لا تذهب للعنوان الصحيح، فعوض أن تحمل الدولة مسؤولية ما آلت إليه أمور التلاميذ، فإنها لا تصوب سهامها إلا في اتجاه الأساتذة غاضة الطرف عن دوافعهم، فيتم تصويرهم على أنهم أنانيون ضحوا بمصلحة التلاميذ من أجل مصالحهم الضيقة.

 

الحقيقة أننا أمام اعتقاد خاطئ يجعل من مثل هذه التصورات تصورات رائجة على المستوى الشعبي، ذلك أن تصوير الأستاذ بأنه المسؤول الحصري على التلاميذ هو مغالطة تتعمد الدولة تكريسها حتى إذا ما حدث أي تعثر للمتعلم، فوحده المدرس من تعلق مشنقته وتبرؤ باقي الحلقات الأخرى أو لا تأخذ نصيبها من المسؤولية، وهذا ما ينعكس على حالة الإضراب، فبدل أن تتحمل وزارة التعليم مسؤوليتها عن عجزها على تأمين الزمن المدرسي وإيصالها لوضع جزء من موظفيها إلى هذا الوضع تتهم من يمارس حقه الدستوري بأنه المعرقل للعملية التعليمية التعلمية.

 

الدولة تقع في تناقض صارخ بين ما تخطه في قوانينها التي تزعم أنها تحاكي النظم العالمية وبين ممارساتها التي تنزع نحو القهر والإخضاع وعدم الاعتراف بأي من الحقوق، حيث تفضحها دعايتها التحريضية التي تتجه نحو هدم مبدأ دستوري بضربه من الزاوية الأخلاقية، بعد أن تحايلت في البداية على الشغيلة حين ادعت شرعنة الإضراب شريطة الاقتطاع من العمل رافعة شعار ألا أجر بلا عمل ظانة أنها ستوقفه، لكنها عندما فوجئت بتحدي الأساتذة لإجراءاتها التعسفية عادت لاتهامهم في وازعهم وضميرهم المهني. إننا أمام تعاقد بين المشغل والأجير على عمل يضمن توازنا بين الحق والواجب في العلاقة بين طرفي هذه المعادلة، ولئن كان المشغل قادرا على

 

استخلاص حقوقه، فمن يضمن التزامه بأدائه لواجبه تجاه الأجراء وعدم التعسف عليهم؟ وكيف يمكن أن يدافع ذلك الأجير أو الموظف على حقوقه في حالة انتهاكها؟

 

للأجير أو الموظف الحق الكامل في الدفاع عن نفسه وعن كرامته وحقوقه المسلوبة، بالاحتجاج عما طاله من إجحاف عبر خوضه لأشكال سلمية مختلفة أو عبر الامتناع عن العمل مؤقتا فيما يعرف بالإضراب.

 

هذا أمر أصبح بدهيا ومحسوما ويستند إلى مبررات قانونية وأخلاقية قوية، ومن المؤسف أن هناك من يعيد إعادتنا للوراء بالطعن فيه مستغلا ثقافة الحقوق الفقيرة في بلادنا، حيث لا يزال البعض يعتبر نفسه ضيفا في هذه الأرض أو مجرد خادم في ضيعة الأسياد، وليس مواطنا كامل الحقوق ومن واجبه الدفاع عنها بشتى الوسائل الحضارية. لا ينبغي إذا أن يفهم الإضراب على أنه ابتزاز للدولة ولي لذراعها واستغلال للتلاميذ لتحقيق هذه الغاية، الإضراب صرخة تنبه للأوضاع الصعبة وأنه ما عاد بالإمكان أن تتحقق المردودية المرجوة في ظل ظروف اشتغال كارثية، وهو دعوة للدولة إلى مراجعة نفسها إن كان يهمها فعلا إصلاح الحقل التعليمي.

 

كذلك فإن الإضراب ليس ترفا خصوصا مع الإجراءات الحالية، فلا يضطر لخوضه إلا من يحس بالغبن الشديد لا سيما إذا تحول إلى إضراب مفتوح كما في حالة تنسيقية الأساتذة الذين فرض عليهم، حيث يجازفون بتعريض رواتبهم إلى اقتطاعات لا تنتهي والتي قد تتطور إلى توقيف الأجرة ومجالس تأديبية أو إلى غير ذلك من الاعتداءات المخزنية. والمضربون من تنسيقية "الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد" لم يضربوا ليبقوا نائمين في بيوتهم أو ليجلسوا في المقاهي وليحظوا بقدر من الراحة على حساب تلامذتهم، وجميعنا رأى كيف يفترش مناضلوها الأرض ويلتحفون السماء وينكل بهم فتسلخ أجسادهم ويتعرضون للإهانة الشديدة من لدن الأجهزة القمعية. ثم إن خوضهم للإضراب المفتوح جاء بعد صم الدولة لآذانها عن مطالبهم بل والتصعيد في عدوانها عليهم بعدم صرف أجورهم المستحقة دون أي مسوغ قانوني.

 

كل هذا يعبر عن عمق معاناتهم التي لا يفهمها الكثيرون، والذين لم يستوعبوا أن قضية المتعاقدين أكبر من مسألة الراتب فهي معركة كرامة بالأساس وأن ما دفع هذه الشريحة للاحتجاج هو أنها لا تريد أن تغمس لقمة عيشها بالذل والانبطاح مثلما كان يود من فرض خيار التعاقد على قطاع التعليم.


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات